شكّل تكريم اسم موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في السعودية، مؤخرًا، حدثا استثنائيا كبيرا، لأنه أثبت للجميع أن عبد الوهاب رغم رحيله عن عالمنا منذ فترة طويلة إلا أن مكانه لا يزال شاغرًا، فلم يأت بعده من يملأ الفراغ الذي تركه، فهو اعظم موسيقى عربي في القرن العشرين بلا منازع، حيث قدم لنا فنا عربيا عابرا للمسافات والحدود، وأن فنه مهما غاب يتجدد ويعود.
الحفل من تنظيم شركة Benchmark وأحياه المطرب لؤي والمطربة ريهام عبد الحكيم ضمن مهرجان موسم الرياض، وحضره المهندس محمد محمد عبد الوهاب وشقيقته عفت، وكذلك أحفاد موسيقار الأجيال عمر وهاشم وياسمينة وأمينة.
هذا الحفل بعث في النفوس عبير الماضي، وأجواء زمن الفن الجميل بكل ما يحويه من ديكورات فخمة وغناء وطرب وموسيقى عذبة، كل ذلك في كبسولة منشطة ومنعشة للذاكرة وللحالة الغنائية العربية بشكل عام.
قاد الفرقة الموسيقية المايسترو نادر عباسي وكان بصحبته ٨٠ عازفا في أوركسترا تميز بالتناغم والانضباط والحفظ الواعي للألحان والسمو بها في أداء راق خال من أية أخطاء.
كما أنني أعتقد أن تحرر العازفين من القيود اللحنية كان محدودا في الاطار العام لكل أغنية أو مقطوعة موسيقية، كما كان التوزيع الموسيقى الذي قدمه "الموجي" متميزا وفخما ومناسبا لروح كل أغنية دون أن يخل بلحنها الأصلي ، ولو سمع ذلك عبد الوهاب لرضى عنها رضاء تاما.
بدأ الحفل بأغنية "دعاء الشرق" وتوالت الأغنيات التي تعبر عن مشوار موسيقار الأجيال، وتم اختتام الحفل بدويتو "يادي النعيم " والمقطوعة الموسيقية "عزيزة".
وكان أروع ما في الحفل هو غناء ريهام عبد الحكيم حيث امتنعت الحضور بصوتها الصافي الدافئ، والذي يتميز بالعمق والشجن والبهجة والسلاسة في آن واحد.
وتسلم تكريم "موسيقار الأجيال" نجله المهندس محمد محمد عبد الوهاب وشكر المملكة العربية السعودية واصفا إياها بالأرض الطيبة، حيث تلقى ترحيبا خاصا من معالي المستشار تركي آل الشيخ والذي اتصل به من نيويورك لتواجده هناك للعلاج، مؤكًدا أن هناك حفلات أخرى ستقام باسم "موسيقار الأجيال" في السعودية وسيكون في استقبال الأسرة في المرة المقبلة.
وكشف المهندس محمد محمد عبد الوهاب عن التطور الفكري والاجتماعي والفني للشعب السعودي بدرجة كبيرة خلال السنوات الماضية معربا عن شكره وامتنانه بلقاء سمو الأمير سعود بن عبد العزيز بن فرحان آل سعود واصفا سموه بانه شخص مهذب ومثقف وخلوق ، وأنه ممثل أسرة عبد الوهاب في المملكة.
لقد نقلنا هذا الحفل جسدًا وروحًا إلى زمن الطرب الأصيل بكل حيثياته وتفاصيله كما أن اسم عبدالوهاب منح موسم الرياض كل معاني الخلود بل أن الخلود الموسيقى اسمه محمد عبد الوهاب.
وأخيرًا.. يطيب لي أن أقول كلمتين: سيظل موسيقار الأجيال سفيرًا للفن المصري عبر الزمن.. سيظل عظيما في قلوبنا وأسماعنا ووجداننا تتدفق ألحانه لترتقي بأذواقنا.