رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


مقعد أمينة السعيد

14-8-2017 | 11:31


بقلم : سمر الدسوقى

على غير العادة وجدت نفسي أستيقظ في السادسة صباحا وأرتدي ملابسي سريعا, وبهدوء تسللت من المنزل لأجد الطريق العام شبه خال ولا عجب في هذا فالتوقيت مبكر على الذهاب للعمل, كما أن المدارس في عطلة، أما أنا فقد  دفعتني مشاعري المختلطة ما بين القلق والفرحة لعدم النوم, ثم قصدت بائع الجرائد بمجرد ظهور أولى خيوط النهار فقد كنت أمنى نفسي ببدء هذا اليوم سريعا، اليوم الذي سيشهد نشر أول موضوع صحفي لي على صفحات مجلة حواء، كنت ما زلت طالبة بالفرقة الثانية قسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، وكان لنشر أول موضوع لي فرحة خاصة, فقد ظللت أعمل لمدة ستة أشهر بكل جد حتى يجد هذا الموضوع طريقه نحو النور، لذا كنت أسابق خيوط النهار حتى أراه وأرى اسمي منشورا ولأول مرة على صفحات هذه المجلة النسائية العريقة، ونشر الموضوع بعنوان "مهن نسائية في قفص الاتهام"، وتوالت الموضوعات ومرت السنين وفي كل مرة أرتقى فيها سلما جديدا في بلاط صاحبة الجلالة أفرح بنفس الصورة وتنتابني نفس المشاعر، فاليوم تم نشر اسمي بصورة مختلفة على صفحات المجلة، واليوم تمت ترقيتي لدرجة وظيفية أعلى، وهكذا مرت الأيام بي وبجيلي عمل وتعب ونقش كما يقولون على الصخر حتى وصلت إليه, وصلت إلى هذا المقعد الذي كانت تعتليه واحدة من أبرز القيادات النسائية في حقبة الخمسينيات الكاتبة الصحفية أمينة السعيد أول رئيس تحرير لمجلة حواء، والمناضلة التي تبنت العديد من قضايا المرأة ومشكلاتها في حقبة فرضت فيها الكثير من القيود على النساء وعانين فيها من القهر وانتقاص وإهدارالحقوق، لكنها كانت في طليعة من نجحن في التصدي لهذا منذ أن التحقت بكلية الآداب جامعة القاهرة ضمن أولى الدفعات النسائية التي استطاعت دخول الجامعة، لتبدأ في خوض رحلتها في طريق البحث عن الحرية والدفاع عن حقوق المرأة خاصة بعد أن اختارت دخول عالم الصحافة لتصبح واحدة من أبرز رائداته، وبالأخص بعد أن وصلت إلى مؤسسة دار الهلال ومجلة المصور بعد عدة محطات في مجلة الأمل وكوكب الشرق وآخر ساعة لتبدأ في كتابة بابها الشهير "اسألوني"، والذي ظلت تكتبه حتى وفاتها متطرقة من خلاله إلى العديد من قضايا ومشكلات المرأة، حتى تقلدت  في عام 1954هذا المقعد مقعد رئاسة تحرير مجلة حواء، واستطاعت أن تحقق من خلاله الكثير في إطار دعم  المرأة المصرية دون أدنى خروج على القيم الأخلاقية, فقادت ثورة حقيقية من أجل نساء مصر مناهضة ختان الإناث, ومطالبة بالمزيد من الحقوق الاجتماعية والسياسية للمرأة وبالأخص ما يتعلق منها بالمساواة بينها وبين الرجل والدفاع عن رموز  الحركة النسائية في هذه الحقبة، وتوالت النجاحات بفضل شجاعتها وجرأتها لتتقلد فيما بعد رئاسة تحرير مجلة المصور, فرئاسة مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال، فوكيل لنقابة الصحفيين، إلى غيرها من خطوات الإنجاز والتميز والتي يصعب سردها في مقال واحد.

 واليوم وأنا أحاول وزملائي على صفحات هذا العدد كأبناء وأحفاد للرائدة أمينة السعيد إحياء ذكرى رحيلها في 13 أغسطس 1995، لا يسعني سوى التوجه بالشكر لكل رئيسات تحرير مجلة حواء اللاتي تعلمن على أيديهن الكثير, وأخص بالذكر الرائدة الأستاذة إقبال بركة التي علمتني ما هي الصحافة وما هو الكفاح وكانت صاحبة الفضل الأول على جيلي، ورغم أني أدرك تمام الإدراك وأنا أحيى هذه الذكرى أن المسئولية صعبة وأن الوصول إلى حياة وعقل وقلب ووجدان القارئ والتعبير عنه وعن مشكلاته وواقعه أكثر صعوبة، إلا أني أعترف أني وزملائي في كافة أقسام التحرير والإخراج والسكرتارية والتنفيذ نصل الليل بالنهار حتى نقدم لكم حواء جديدة تليق بكم وتعبر عنكم، فشكرا لهم جميعا بلا استثناء، وما زالت المسيرة مستمرة.