على الرغم من تعرض المستثمرين الغربيين في بيلاروسيا لضغوط شديدة، سواء من بلدانهم الأصلية أو من النظام البيلاروسي، إلا أن بعضهم يستغل الاضطرابات الحالية في السوق لتوسيع أعماله.
ووفقا لتقرير نشرته شبكة البلقان الإخبارية المتخصصة في شئون أوروبا الشرقية وأوراسيا، تفرض العقوبات الغربية والغرامات المفروضة على خرقها مزيدًا من الضغوط على الشركات، بينما يبذل النظام البيلاروسي كل ما في وسعه لمنع الشركات الغربية من سحب استثماراتها في بيلاروسيا.
وأثار خروج الشركات الغربية من بيلاروسيا في النصف الأول من العام الحالي مخاوف المسؤولين الحكوميين في مينسك، حيث أنشأت الحكومة لبيلاروسية في يوليو الماضي قائمة تضم أكثر من 190 شركة في بيلاروسيا يُمنع فيها المستثمرون من "الدول غير الصديقة" من بيع حصصهم، ثم أصدرت تعديلات جديدة في نوفمبر تحظر الانسحاب من الشركات الـ 190 المدرجة سابقًا من قبل مستثمرين من "الدول غير الصديقة".
وبعد الإعلان عن استعدادات الشركة السويدية المالكة لأكبر شبكة معامل طبية في بيلاروسيا لمغادرة البلاد، وهي شركة (ميديكافر هولدينج) وإنهاء مبيعات حصصها شركتين للمستلزمات الصحية في الربع الرابع من عام 2022. وبعد أسبوع واحد فقط من وصول هذه المعلومات إلى مصادر إخبارية مستقلة، وسعت الحكومة البيلاروسية قائمتها لتشمل الشركتين أيضًا.
وتواصل الشركات غير المقيدة بقائمة الحكومة البيلاروسية أو الشركات التابعة للدول التي لا تعتبرها مينسك من الدول الصديقة، مغادرة أو إعادة تنظيم أعمالها في بيلاروسيا، ومن بينها شركة الاتصالات الصينية العملاقة هواوي، التي تستعد لفصل أقسام الشركات في روسيا وبيلاروسيا عن دول رابطة الدول المستقلة الأخرى، ربما في محاولة لتجنب العقوبات المستقبلية.
وعلى الرغم من ذلك تستخدم بعض الشركات أيضًا الاضطرابات الحالية في سوق المستثمرين لتوسيع أعمالها في بيلاروسيا، فعلى سبيل المثال أعلنت شركة (تركسل)، أكبر مشغل للهواتف المحمولة في تركيا، في ديسمبر الجاري، أنها حصلت على ملكية 100 في المئة من أسهم شركة الاتصالات البيلاروسية (سي جيه إس سي) البيلاروسية.
وبالإضافة إلى ذلك، تم توقيع اتفاقية استثمار بين شركة (تركسل) وبيلاروسيا، تُلزم الشركة باستثمار ما لا يقل عن 100 مليون دولار في تطوير البنية التحتية للاتصالات في بيلاروسيا بين 2022-2032. علاوة على ذلك تنص الاتفاقية على أن تدفع شركة تركسل 100 مليون دولار إضافية خلال تلك السنوات العشر من ما لا يزيد عن 50 في المئة من صافي الربح السنوي، وإذا لم يتم استيفاء المؤشرات المطلوبة بحلول عام 2032 ، فسيتعين على تركسل دفع المبلغ دفعة واحدة إلى بيلاروسيا.
وتخطط مجموعة (إيه وان تيليكوم) النمساوية أيضًا لتوسيع أعمالها في البلاد، حيث أعلنت الشركة الأسبوع الماضي أنها أطلقت تقنية الوصول اللاسلكي لمشغلين متعددين في جميع أنحاء البلاد، ويتم استخدام التكنولوجيا في النطاق 900 ميجاهرتز للمرة الأولى في بيلاروسيا ، بهدف تحسين جودة الشبكة في مناطق بريست وفيتيبسك وجرودنو دون بناء المزيد من المحطات القاعدية.
وستعني هذه المشاريع الجارية والمشاريع المستقبلية المحتملة من الشركات الأخرى أن تشهد بيلاروسيا المزيد من التنمية الاقتصادية والبنية التحتية خلال السنوات القادمة، كما أنها توضح إمكانية استمرار وتدفق الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد، رغم موجة سحب الاستثمارات القوية الحالية بين العديد من المستثمرين الغربيين، بل إنها ترجح أن تشهد مينسك انتعاشا أكبر بمجرد أن تهدأ التوترات الجيوسياسية في المنطقة.