لم تقف الدولة المصرية «مكتوفة الأيدي» أمام محاولات الجشع والاحتكار وفوضى الأسواق والمغالاة فى الأسعار.. بل انتفضت من أجل تخفيف المعاناة عن المواطن.. وإجبار تجار الأزمات على التراجع.. مع زيادة المعروض من السلع التى توفرها الدولة.
الدولة فرضت الحصار على محاولات الجشع والاحتكار والمغالاة.. من خلال الإسراع فى الإفراج الجمركى عن السلع والبضائع المتراكمة فى الموانئ.. والتى وصلت قيمتها خلال شهر ٦ مليارات دولار.. بالإضافة إلى قرار البنك المركزى بقبول واعتماد مستندات التحصيل.. بالإضافة إلى انتفاضة منافذ الدولة الثابتة والمتحركة من الجيش والشرطة والتموين والزراعة.. وإقامة المعارض فى المحافظات.. والتوسع فى إقامة الشوادر.. والتبكير بإقامة معرض «أهلاً رمضان» فى جميع المحافظات بدءًا من أول يناير وحتى نهاية الشهر الكريم.. لتصبح الكرة فى ملعب المواطن.. بالإضافة إلى عروض السلاسل التجارية.. لتضرب مصر المثل والنموذج فى التعامل والتصدى ومحاصرة الجشع والاحتكار والمغالاة.
محاصرة الجشع
لم تعول الدولة على الإجراءات الخاصة بتشديد الرقابة على الأسواق أو الالتزام بوضع الأسعار على المنتجات، فهذا جيد، لكن نستطيع بقراءة معطيات الفترة الأخيرة، ومجموعة الإجراءات التى وجه بها الرئيس عبدالفتاح السيسى أن نرصد حالة حصار أو محاصرة شاملة للجشع والاحتكار والغلاء.. وأراها إجراءات وأفكاراً وقرارات خلاقة، تحقق وتدفع منظومة شاملة ومتكاملة لضبط الأسواق والأسعار.
الرئيس السيسى وجه الحكومة منذ أيام بحل مشاكل مستلزمات الإنتاج، وسرعة الإفراج الجمركى عن السلع والبضائع المتراكمة والمكدسة فى الموانئ المصرية، وتدبير النقد الأجنبى اللازم لذلك، لتنتفض الدولة المصرية وتتخذ إجراءات شاملة وحاسمة خاصة فى اتجاه إلغاء الاعتمادات المستندية والسماح بقبول مستندات التحصيل، وهو ما يوفر مرونة للمستوردين وأصحاب الأعمال لدفع ودوران عجلة الإنتاج، التى تعد هى الفيصل فى زيادة المعروض من السلع والاحتياجات الخاصة بالمواطنين كما أنها تنشط من التصدير إلى الأسواق المستهدفة والتى يجب أن تنشط كثيراً فى الفترة القادمة لفتح أسواق جديدة أو زيادة التصدير للأسواق الخارجية التى نتعامل معها فى ظل وجود بشائر مهمة، وهى توقعات بوصول الصادرات إلى 35 مليار دولار وتصدير الغاز بـ ٨٫٤ مليار دولار وتصدير ٦٫٣ مليون طن حاصلات زراعية، وزيادة الصادرات الهندسية بنسبة ١١٪ وبحجم ٣.٣ مليار دولار بالإضافة إلى أن هناك إجراءات وآفاقاً أخرى واعدة للتصدير خلال العام الحالى الجديد الذى سيشهد فيه الاقتصاد المصرى انفراجة كبيرة حسب توقعات خبراء الاقتصاد، وحسب تأكيد الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، ولعل توجيهات الرئيس السيسى أمس الأول للهيئة الهندسية للقوات المسلحة بإضافة مساحات جديدة للرقعة الزراعية الحالية خاصة فى توشكى هى رؤية ترتكز على مجموعة من الأهداف المهمة خاصة فى مجال سد الاحتياجات المصرية من المنتجات والحاصلات الزراعية وعلى رأسها القمح والذرة وأيضاً لزيادة معدلات التصدير إلى الخارج بعد الوصول إلى رقم غير مسبوق فى مجال تصدير الحاصلات الزراعية لأكثر من 160 سوقاً خارجيةً، وكل هذه النقاط تعد فرصاً ونقاط قوة فى مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، وتمتلك الدولة المصرية عناصر قوة كثيرة ومتعددة فى مجال التصدى لتداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، وباقى الأزمات العالمية خاصة فى مجالات الزراعة والصناعة والطاقة، وفرصاً كثيرة للاستثمار فى مصر، وأيضاً فى مجال السياحة، وأن الدولة عازمة على حل أزمة الموارد من النقد الأجنبى وسوف تتحقق أهدافها.. ثقة فى رؤية القيادة السياسية، وتوجيهاتها، وقدرة الحكومة على تحقيق ذلك بما يؤدى إلى حالة الاستقرار والنمو للاقتصاد المصري.
الحرب الشاملة التى تخوضها الدولة ضد مظاهر الاحتكار والجشع والمغالاة فى الأسعار بدأت تؤتى ثمارها وقريباً ستكون النتائج أفضل بكثير وسيلمس المواطن مردوداً إيجابياً فى ظل ما أعلنته الدولة من إجراءات شاملة ولعل زيارة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، طبقاً لتوجيهات الرئيس السيسى بسرعة الإفراج الجمركى عن البضائع والسلع ومستلزمات الإنتاج المتراكمة بالموانئ والتى بدأها الدكتور مدبولى بميناء الإسكندرية تبشر بالخير الكثير على الاقتصاد والإنتاج والمواطن أيضاً وتؤدى إلى زيادة المعروض فى الأسواق وبالتالى خفض الأسعار.
الدولة حريصة للغاية على استمرار النجاحات والإنجازات رغم وطأة الأزمة العالمية وقسوة تداعياتها، وأيضاً حريصة على تخفيف الأعباء عن المواطنين وأعلنت منذ اللحظة الأولى لاندلاع الأزمة العالمية أنها تتحمل الجزء الأوفر من الأعباء الإضافية التى جاءت جراء الأزمة العالمية بالإضافة إلى أنها أقرت مبدأ مهماً وهو عدم السماح بوجود أزمة فى الأصل، لذلك رأينا أن المواطن لم يلمس أى نوع من النقص أو العجز فى السلع الأساسية، لكن للأسف الشديد رصدت الدولة ممارسات وسلوكيات احتكارية وانتهازية فى ميل البعض إلى المتاجرة بالأزمة واستغلالها لتحقيق أرباح ومكاسب على حساب المواطن، لذلك اتخذت إجراءات وقرارات تستطيع من خلالها ردع هؤلاء المحتكرين والمغالين لتتيح للمواطن الكثير من البدائل، وتزيد المعروض من السلع فى الأسواق، وبالتالى يحدث الضبط الإجبارى للأسواق والأسعار.
الدولة ارتأت أنه لا يفل الحديد إلا الحديد، فطالما أن البعض يحاول استغلال تداعيات الأزمة العالمية ويوظفها لتحقيق مكاسب وأرباح شخصية فالدولة قررت مجموعة من الإجراءات المهمة كالتالي:
أولاً: سرعة الإفراج الجمركى عن السلع والبضائع المتراكمة فى الموانئ، وأفرجت الدولة عن بضائع تزيد قيمتها على ٦ مليارات دولار، وهو ما سوف ينعكس على زيادة الإنتاج، وضبط الأسواق ودوران عجلة الاقتصاد، وخفض الأسعار، فالرئيس السيسى وجه بسرعة الإفراج الجمركى ويتابع ذلك بنفسه، وما تحقق إنجاز كبير على طريق ضبط الأسواق وزيادة الإنتاج والمعروض وخفض الأسعار.
ثانياً: قرار البنك المركزى بإلغاء العمل بالاعتمادات المستندية وقبول مستندات التحصيل سوف يؤدى بطبيعة الحال إلى انتظام معدلات الاستيراد لمستلزمات الإنتاج، وبالتالى خفض الأسعار وتعزيز الثقة لدى الموردين ويؤدى إلى دوران عجلة الإنتاج وبالتالى دعم الاقتصاد المصرى وهو ما سيعود على المواطن بتخفيف الأعباء، ووجود أسعار مقبولة ومناسبة له.
ثالثاً: حالة الاحتشاد لدى الدولة فى توفير السلع واحتياجات المواطنين بجودة عالية وأسعار مخفضة ومناسبة هى طريقة وأسلوب عبقرى لمكافحة الاحتكار والجشع والمغالاة ورفع الأسعار، وتشمل هذه الرؤية التوسع فى منافذ الدولة لبيع السلع والاحتياجات للمواطنين من خلال منافذ ثابتة وأخرى متحركة سواء فى منافذ القوات المسلحة المنتشرة فى ربوع البلاد، والسيارات المتنقلة فى المدن والأحياء والقري، وأيضًا منافذ أمان وسيارات الداخلية التى تجوب ميادين وشوارع البلاد، بالإضافة إلى منافذ وزارتى التموين والزراعة، «فالزراعة لوحدها» تصل إلى 2٧3 منفذًا ثابتًا ومتحركًا، وتباع السلع فى منافذ الدولة بجودة عالية وأسعار مخفضة وبأى كميات يحتاجها المواطن، وتشمل كل احتياجات المواطنين من لحوم ودواجن وأسماك وزيوت وخضروات وفواكه.
رابعًا: توسع الدولة فى إقامة المعارض فى جميع المحافظات سواء بشكل محلى من قبل المحافظين، أو تنفيذًا لرؤية الدولة فى إقامة المعارض والشوادر التى تصل إلى 400 شادر.. ولعل افتتاح وانطلاق معرض «أهلاً رمضان» اعتبارًا من يناير الجارى وحتى نهاية شهر رمضان الكريم لتوفير احتياجات المواطنين من السلع بجودة عالية، وبأسعار مخفضة يؤدى إلى ضرب محاولات الجشع والاحتكار والمغالاة، بالإضافة إلى تمديد مبادرة «كلنا واحد» حتى آخر يناير.
الدولة تحاصر الجشع والاحتكار والمغالاة بأساليب وأفكار خلاقة وواقعية لم تكتف فقط بتشديد الرقابة وتسعير السلع وكتابة السعر على المنتجات .بل هناك أيضاً إتاحة كاملة للمواطن حتى يتوفر لديه كافة البدائل للشراء الآمن لسلع عالية الجودة ومخفضة السعر.
خامسًا: هناك أيضًا العمل الأهلى والتنموى الذى يمثله التحالف الوطني، وأيضًا «حياة كريمة».. والمؤسسات المصرية الوطنية ومؤسسات الدولة الوطنية التى تقدم الدعم للمواطنين وتوفر لهم دعمًا عينيًا وأيضًا فى شكل «كراتين» مواد غذائية بنصف الثمن وهو ما وجه به الرئيس السيسى القوات المسلحة بالإضافة إلى لحوم الأضاحى من خلال وزارة الأوقاف.
فى النهاية نحن أمام تجربة خلاقة لمحاربة وحصار المغالاة فى الأسعار والتخفيف من الأعباء.. لكن هناك اقتراحات مهمة فى هذا الشأن، تتعلق بالعمل على النجاح الكبير للحرب على المغالاة والاحتكار والجشع كالتالي:
* التوسع فى المنافذ المتحركة لبيع السلع للمواطنين بجودة عالية وأسعار مخفضة.
* الإعلان عن منافذ الدولة لبيع السلع عالية الجودة وذات الأسعار المخفضة، بحيث كل منطقة تعرف المنافذ المتاحة لديها بالإضافة إلى وضع جداول والإعلان عنها للمنافذ المتحركة ومناطق تواجدها، وتوقيتاتها.
* وصول المنافذ المتحركة عبر سيارات متنقلة إلى القرى والنجوع، بحيث يكون لها مواعيد محددة أو يومان فى الأسبوع لخدمة مجموعة من القرى لبيع السلع والاحتياجات المختلفة للمواطنين، ويتم الإعلان عن هذه التوقيتات وأماكنها ومقراتها المتحركة، حتى على «السوشيال ميديا» ليشترى كل مواطن احتياجاته.
* عشنا فى قرى بمحافظات الصعيد وهناك أسواق مخصصة لعشرات القري، مثلاً كان الاثنين والخميس من كل أسبوع يشترى منها المواطنون احتياجاتهم يمثلون مجموعة من القري، فلماذا لا ندفع بسيارات للسلع والاحتياجات الخاصة بالمواطنين من لحوم ودواجن وأسماك وخضروات ومواد تموينية، تضبط الأسعار فى السوق نفسه، وتجعل المعروض كثيرا، فى المحال ولدى التجار، وبالتالى تجبر الجميع على خفض الأسعار وتوازنها، لذلك فإن فكرة تواجد الدولة أمر لا غنى عنه فى توفير احتياجات المواطنين لضبط الأسواق والأسعار، بالإضافة إلى أن تواجد الدولة فى بعض الاحتياجات الاستراتيجية أمر حتمى لا غنى عنه خاصة فيما يرتبط بالأمن القومى وهو ما يؤكد أن الأمور لا يجب أن تترك لبعض المحتكرين والمتلاعبين وما حدث من استغلال للأزمة العالمية أبلغ رد على من يهاجمون تواجد الدولة وبمشاركة القطاع الخاص فى توفير احتياجات الوطن والمواطن.
هذه الإجراءات والقرارات التى اتخذتها الدولة تشير إلى حالة من الاستقرار والوفرة وحالة انضباط فى الأسعار والأسواق، تبشر بتخفيف المعاناة عن المواطنين، وزيادة الإنتاج، ودفع عجلة الاقتصاد.. لذا فإن جميع ما وعد به الرئيس السيسى يتحقق.
لكن هناك دورًا مهمًا للمواطن المصرى عليه أن يقوم به كالآتي:
* أن يدرك أن هناك أزمة عالمية، وأن الدولة تبذل جهودًا مضنية من أجل توفير احتياجاته بالأسعار المناسبة له فى ظل اضطرابات وارتباك فى الأسواق العالمية، تسببت فى صعوبات فى الحصول على هذه السلع، لذلك من المهم أن يقاطع الجشعين والمغالين فى الأسعار ويرغمهم على التراجع.
* أن يتخلى المواطن عن شراء بعض السلع غير الأساسية، ويرسخ سياسة ومبدأ الترشيد، وعدم الإسراف، والحفاظ على كل شيء وعدم إهداره وضرورة إعادة النظر فى أسلوب الحياة والمعيشة بما يتوافق مع ظروف الأزمة العالمية الراهنة، وأعتقد أن بعض المصريين مطالبون بإعادة النظر فى سلوكيات الشهر الكريم والعمل على الترشيد وعدم التبذير خاصة الميسورين والمقتدرين، وما يتم توفيره من الترشيد، الفئات الأكثر احتياجًا أولى به.
* على مستوى الأفراد، وأقصد الأغنياء والأثرياء فإن العمل الخيرى فى هذا التوقيت مهم جدًا، وله ثواب كبير عند المولى عز وجل، فلابد من البحث عن الفئات الأكثر احتياجًا فى المنطقة التى يعيشون فيها، والإكثار من عمل الخير فى إطار التكافل المجتمعي.
* مطلوب أيضًا.. إرشاد المواطنين من الأغنياء والميسورين والقادرين بأوجه الخير المطلوبة، والتبرع لها وتقديم الدعم للفئات الأكثر احتياجًا.
* الرئيس عبدالفتاح السيسى على مدار الأيام الأخيرة يوجه بتوفير التغذية الكهربائية لمشروعات استصلاح الأراضى على مستوى الجمهورية، بالإضافة إلى التوسع فى إضافة مساحات زراعية جديدة للرقعة الزراعية الحالية خاصة فى توشكى لزيادة مساحة الحاصلات الزراعية خاصة الاستراتيجية منها مثل القمح، بالإضافة إلى زيادة الصادرات من المحاصيل الزراعية التى حققت معدلات تصدير غير مسبوقة وصلت إلى ٣.٦ مليون طن العام الماضى وهو إنجاز كبير، ومبشر وواعد.
الحقيقة أن الدولة نجحت مبكرًا فى إجهاض عمليات الاحتكار والجشع والمغالاة فى الأسعار وفوضى الأسواق من خلال إجراءات سريعة وواقعية يلمسها المواطن على أرض الواقع، لذلك فإن محاصرة الغلاء أتت ثمارها.. بفضل الرؤية الرئاسية العبقرية فى التعامل مع التحديات والأزمات.