رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


«زعبوط» الأستاذة نهاد

17-1-2023 | 17:45


محمود علي,

في سبتمبر من العام الماضي قامت الدنيا ولم تقعد بسبب تصريحات المحامية نهاد أبو القمصان بأن الست غير ملزمة بخدمة زوجها وأن من حقها أن تطلب منه أجرًا مقابل إرضاع أولادها، وبعدها بأيام خرجت تنادي بأن يكتب الأب لبناته كل تركته في عين حياته، حتى يضمن لهن مستقبلهن، ويحميهن من طمع الأعمام والأقارب في مشاركتهن للتركة، وفي نفس الوقت طلبت من الأعمام أن ينفقوا على بنات أخيهم الذي منعهم من حقهم في تركته تحت مسمى: "العم ملزم''!، ووقتها كتبت مقالا بعنوان: ابعدي عن الميراث يا أستاذة نهاد.

المحامية المثيرة للجدل غضبت من ردود الأفعال على تصريحاتها الغريبة، وخرجت تهدد كل من يتجاوز في حقها بسبب تلك التصريحات بأن تقاضيه وأن تحاسبه بالقانون، وحذفت رابط مقالي من التعليقات على أحد فيديوهاتها على فيسبوك، بل وحظرتني أنا شخصيا من على صفحتها، والتزمت الصمت فترة لم تدم طويلا، حتى ظهرت منذ عدة أيام تؤدي مناسك العمرة في البيت الحرام، لكنها لم تتخلى عن عادتها في إثارة الجدل، حيث ظهرت مرتدية شيئا أشبه بـ"الزعبوط" أطلقت عليه اسم "تربون" يغطي رأسها كاشفة عن عنقها معبرة عن سعادتها بكونها أول امرأة تعتمر بدون محرم وبالتربون.

لا أريد أن أتعرض هنا لمسألة الحج أو العمرة للمرأة بدون محرم، فشروط ذلك الأمر معروفة وحددها الأزهر الشريف وهي أن تفقد المرأة المحرم وأن تكون في فوج تأمن معه على نفسها، وكان من الممكن أن تعتمر الأستاذة نهاد في فوج لكنها أصرت على العمرة وحدها لغرض يختلج نفسها وهو أنها ترى في ذلك انتصارا كبيرا للمرأة وتحريرا لها من القيود، قائلة: "ربنا خلقنا كاملين ومش هروح أقابل ربنا بمحرم"!

نهاد ابو القمصان

الأغرب والأعجب من كل ذلك أن الأستاذة التي درست القانون والشريعة الإسلامية قالت في أحد البرامج التلفزيونية تعليقا على صورتها بالتربون أمام الكعبة إنها كانت تصلي الفروض في الحرم مرتدية الطرحة وبحجاب كامل!، أي أنها تعلم أن هذا التربون ليس حجابا كاملا ولا تصح به الصلاة لأنه يكشف جزءا من جسد المرأة غير الوجه والكفين وهو الرقبة، إذا لما الإصرار على إضفاء مشروعية لهذا التربون والافتخار بكونها أول امرأة تلبسه وتدخل به إلى الكعبة؟!

الأستاذة المحامية لها الحرية الكاملة في اختيار الشكل الذي تراه مناسبا للحجاب، ولها أيضا مطلق الحرية في عدم ارتداء الحجاب من الأساس - إن أرادت -، لكن عندما يتعلق الأمر بشعيرة معظمة مثل العمرة أو الحج فليس من حقها أن تستغل تواجدها أمام الكعبة وتروج لشكل معين للحجاب يظهر جزءا من جسد المرأة غير الوجه والكفين وهو الرقبة، والأستاذة نهاد تظهر على الشاشات بحجاب محتشم كان من الممكن أن تظهر به أمام الكعبة، لكنها أرادت أن تصطاد عصفورين بحجر واحد، الترويج لحجاب "الزعبوط" الذي تسميه "التربون"، وفي نفس الوقت ذهاب المرأة إلى الحج والعمرة وحدها وبدون فوج حتى لو كان لها محرم.


تربون الأستاذة نهاد أو كما يطلقون عليه في بلدتنا بالشرقية "القمطة" هو شكل غريب وعجيب للحجاب أو حجاب على الموضة، فحجاب المرأة هو الذي يستر جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين، والشارع الكريم لم يدع مجالا هنا للمزاج أو للهوى، فحتى المنتقبة مأمورة أثناء مناسك الحج والعمرة أن تكشف عن وجهها وكفيها، قواعد حددها المولى عز وجل للمرأة أثناء تأدية مناسك العمرة والحج، ولا أعلم سر الفرحة الشديدة للأستاذة المحامية بكونها أول امرأة تؤدي مناسك العمرة بـ "الزعبوط" أو كما تطلق عليه ''التربون"! 

التربون يا أستاذة نهاد تلبسه النساء من قديم الأزل في بلدتي بالشرقية وفي كثير من محافظات الدلتا والصعيد، ويطلقون عليه "القمطة"، و"القمطة" هي حجاب خفيف تلبسه المرأة في بيتها حتى إن دخل البيت رجل من أقارب زوجها أو أصدقائه تكون ساترة لشعرها الذي تعتبره عورة وعيبا أن يراه أحد من الأغراب، وعلى الفور تسحب الطرحة فوق هذه "القمطة"، وقد تخرج بتلك "القمطة" أمام المنزل لشراء غرض من أغراض البيت في وقت ذهاب الرجال للعمل، لكن واحدة منهن لا تجرؤ أن تعتمدها كحجاب أساسي لها.

إن دعوات "أبو القمصان" بدءا من "المرأة غير ملزمة" و"اكتبوا كل شيء باسم البنات"، ومرورا بمعركة" الزعبوط" أو "التربون" هي دعوات غريبة على مجتمعنا ليس في الريف والصعيد فقط، بل وفي القاهرة والمدن أيضا، وأنا لا أعلم الحد الذي من الممكن أن تصل إليه هذه الدعوات في المستقبل، بمعنى: هل من الممكن أن نرى سيدة أو فتاة تقف أمام الكعبة وتقول: "أول صورة بالهوت شورت من أمام الكعبة" أو: "أول صورة بالبنطلون الجلد أو الجينز من أمام الكعبة" أو: "أول صورة بشعر منسدل وبميكب كامل من أمام الكعبة"؟!، لذلك كما طلبت من المحامية الشهيرة في العام الماضي أن تبتعد عن الميراث وابتعدت بالفعل؛ فإنني أقول لها الآن: ابعدي عن الحجاب يا أستاذة نهاد.