الجنيه المصري يصفع الدولار باليد الروسية.. وخبراء اقتصاد: عودة توازن أسواق العملات
أشاد خبراء الاقتصاد، بقرار البنك المركزي الروسي عن تحديد الأسعار الرسمية للروبل مقابل تسع عملات أجنبية أخرى من بينها الجنيه المصري، ورأوا أن هذا القرار سوف يصب في صالح الاقتصاد المصري والروسي معا، فمصر تواجه ضغوط على العملة الأمريكية "الدولار" مما جعل قيمة الجنيه تتراجع أمام الدولار، وكذلك روسيا تعاني من العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة، وأيضا الاتحاد الأوروبي.
ونشر المركزي الروسي بياناً بموقعه الرسمي قال فيه إن قائمة العملات الأجنبية التي يحدد سعرها رسمياً مقابل الروبل تضمنت 9 عملات جديدة من بينها الجنيه المصري الذي يساوي أكثر من 2 روبل روسية.
التبادل التجاري
أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفاع قيمة التبادل التجاري بين مصر وروسيا لتصل إلى 2.14 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2022، مقابل 2.10 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2021 بنسبة ارتفاع بلغت 2.2%.
وسجلت الصادرات المصرية إلى روسيا 417.9 مليون دولار خلال النصف الأول من عام 2022 مقابل 346.5 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2021 بنسبة ارتفاع بلغت 20.7%، وبلغت قيمة الواردات المصرية من روسيا 1.7 مليار دولار خلال النصف الأول من عام 2022 مقابل 1.8 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2021 بنسبة انخفاض بلغت 1.5%.
يصب في صالح الاقتصاد المصري
ومن جانبه قال الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية البحرية، إن قرار البنك المركزي الروسي عن تحديد الأسعار الرسمية للروبل مقابل تسع عملات أجنبية أخرى من بينها الجنيه المصري، يصب في صالح البلدين، بنسبة للاقتصاد المصري سوف يقلل من الضغط على العملة الأمريكية "الدولار" خاصة خلال التوقيت الحالي، مشيرا إلى أنه فرصة للسوق المصري في تلبية احتياجاته من روسيا بالعملة الوطنية.
وأضاف أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية البحرية، في تصريحات خاصة لبوابة "دار الهلال"، أن من أبرز السلع الهامة التي نستوردها من روسيا هي القمح، والذي يمس الأمن الغذائي في مصر بشكل مباشر، بجانب العديد من الحبوب والآلات التي يتم استيرادها من روسيا، لذا فإنها فرصة جيدة.
وأشار إلى أن هذا القرار له جانب إيجابي أيضا بالنسبة للاقتصاد الروسي، فإن عقوبات الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي جعلت هناك فائض كبير من السلع والمنتجات في روسيا، فإن قرار اعتماد الجنيه المصري سوف يجعل روسيا قادرة على تصدير منتجاتها إلى مصر، ومنها إلى الدول الأفريقية، مؤكدا أن هذا القرار سوف يحقق مكاسب لجميع الأطراف.
دعم الاقتصاد المصري
وقال الدكتور أشرف غراب، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشئون التنمية الاقتصادية، إن إدراج البنك المركزي الروسي الجنيه المصري في نشرة أسعار العملات في روسيا ضمن 9 عملات جديدة مقابل الروبل، يمثل خطوة هامة لها تأثير إيجابي كبير في دعم الاقتصاد المصري، فهو يمثل انفراجة في زيادة حجم الواردات من السلع الاستراتيجية التي تستوردها مصر من روسيا وفي مقدمتها القمح والحبوب التي تستخدم كمدخلات في صناعة الأعلاف.
أوضح غراب في تصريحات خاصة لـ"دار الهلال"، أن هذا القرار يخفض الضغط على الدولار ويقلل الحاجة إليه في العملية الاستيرادية، لأنه أصبح لا مبرر لشراء القمح بالدولار، موضحا أن القرار يساهم في زيادة حجم التجارة البينية بين مصر وروسيا، إضافة لزيادة تدفقات السياحة الروسية لمصر، كما أن القرار يخلق نظام نقدي جديد متعدد مع الدول التي انضمت للقرار ومن المتوقع أن يضم عملات مجموعة البريكس، وذلك بعد فرض عقوبات من أمريكا وأوروبا على التجارة الروسية بعد إخراجها من نظام سويفت وأنها لن تستطيع استخدام عائدات صادراتها إلا بعملات أخرى غير الدولار .
وأشار غراب، إلى أن توسع نظام الصرف الروسي ليضم دولا أخرى يساهم في تنشيط المعاملات التجارية والصناعية مع هذه الدول ما يعود بالفائدة على مصر، وهذا يعود بالنفع بتقليل الطلب على الدولار لعدم الحاجة إليه في التعاملات التجارية بين القاهرة وموسكو، موضحا أن استيراد القمح والحبوب التي تدخل في صناعة الأعلاف من روسيا بالعملة المحلية يساهم في زيادة هذه الخامات بأسعار مخفضة وهذا يعود بالإيجاب على خفض أسعار الدقيق والأعلاف في الأسواق وبالتالي خفض في أسعار اللحوم البيضاء والحمراء وهذا يساهم في خفض معدلات التضخم .
تابع غراب، أن روسيا حاليا أصبح لديها فائض كبير من السلع والبضائع وذلك بعد فرض عقوبات أمريكية أوروبية على صادراتها وهذا يعود بالنفع على زيادة حجم صادراتها لمصر ودول أخرى دون الحاجة إلى الدولار، موضحا أن هذه الخطوة بخلق نظام مالي جديد يؤدي عالميا لتقليل الاحتياج لعملة الدولار وهذا يخفض من الاحتياطي الدولاري لدى البنوك المركزية العالمية وبالتالي يخفض من قيمة الدولار .
يخفض أسعار السلع
وعلق الخبير الاقتصادي، الدكتور سامح هلال، على إعلان البنك المركزي الروسي عن تحديد الأسعار الرسمية للروبل مقابل تسع عملات أجنبية أخرى من بينها الجنيه المصري: "أن يعد خطوة إيجابية في صالح الاقتصاد المصري على الصعيد العام و سعر الصرف للعملة الوطنية على الخاص، نتيجة تخفيض تكلفة الواردات وبالتالي انخفاض أسعار السلع مما يؤثر على مستوى معيشة الأفراد حيث الحد من التضخم و التأثير الإيجابي على نمو الناتج المحلي".
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"دار الهلال"، التبادل التجاري بين الدولتين بالعملات الوطنية يخفف القلق بشأن استخدام الدولار؛ ما يساعد الدولتين على استيراد المواد الخام والطاقة بأسعار معقولة لأنشطتها التصنيعية، في حين نمو معدل التجارة بين الدولتين إلى 12% ليحقق 3.8 مليار دولار في 2022.
ونوه إلى أنه في السنوات الأخيرة، مع زيادة استخدام الولايات المتحدة فرضَ العقوبات الاقتصادية، أصبحت العديد من الدول أكثر تحفزاً لاستكشاف التجارة باستخدام العملات الوطنية، واستخدام أنظمة الدفع الدولية بخلاف النظام الدولي “سويفت” الذي يتأثر بشدة بالولايات المتحدة.
وأشار إلى أنه نما بالفعل دور العملات الوطنية مؤخراً عقب أكبر عقوبات أمريكية على الإطلاق بقيادة الولايات المتحدة على روسيا بعد أن شنت موسكو عملية عسكرية في أوكرانيا. و على الصعيد العالمي، تقود الصين وروسيا والهند جهوداً كثيفة لإجراء تجارة بالعملات الوطنية، خاصةً بعد سقوط روسيا تحت وطأة العقوبات الغربية في عام 2014. ولتمكين مثل هذه العملية، أنشأت روسيا والصين آليتَي دفع خاصتَين بهما بدلاً من نظام “سويفت العالمي”، وهما “نظام تحويل الرسائل المالية” (SPFS) و”نظام الدفع عبر الحدود بين البنوك” (CIPS) لإجراء عمليات ثنائية ومتعددة الأطراف.
وأوضح أنه يمكن توضيح أهم أسباب لجوء الدولتين إلى التبادل التجاري بالعملات الوطنية من خلال تقنين الاعتماد على الدولار، مما يدفع ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي قيمة السلع والخدمات بالنسبة إلى حائزي العملات الأخرى، وهو ما يدفع الدولتين نحو البحث عن بديل؛ فمؤخراً ارتفع مؤشر الدولار أمام سلة العملات الرئيسية، لأعلى مستوى في أكثر من 20 عاماً، وهو ما يزيد الضغوط على الدول التي تعاني من تراجع اقتصاداتها نتيجة تداعيات جائحة كورونا واندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، ومخاوف ارتفاع معدلات التضخم.
وتابع أن انهيار العملات يعتبر حدثاً سلبياً؛ لأنه يجعل الواردات أكثر كلفةً، بجانب التسبب في تدهور مستوى معيشة الأفراد، وزيادة كلفة التجارة. كما أن الارتباط الكبير لحركة التجارة العالمية بالدولار، يؤدي إلى تقويض بعض الامتيازات والفوائد التي يمكن أن تجنيها اقتصاديات الدول من المرونة في ضبط أسعار العملة، وعندما ترتفع قيمة الدولار، تتجه التجارة العالمية نحو الانكماش.
وأشار إلى أن أحد الأسباب اللجوء إلى التبادل التجاري بالعملات الوطنية، هو تعزيز ميزان المدفوعات للدول، مما تخلق حركة التجارة بالعملة الوطنية إمكانات لتطوير التسويات المتبادلة بالعملات الوطنية؛ لأن الدولار الأمريكي يصبح عملة غير آمنة في ضوء سياسة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، كما أن التوسع في استخدام العملات الوطنية في التجارة، سيسهم في نمو القدرة على التنبؤ في الاقتصاد العالمي، وتعزيز ميزان المدفوعات للدول.
يضاعف حجم التبادل التجاري
وأشاد الدكتور خالد الشافعي الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادي، بقرار البنك المركزي الروسي عن تحديد الأسعار الرسمية للروبل مقابل تسع عملات أجنبية أخرى من بينها الجنيه المصري، مشيرا إلى أنه سوف يضاعف حجم التبادل التجاري بين روسيا ومصر، كما أنه سوف يحد من انخفاض الجنيه أمام سلة العملات الأجنبية خاصة الدولار.
وأضاف الشافعي في تصريحات خاصة لبوابة "دار الهلال"، أن قرار البنك المركزي الروسي سوف ينعش حركة التبادل التجاري بين روسيا ومصر، مشيرا إلى أن روسيا تعد أولى الدول التي تعتمد الجنيه المصري كعملة أجنبية يمكن التبادل التجاري بها، كما أنه يفتح السياحة بين مصر وروسيا خاصة وأن نسبة السياح الروس في مصر تصل إلى الثلث من إجمالي الجنسيات الأخرى.
تعزيز عملة الجنيه المصري
وقال الدكتور أحمد شوقى، خبير اقتصادى، إن تسعى العديد من الدول في ظل الإضرابات التي يشهدها العالم حاليا من توترات جيوسياسية إلى البحث عن حلول للخروج من عباءة هيمنة الاقتصاد الأمريكي والدولار الأمريكي من خلال العديد من الاتفاقيات والتكتلات الاقتصادية وآخرها تجمع دول بنك التنمية الجديد بريكس.
وأضاف الخبير الاقتصادي، في تصريحات خاصة لبوابة "دار الهلال"، أن قرار اعتماد المركزي الروسي لاعتماد الجنية المصري على قائمة العملات الأجنبية القابلة للتداول ضمن 9 عملات أخرى من بينهم دول عربية الدرهم الاماراتي والريال القطري كواحدة من الخطوات للخروج من عباءة الاعتماد على عملة الدولار الأمريكي عالميا.
وأشار إلى أن هذا تعد هذه الخطوة ذات أثر مباشر ناتج عن جهود الدولة المصرية مع شركائها التجاريين لتقليل الضغوط على الدولار الأمريكي والذي يمهد الطريق نحو التوجه لإحداث حالة من التوازن في أسواق العملات والتبادل التجاري للسلع والخدمات.
وأوضح أنه في ظل استيراد مصر للعديد من السلع وابرزها السلع الأساسية من روسيا سيساهم ذلك في تقليل الطلب على الدولار الأمريكي وتوفير ما يتم استخدامه من عملة الدولار الأمريكي في الاستيراد من روسيا لاستخدامه في أوجه أخرى بحوالي 5 مليار دولار أمريكي.
ونوه إلى أن هذا القرار سوف يساهم في تعزيز عملة الجنيه المصري في التداول بعد اعتماد المركزي الروسي لها والتوجه نحو اعتماد دول أخرى لاعتماده حيث يعادل الجنيه المصري أكثر 2 روبل روسي، مشيرا إلى أن هذه الخطوة سوف تعزز من عمليات التبادل التجاري بين مصر وروسيا وزيادته الصادرات المصرية للجانب الروسي، والذي سينعكس على تنافسية صادرات مصر لروسيا وخفض تكلفة الواردات المصرية. وعلى الجانب الآخر فإن السياحة الروسية في مصر والتي تمثل النسبة الأكبر في أعداد السائحين في مصر تساهم في توفير الروبل الروسي.
وأكد أن قرار المركزي الروسي سوف يساهم في تقليل هيمنة الدولار الأمريكي في كافة المعاملات التجارية العالمية، ومساندة الاقتصادات الناشئة البعد عن هيمنة الاقتصاد الأمريكي، مطالبا بضرورة إعلان المركزي المصري والبنوك المصرية سعر الروبل على الشاشات. لتفعيل عمليات التبادل التجاري بالعملتين.
يقلل الطلب على الدولار
فيما قال الدكتور عمرو السمدوني سكرتير شعبة النقل الدولي واللوجيستيات بغرفة القاهرة التجارية، إن اعتماد روسيا للجنيه المصري في التبادل التجاري سينعكس إيجابا على تقليل الاعتماد علي الدولار كعملة أساسية في الاستيراد، وبالتالي سيقل الطلب عليه محليا خاصة في التبادل التجاري بين مصر وروسيا.
وأضاف السمدوني، في تصريحات صحفية اليوم، أن هذا القرار سينعكس ايجابا علي السياحة الروسية القادمة إلى مصر، وسيوفر للدولة المصرية الدولار الحصيلة الدولارية التي كانت تستخدمها مصر في الاستيراد، حيث يمكن استبدالها بالجنيه المصري بدلا من الدولار.
وأشار إلي أن أن هذا القرار سيساهم في توفير احتياجات السوق المصري الأساسية التي يعتمد عليها من السوق الروسي في الاستيراد وعلى رأسها الحبوب والقمح والآلات والمعدات والسيارات وبعض المعادن وغيرها وهي جميعها سلع تعتمد مصر على استيرادها من روسيا