منحهم التحية العسكرية.. كيف نال رجال الشرطة إعجاب المحتل بمعركة الإسماعيلية 1952؟
سطرت الشرطة المصرية يوم 25 يناير 1952 واحدة من أهم ملاحمها الخالدة في التاريخ المصري، وهى معركة الإسماعيلية المجيدة، والتي مهدت الطريق أمام ثورة يوليو 1952 وأنهت الحكم الملكى فى مصر.
وتمكنت قوات الشرطة المصرية من التصدي بعدادها وعتادها المتواضع لجيش بريطانيا العظمى، أكبر دولة فى العالم؛ للدرجة التي جعلتها تحظى بإعجاب المحتل ذاته، حيث أبدى الجنرال البريجادير إكسهام، القائد البريطانى بمنطقة القناة، إعجابه بشجاعة المصريين بعد انتهاء المعركة، قائلًا للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال: "لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف، ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعًا ضباطًا وجنودًا".
وفي السطور التالية، تسلط بوابة "دار الهلال" الضوء على بطولات رجال الشرطة بموقعة الإسماعيلية 1952.
معركة الإسماعيلية 1952
كان للمقاومة والفدائيين دورًا بارزًا في مواجهة الاحتلال البريطاني إلى جانب الشرطة المصرية في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، الذي انحسر تواجده في منطقة القناة فقط "الإسماعيلية والسويس وبورسعيد"، بمقتضي اتفاقية 1936 التي تنص على انسحابها من كل المحافظات والمدن المصرية.
وتمكن الفدائيون من تنفيذ هجمات ضد الاحتلال، وهو ما كبدهم خسائر كبيرة آنذاك، وكان ذلك يتم بدون تنسيق فيما بينهم، إلى أن قام وزير الداخلية، فؤاد سراج الدين، بتوحيد صفوف الفدائيين.
وفي 31 ديسمبر من العام 1951، القي الفدائيون 3 قنابل يدوية على سيارة الجنرال البريجادير إكسهام، القائد البريطانى بمنطقة القناة، إلا أن إكسهام نجا من هذه العملية، وأصيب سائق السيارة كما أصابت مقدمتها، ومع ذلك بدأ تشدده في المنطقة من أجل تجحيم الفدائيين والقضاء عليهم.
وعندما علمت بريطانيا بقيام سراج الدين بالتنسيق بين الفدائيين ضدهم، أصدرت قراراً بإخلاء مبنى محافظة الإسماعيلية ومديرية الأمن من الشرطة.
وسلم قائد القوات البريطانية بالإسماعيلية إكسهام، لضابط الاتصال المصري المقدم شريف العبد، إنذارًا بتسليم مبني المحافظة، وكان بها الضابط المصري الملازم أول مصطفى فهمى، وطلب منه مغادرة المبنى ومن معه من الجنود والضباط بدعوى أن موقعها صار مركزًا لاختفاء الفدائيين المصريين.
ورفضت القوات المصرية تسليم أسلحتها وإخلاء مبنى محافظة الإسماعيلية، وقاوموا بشدة في معركة غير متكافئة، في 25 يناير 1952، الأمر الذي أغضب إكسهام، فقامت قواته ودباباته وعرباته المصفحة بمحاصرة قسم بوليس الإسماعيلية، وأطلقت النيران بشكل مركز على القسم ومن فيه، وفي المقابل لم تكن الشرطة المصرية تمتلك سوى البنادق العادية.
وبلغ عدد البريطانيون الذين حاصروا قسم شرطة الإسماعيلية ومبنى المحافظة نحو 7 الآف جندي بريطاني، بينما كان عدد الجنود المصريين المحاصرين لا يزيد على 800 فى الثكنات وثمانين فى المحافظة.
وقاوم الجنود المصريون ببسالة وشجاعة في معركة غير متساوية القوة، حيث استمر البريطانيون في القصف والهجوم حتى نفدت آخر طلقة معهم بعد ساعتين من القتال المستمر، الأمر الذي تسبب في مقتل واستشهاد 50 ضابط مصري وإصابة 80 آخرين.
وبعد انتهاء المعركة أبدى إكسهام إعجابه بشجاعة المصريين فقال للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال: "لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف، ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعًا ضباطًا وجنودًا".
وأمر الجنرال البريطاني رجاله بإعطاء التحية العسكرية لرجال الشرطة المصرية أثناء خروجهم من المبنى اعترافًا بشجاعتهم فى الدفاع عن الأوطان، ومنذ ذلك اليوم أصبح 25 يناير عيدًا للشرطة يتم الاحتفال به كل عام، كما أصبح عيدًا قوميًا لمحافظة الإسماعيلية.