رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


تشمل الرهبنة والارتداد والهجر والسجن والجنون والمرض المُعدى والعجز الجنسى الكنائس تتحايل لتفادى غضب الأزواج بـ«توسيع أسباب الطلاق»!

19-8-2017 | 15:56


تقرير: سارة حامد

لفتت حفلات الطلاق الجماعى التى أقامها الأقباط قبل أيام انتباه المجتمع المصرى والخارجى لقضية المسيحيين فى الأحوال الشخصية.. الأمر الذى دفع الكنائس للتحرك لتفادى غضب الأزواج. وتدرس الكنائس المصرية الآن توسيع أسباب الطلاق لتشمل، الرهبنة برضا الزوجين، واستحالة العشرة ٣ سنوات، والزنا والارتداد والهجر خمس سنوات للأسر المعيلة، وثلاث سنوات للأسر غير المعيلة، والسجن أكثر من ٧ سنوات، والجنون ٣ سنوات، أو ظهور مرض معد، والعجز الجنسى ٣ سنوات، والشروع فى القتل وسوء سلوك أحد الزوجين.

نشطاء أقباط وشباب أكدوا أن التوسع فى أسباب الطلاق شائعات يصعب تنفيذها، فهي مُجرد خطوة لتهدئة الرأى العام.. وأنه فى تاريخ الكنيسة لم تصدر أى لائحة تحتوى على أسباب مُتعددة للطلاق حتى لائحة ٣٨ التى صدرت من المجلس الملى وأوقفها البابا كيرلس السادس لحظة صدورها.

«شريعة الزوجة الواحدة» هو أمر اتفقت عليه كافة الطوائف المسيحية، رغم اختلافها حول تفاسير القضايا المسيحية، لكن جميعهم يسمح بالتطليق وليس بالطلاق.. والتطليق هو الفصل بين الزوجين بناء على حكم محكمة ولأسباب تقرها الكنيسة.. ولذلك لا يجد الأقباط سبيلًا سوى التحايل على القوانين بتغيير الملة أو الطائفة، بحسب الكنائس التى تستقبل من حين لآخر أعضاء جدد، مقابل دفع «ضريبة» لتلك الكنائس تحت مسمى «تبرعات».

من جانبه، يقول أشرف أنيس، مؤسسة رابطة الحق فى الحياة للأحوال الشخصية المسيحية، إن «توسع الكنيسة الأرثوذكسية فى أسباب الطلاق، كانت خطوة لتهدئة الرأى العام، لكن لا يمكن تنفيذها، إلا إذا أصبحت قانونا يُطبق فى المحاكم على الأقباط الأرثوذكس».

مضيفًا: أن المجلس الإكليريكى الحالى لا يُطبق التعديل على من حصلوا على طلاق مدني، إلا بعد مرور خمس سنوات من تاريخ حكم الطلاق متجاهلًا الفترة السابقة التى عانى منها أصحاب المشاكل من الانفصال الجسدي.. وهنا نجد أن الفترة ربما تكون سبع أو عشر سنوات وربما أكثر، كما أن التصريح الذى يحصل عليه صاحب حكم الطلاق يكون تصريحا سنويا قابلا للتجديد، ويمكن للمؤسسة الدينية عدم تجديده، لذلك فإن كل ما يقال عن التوسع فى أسباب الطلاق والتصريح الثاني، ماهو إلا شائعات يصعب تنفيذها.

ويقول «أنيس» إن الفرق بين اللائحة والقانون فى الأحوال الشخصية المسيحية هو أن اللائحة لا ترتقى لقوة القانون، لأن اللائحة يمكن أن تُعدل بدون المرور على مجلس النواب، ويختص بتعديلها الرئاسة الدينية كما حدث فى عصر البابا الراحل شنودة، أو مسئولو الدولة المنوط بهم تعديل القوانين.. لكن القانون هو من اختصاص السلطة التشريعية التى يمثلها مجلس النواب ولا يجوز تعديله إلا بموافقته، مثال على ذلك أنه تم تعديل لائحة ٣٨ للأقباط الأرثوذكس فى سنة ٢٠٠٨ ولم يستطع البابا شنودة إلغاء مادة تغيير الملة، لأنها قانون، لذلك فإن حل مشكلة الأحوال الشخصية للمسيحيين يتطلب تشريع قانون مدني، بعيدًا عن تشريعات الرئاسات الدينية، لأن القانون عندما يشرع لابد وأن يكون متوافقًا مع بنود الدستور، الذى يعتبر بمثابة عقد بين الدولة والمصريين عمومًا.

وأوضح «أنيس» أن قوانين الكنائس التى تريد تشريعها تختلف تمامًا عن ما ينصه الدستور لأسباب عديدة منها، أن الدستور يمنع التمييز بين الأفراد، وعند صدور باب خاص لكل طائفة فى موضوع الطلاق، فهذا يعتبر تمييزًا، كما أن تطبيق ثلاث سنوات للهجر لمن ليس لديه أطفال وخمس سنوات لمن لديه أطفال يُعتبر تمييزا. مضيفًا: منح تصاريح الزواج لبعض الأفراد وعدم السماح للبعض الآخر فهذا ضد مادة الدستور، كما أن المجلس الإكليريكى ليس له سلطة قضائية حتى يحقق مع الأفراد الذين حصلوا على أحكام قضاء، وليس لديه سلطة المنح والمنع، حسب قوانين الدولة، لكن من حقه فقط إتمام المراسم الدينية ومنعها.

ويؤكد «أنيس» أن حفلات الطلاق الجماعى الذى أقامها الأقباط قبل أيام نجحت فى لفت انتباه المجتمع المصرى والخارجى لقضية المسيحيين فى الأحوال الشخصية.

ولفت «أنيس» إلى أن انخفاض أعداد المشاركين فى حفلات الطلاق له عدة أسباب منها، أن المجتمعات الشرقية لا تحتفل بالطلاق فى صورة حفلات، مطالبًا بفصل العقد المدنى عن العقد الكنسي، وعمل مكاتب توثيق للطلاق والزواج بعيدًا عن أسوار الكنائس، وليذهب إلى الكنائس من يرغب فى الزواج بالسلطة الكنسية، كما هو الحال بالخارج فى أى دولة.

فى حين قال مينا أسعد، خادم أسقفية الشباب بالكنيسة الأرثوذكسية، إن قضية الطلاق من القضايا التشريعية بصريح النصوص الإنجيلية، ولا يوجد أحد من مفسرى الكتاب المقدس من الآباء الرسوليين إلا وأكد على القصد الإلهى بتشريع «لا طلاق إلا لعلة الزنا» سواء جسديا أو روحيا أو بتغيير الدين، ونجد فى قوانين الكنيسة على مدار الألفى عام تأكيدا على هذا التشريع.

«أسعد» قال: فى تاريخ الكنيسة بأكمله لم تصدر أى لائحة تحتوى على أسباب متعددة للطلاق حتى لائحة ٣٨ صدرت من المجلس الملي، وأوقفها البابا كيرلس السادس لحظة صدورها فى ذلك الوقت.. وأكد أن هذا إيقاف البابا يوساب ومن بعده البطاركة وصولا إلى البابا شنودة، ويحمل التاريخ قرارات مجامع فى عصر هؤلاء البطاركة يرفضون فيها ما يسمى بلائحة ٣٨ لأنها ضمن القوانين الموازية للأحوال الشخصية وتتغير باستمرار وتنمو، فكما يرى البعض القانون كائنا حيا ينمو ويتفاعل، كان واجباً أن يصدر قانون إجرائى من الكنيسة ينظم عمل المحاكم فى قضايا الأحوال الشخصية للأقباط، فجاءت تؤكد على أنه «لا طلاق إلا للزنا»، وتغيير الدين، وأغلقت باب تغيير الملة، مع تأكيدها على عدم زواج الطرف المخطئ كما تنص نصوص الكتاب المقدس.

وأشار «أسعد» إلى أن لائحة ٣٨ سمحت بطلاق مدنى فقط فى حالة الهجر، وهو فى الأصل لمعالجة الحالات التى يمكن فيها إثبات الزنا أمام الكنيسة، ولا يمكن إثباته حسب أحكام القانون، فيتم التطليق مدنيا للهجر وكنسيا للزنا، ومن يقوم بإرادته المنفردة فى الحصول على طلاق مدني، فالكنيسة تفحص حالته، فإن توافقت والكتاب المقدس تقوم بتطليقه كنسيا.

مضيفًا: شملت اللائحة أيضا وسائل الاستدلال على حكم وقوع الزنا، وهو ما يطلق عليه الزنا الحكمى من خلال مجموعة من القرائن كالرسائل الإلكترونية وغيرها.. كما نصت على بطلان الزواج فى حالة وجود غش فى بعض الأمور، ولا يعلم به الطرف الآخر تدليسًا، أى أن يكون الزوج مدمنًا مثلًا قبل الزواج.. وهنا يكون الزواج كأن لم يكن مدنيًا وكنسيًا.

موضحًا أن ما يتداوله البعض أن البابا شنودة هو الذى رسخ «لا طلاق إلا لعلة الزنا» وأنها ليست نصًا كتابيًا يحتاجون فقط لقراءة الكتاب المقدس وتفاسيره وأقوال آباء الكنيسة على مر العصور، فهناك أكثر من مائة أب وبطريرك سابق للبابا شنودة أكدوا نفس هذا التعليم الراسخ للكنيسة فى هذه القضية.