جريمة الـ «سيلفى» لا تنفى دورها الإسعاف .. رحلة إنقاذ حياة
تقرير : إيمان النجار
أزمة جريمة السيلفى التى ارتكبها اثنان من المسعفين بجوار قطار الكارثة بخورشيد كادت تضيع جهد رجال الإسعاف تماما ، فالغضب سيطر على الجميع من تصرف غير مسئول لاثنين تركا الضحايا لينفردا بسيلفى مع القطار، وزارة الصحة لم تكتف بالبيان الذى انتقدت فيه ما حدث واعتبرته تصرفا فرديا لا يجب تعميمه، وإنما وقعت الجزاء على المسعفين وتم نقلهما من إسعاف البحيرة إلى إسعاف سيوة، عقابا على الاستهتار وعدم الشعور بالمسئولية.
لكن التصرف اللا أخلاقى للمسعفين لا يؤثر أبدا على دور هيئة الإسعاف التى كانت حاضرة بقوة من حيث التواجد والمشاركة، حيث شارك فى الحدث نحو ٨٢ سيارة إسعاف لنقل المصابين لمستشفيات رأس التين والجمهورية التابعة لوزارة الصحة، ومصطفى كامل العسكرى والشرطة بالإسكندرية والميريو الإيطالي، وكذلك نقل المتوفين إلى مشرحة مستشفيات كوم الدكة والمعمورة ورأس التين والميري، أيضا نقل جثامين المتوفين لذويهم، فسيارات الإسعاف، كانت فى موعدها ورجالها الشرفاء كانوا عند المسئولية، ومن حيث توقيت التواجد، فحسب بيانات الصحة وصلت أول سيارة إسعاف كود ٩٧٣ بعد خمس دقائق فقط من وقوع الحادث.
وكما يقول أحد سائقى سيارات الإسعاف ما فعله مسعفى حادث القطار لا أحد يقبله ولا أحد ينكر خطأ التصرف، الذى يسىء إلينا جميعا ويضيع جهدنا لكن فى نفس الوقت لا يمكن أن يلغى الدور المهم الذى يقوم به المسعفون فى الأحداث الكبرى بدءا من ثورة يناير التى أبرزت التواجد والقوة الحقيقية لهذا المرفق الحيوى.المسعف يؤكد أن رجال الإسعاف يتحملون ما لا يطيقه بشر أثناء أدائهم لدورهم، لكن ينسى كل هذا الجهد و يتوقفون عند خطأ شخصي.
التحرك السريع لمواجهة كارثة القطار تمت إدارتها بحرفية من داخل غرفة عمليات الإسعاف. التى انشئت منذ سنوات خصيصا للسيطرة على حركة سيارات الإسعاف ذهبنا إلى الغرفة لرصد ما حدث لحظة بلحظة. الأمور تسير بسرعة كبيرة، الجميع يعمل وفق نظام محدد، خلية نحل، كل فرد يعرف واجباته ويمارس مهامه، داخل الغرفة هناك العديد من أجهزة الكمبيوتر، وأمام كل جهاز يجلس متلقى البلاغ وبجواره اللاسلكى وخط تليفون يمكنه من التواصل مع أى سيارة إسعاف، وبمجرد تلقى البلاغ يتم توجيه السيارة الأقرب لمكان البلاغ ، يتم تحديدها من خلال خريطة توضح أماكن تواجد جميع سيارات الإسعاف التى تم ربطها بنظام التتبع الآلي.
وسط المكان يقف د. محمد العناني، مدير غرفة عمليات القاهرة الكبرى بهيئة الإسعاف لمتابعة سير الأمور،وبدأ حديثه عن صورة سيلفى القطار قائلابالنسبة لصورة السيلفى المتداولة لمسعفين على مواقع التواصل الاجتماعى، فهى صورة مستفزة لمشاعر الناس وقوبلت باعتراض ليس فقط من عموم الناس ورواد مواقع التواصل الاجتماعى، لكن أيضا من زملائهم المسعفين والقائمين على العمل بالهيئة، لكن فى المقابل لا يجب التعميم فى الخطأ، فهذا تصرف فردى وسط كم الجهد الهائل الذى قدمته هيئة الإسعاف، ويجب ألا نغفل الدور الحيوى والمهم الذى تقوم به، وكم من مسعفين استشهدوا فى حوادث أو تعرضوا لمخاطر ».
وقال د.العنانى «فور تلقى بلاغ تصادم القطارين تحركت سيارات الاسعاف، ووصلت أول سيارة بعد خمس دقائق فقط من الحادث وكانت متمركزة قريباً من موقع الحادث ولحقت بها سيارات أخرى فى تمركز أبيس ٨ وهو أقرب تمركز لموقع الحادث وتوالى وصول باقى السيارات ونتيجة سرعة الاستجابة لم يشعر أحد بتقصير من الإسعاف، بل استطعنا إنقاذ العديد من المصابين، العنانى يؤكد أن التحرك فى بلاغات الكوارث يكون وفق نظام محدد ومعروف، فيوجد فريق الكوارث ويضم بدءا من رئيس الهيئة وقيادات بالهيئة، ثم مديرى الأقاليم ومديرى الفروع ومدير النموذج أو الفرع التابع له الحادثة، بحيث يتم التنسيق الفورى بين كل الأطراف.
بالنسبة لطبيعة العمل بغرفة عمليات الإسعاف قال د.العنانى:«العمل بغرفة العمليات مستمر على مدار الـ ٢٤ ساعة بنظام الشفت ١٢ ساعة أو ٨ ساعات ، الشفت الواحد يعمل به على الأقل ٣٠ شخصا ، فى غرفة محافظات القاهرة الكبرى نتلقى نحو ألفى بلاغ يوميا، والبلاغ يتم تقسيمه ما بين خدمة طارئة وغير طارئة أو خدمة إسعافية وغير إسعافية، الإسعافية أو الطارئة مثل حوادث الطرق، انهيار عقار، مشاجرات، حرائق وهكذا، أما غير الطارئة فتكون مثل طلب مريض للنقل لعيادة أو إجراء أشعة أو تحويل من مستشفى لآخر.
لعل شكوى تأخر سيارة الإسعاف تظل الأبرز، وسط تأكيدات قيادات الهيئة بأنهم وصلوا إلى معدلات استجابة للبلاغات تتراوح من ١٠ دقائق إلى دقيقة، وأنهم يسعون للنزول بالمعدلات لما هو أقل من ١٠ دقائق، عن طريق الربط الآلى لأسطول سيارات الهيئة، والتنسيق الدائم مع إدارة المرور لتسهيل حركة سيارة الإسعاف.
البلاغات الكاذبة .. المعاكسات، مصطلحات سرعان ما ستجد طريقها إليك، أثناء الحوار عن مرفق الإسعاف، حيث يتضح أن رقم ١٢٣ إسعاف، يتلقى معاكسات يوميا بنسبة كبيرة جدا من مختلف المحافظات، وتتراوح يوميا ما بين ٤٥ ألف إلى ٨٥ ألف مكالمة معاكسات يوميا، وهذا أول عائق.
تركنا «د. العنانى» لنتحدث مع د.أحمد الأنصارى، رئيس هيئة الإسعاف المصرية، عن خطة تطوير الهيئة، حيث قال: التطوير شمل صغر حجم السيارة لكى تستطيع التحرك فى الأماكن الضيقة، وتكون لها مهارات تكتيكية أفضل، وخلال العام الحالى أضيفت ٣٠٠ سيارة وتم تسليمها للمحافظات، هذه السيارات يمكنها العمل داخل المدن وعلى الطرق حيث إنها تتمتع بقدرات عالية، أيضا يوجد سيارات الدفع الرباعى وهى مخصصة لخدمة المناطق المحرومة من الخدمة والمناطق غير الممهدة، وعددها ٥٠ سيارة ووصلت مصر وهى فى مرحلة التجهيز والإعداد لدخول الخدمة وتستغرق من شهر إلى شهر ونصف للتأكد من سلامتها وتركيب الأجهزة الطبية.
لا ينكر الانصارى شكاوى تأخر الإسعاف ولكنه يقول: علينا أن ندرك أننا نقدم نحو مليون و٤٠٠ ألف خدمة إسعافية فى السنة، ونأمل خفض أزمنة الاستجابة فالدقيقة بالنسبة للمريض طالب الخدمة الإسعافية تعادل ساعة بالنسبة لمنتظرى سيارة الإسعاف.
وأوضح أنه «بالفعل تم بحث شكاوى وردت بشأن تأخر الخدمة، ووجدنا أن الأزمنة الواقعية وهذه يمكن متابعتها ومعرفتها بسهولة نجدها ٦ دقائق أو أقل من ١٠ دقائق ، وفى المقابل توجد شكاوى حقيقية تؤكد تأخر سيارة الإسعاف وهذا موجود فعلا ولا ننكره ، فلا يزال معدل التأخير بنسبة من ١٠ إلى ١٥ ٪ من إجمالى البلاغات، وهذه النسبة فى انخفاض مستمر مع زيادة عدد سيارات الإسعاف بإجمالى ٥٥٠ سيارة»، ليصل عدد سيارات الإسعاف ، ولدينا نحو ٦ آلاف مسعف، ونحو ٥ آلاف سائق عام ٢٠١٧ لنحو ٣١٠٠ سيارة إسعاف أضيف لهم مؤخرا ١٦٠٠ سائق وزيادة عدد السائقين يحقق إتاحة أكثر للسيارات وخفض أزمنة الاستجابة.
تتبع سيارات الإسعاف خطوة مهمة بدأتها هيئة الإسعاف، وحسب قول رئيس هيئة الإسعاف، فقد تم تركيب الجهاز فى نحو ١٣٠٠ سيارة بمحافظات القاهرة الكبرى ومدن القناة، وسوف نبدأ فى الصعيد والإسكندرية ومقرر قبل ٨ أشهر الانتهاء من تطبيق نظام التتبع الآلى على كل سيارات الإسعاف بمختلف محافظات الجمهورية، وهذا النظام مفيد جدا فى استغلال الموارد ففى حالة تقدم بلاغ سيتم توجيه أقرب سيارة وهذا يحقق سرعة أكثر جاهزية أفضل. وتبلغ تكلفة تطبيق المشروع من ٤٢ إلى ٥٠ مليون جنيه.
ميزانية الهيئة تتخطى مليار جنيه سنوياً، وهى كما يصفها الأنصارى حتمية ومعروفة بمعنى أن هذا بند الأجور وهذا بند استهلاك السيارات للوقود وتكلفة الصيانة وهكذا، والميزانية توفرها وزارة المالية من الموازنة العامة للدولة.