قال الدكتور عبد المنعم سعيد المفكر السياسي وعضو مجلس الشيوخ، إن العام الماضي كان صعبا وحزينا وثقيلا برحيل الابن والأخ، وبعدهما اكتملت دائرة الحزن برحيل الصديق ياسر رزق، مضيفا: «هو لم يرحل ولم يغب ولم يبتعد، في الحقيقة هو حاضر معنا الليلة بشخصه الذى لا يختفي، وفكره الذي لا يموت وضوئه الذى لا يعتم».
وأضاف سعيد، في كلمته خلال إحياء الذكرى الأولى للكاتب الصحفي ياسر رزق التي نظمتها نقابة الصحفيين بمقرها مساء اليوم السبت، «عرفت ياسر رزق مصادفة عندما كنت خارجا من مكتب وزير الإعلام أنس الفقي، لأجده في طريق الدخول، وعندما تصافحنا كان هناك الكثير من التقدير، وشعرت بأن هذه المقابلة المصادفة لن تكون الأخيرة»، مشيرا إلى أنه كان يقدر مثل كثيرين تجربة ياسر رزق في مجلة الإذاعة والتليفزيون، حيث نقلها من مجرد مطبوعة تسجيلية إلى مجلة مفعمة بالحيوية الصحفية.
وتابع: علاقتي مع ياسر رزق اقتربت كثيرا بعلاقتي مع صديقي رحمه الله الدكتور محمد السيد سعيد، حيث تطفو العلاقة الإنسانية والفهم المتبادل للمواقف وتبقى الصداقة دائما أعلى من كل اعتبار.
وتابع أنه «من الناحية الفكرية كنا على جانبي اليسار واليمين في السياسة العامة، إلا أن الرابطة الإنسانية كانت عميقة فى لحظة تاريخية بدت فيها رياح الثورة في مصر إما أن تولد لهبا حارقا، أو تنبئ بفجر جديد».
وأشار إلى أن في كتابه «سنوات الخماسين» يغوص فكر ياسر رزق في مرحلتين هما يناير الغضب، ويونيو الخلاص، ممسكا بتلابيب تفاصيلها وأشخاصها وشخوصها، فلم يكن شاهدا على التاريخ، ولكنه كان مشاركا في صنعه، لأنه كان من المستحيل الوقوف على الحياد، والمؤكد أنه قام
بواجبه الصحفي في الرصد والتحليل لكنه كان رصينا حينما باتت الرصانة واجبة.
وأردف «كانت مصر تحتاج إلى مشروع وطني قومي يعيدها إلى طريق بناء الدولة الحديثة، وكان ياسر رزق في قلب هذا المشروع الذى قطع الطريق على التردد السائد، وفتح الأبواب للدولة المدنية الحديثة»، مضيفا: «في مقالاته أخذ قرّاءه إلى شبكات كثيفة ومعقدة من العلاقات والتناقضات من داخل الأحداث الكبرى التي يشاهدها، فبكل المقاييس كان ياسر رزق هو كاتب المرحلة، مقدما صحافة الكتابة الرائعة».