رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الفنانون ومبادرة تثبيت الدولة

20-8-2017 | 12:26


بقلم : محمد المكاوى

ساعة ونصف تقريبا هي مدة الاجتماع الذي ضم أعضاء الهيئة الوطنية للصحافة ورئيسها الكاتب الصحفي كرم جبر مع رؤساء التحرير ورؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية القومية، واستضافتها الزميلة الأهرام ورئيس مجلس إدارتها ونقيب الصحفيين الكاتب الصحفي عبدالمحسن سلامة، لوضع رؤية لتحويل مبادرة السيد رئيس الجمهورية - تثبيت الدولة - لواقع ملموس، وقد قيل في هذا الاجتماع كلام مهم للغاية لمست فيه الصدق والرغبة الحقيقية في الخروج برؤية شاملة تضع الخطوط العريضة لمواجهة الإرهاب الأسود الذي يسعي لزعزعة وهدم مؤسسات الدولة.

وربما أتوقف هنا باعتبارنا مجلة فنية متخصصة، أمام البند التاسع من البيان الذي صدر عقب هذا الاجتماع حيث يقول:

"الإسراع بتنفيذ دعوة السيد الرئيس بإنتاج أعمال سينمائية ودرامية تهتم بالقضايا الوطنية وإيقاظ القوة الناعمة المصرية التي شكلت علي مر العصور سياجا قويا يحمي أبناء الوطن من التيارات التي تتنافي مع قيمه ومبادئه ومثله العليا وفي صدارتها إذكاء روح التسامح والحوار والحفاظ علي النسيج القوي للشعب المصري، وأن تكون الصحافة هي الجسر لوصول هذه الأعمال المهمة إلي الرأي العام عوضا عن الثقافات الدخيلة التي تهب علي مجتمعاتنا من الشرق والغرب».

- هذه الرسالة الواضحة إلي صناع الفنون في بلدنا تقول ببساطة انطلقوا وأبدعوا وعبروا بصدق عن حبكم لبلدكم ووطنكم، والقصص الإنسانية والبطولات المصرية حولنا كثيرة.. نراها ونسمعها ونقرأ عنها..

وتشهد سنوات الستينيات عندما اجتمع أهل الفكر والقلم لبدء حملة لمساعدة الطلاب غير القادرين، أن المطرب عبدالحليم حافظ ترجم هذه الحملة علي الفور إلي أغنية أبدع كلماتها الشاعر «مرسي جميل عزيز» وأبدع لحنها الموسيقار كمال الطويل فكانت رائعة «ذات ليلة».

ذات ليلة أنا والأوراق والأقلام

كنا في عناق

نقطع الأزمان والأبعاد في اشتياق

والنهايات السعيدة لم تكن عني بعيدة.

هكذا فكر الثلاثي العبقري حينها، وهكذا كان يفكر الفنانون زمان.. إذن الكرة الآن في ملعب نجومنا وعليهم أن يكونوا علي مستوي الحدث، لإنتاج أعمال تقدم للناس صورة حقيقية وأمينة لضبط مزاج الشارع المصري وتخفف عنه آلامه وأوجاعه وتعيد إلي شبابه قيم الانتماء والولاء للوطن الغالي.

أهل الضحك والعذاب

صديقي العزيز د. ياسر ثابت أعتز بصداقته منذ أيام الجامعة حيث تزاملنا في كلية إعلام القاهرة.. أهداني مؤخراً كتابه الشيق «أهل الضحك والعذاب»، ولا أخفي عليك عزيزي القارئ، أنني عشت معه ساعات حلوة خاصة وهو يحكي عن النجوم.. فاتن حمامة وعمر الشريف وعادل إمام وإسعاد يونس وحمادة سلطان، ورغم أنني التقيت بهم كثيراً من قبل، إلا أنه أعطاني عنهم صورة وكأنني أراهم لأول مرة، إلي جانب شخصيات أخري تحدث عنها - سياسية ورياضية وإعلامية - وهو يعتبر ما يكتبه عنهم سواء بالسلب أو الإيجاب باعتبار أن لكل منهم ذلك الدور الذي لا يجوز إغفاله أو تجاوزه، لذا فهو يري بعضهم كحبات في عقد واحد طوق عنق مصر في حالات وأعلي من شأنها، وشخصيات أخري كما لو كانت بقعة لطخت ثوبها.

واختار الكاتب أسلوب الكتابة عن الراحلين وكأنهم مازالوا علي قيد الحياة، فقد اختار صيغة الحاضر للكتابة عنهم وبعين اللحظة التي التقي فيها معهم، وأجمل تعبير أعجبني وصف به المؤلف كتابه هذا عندما كتب يقول:

«سطور الكتاب الذي بين أيديكم اعتنت بحدائق الكلام، حتي يطل علي القارئ من نافذة الحروف علي هذه الشخصيات علي اختلافها وتنوعها».

لذا جاءت شخصيات كتابه وكأننا نقرأها لأول مرة لنكتشف كثيرا من الجوانب كانت خافية لولا.. حدائق الكلام التي أطللنا عليها من نافذة الحروف.. ففي معرض كلامه مثلا عن سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة.

- «ورغم امتداحها مبارك في ذلك اللقاء الأخير، وكانت قد قاربت علي الثمانين فإنها أضافت: «عشرة برضه» في تلميح قد يفهم علي أنه بقي في منصبه أكثر مما ينبغي خصوصا أنها أيدت في ذلك اللقاء تحديد مدة الرئاسة» ويضع يده علي مفارقة مدهشة في «بورتريه» عادل إمام فيقول:

 

- الرجل الذي كان يصرخ في توسل «عايز أبوس» في فيلم «نص ساعة جواز» وتلقي الصفعات والركلات، ثار لنفسه بتوزيع القبلات علي جميع بطلات أفلامه في زمن نجوميته وبالانتقام من الجميع بالضرب والركل كأنه فارس زمانه الوحيد.. هكذا يأخذ عادل إمام وسامته إلي حافة الثمانين وليذهب الفن بكل شروطه وضوابطه ومنطقه إلي الجحيم.

ووجه آخر للعلاقة بين الفن والسياسة يكشفه لنا الكاتب بذكاء شديد حينما يتناول سيرة المونولوجست «حمادة سلطان».

- ارتبط هذا الفنان الضاحك بعلاقة وطيدة مع الرئيس السادات، فكان الأخير يطلبه بالاسم في أوقات بعينها لكي يتوجه له في منزله ويقضي معه أوقاتا طويلة، مما أثار ردود فعل عديدة حول الأسباب التي تدفع الرئيس للإصرار علي لقاء «مونولوجست»، لم يفطن أحد علي الإطلاق للسر خلف هذه اللقاءات، وهو أن السادات كان يدرك تماما أن النكات التي يلقيها حمادة سلطان تعكس ما يدور في الشارع المصري من هموم وآراء شعبية حول كل القضايا بما في ذلك اتفاقية السلام التي أثارت ضجة متباينة عام 1977.

وهكذا تجري سطور وفصول كتاب «أهل الضحك والعذاب» المليء بالحكايات والأسرار المدهشة وربما تكون لنا معه عودة في القادم من الأيام.

«18يوم» .. الصدمة

منذ أن عرض فيلم «18 يوم» في مهرجان كان عام 2011 وأنا أبحث عن هذا الفيلم، حتي أتيحت لي الفرصة لذلك منذ عدة أيام، وبقدر لهفتي علي مشاهدة فيلم سينمائي يحكي أيام ثورة 25 يناير والتي سبقت تنحي مبارك عن السلطة، بقدر ما شعرت بالأسف والصدمة، وكدت لا أكمل متابعته.. صحيح أن الفيلم يحكي عن 18 يوما، ولكنه ركز بشكل أساسي علي ما واجهه الثوار من قمع وتعذيب وإهانة علي يد الشرطة، وكان ذلك الخط الدرامي هو القاسم المشترك في كل لوحات الفيلم الـ «10» إذا وضعنا في الاعتبار أنها أجزاء تكمل بعضها البعض لتشكل اللوحة الرئيسية وهي ثورة 25 يناير.

إحساس غريب انتابني وأنا أشاهده.. ليست هذه الثورة التي نعرفها وإن كان الفيلم استعان بمشاهد حقيقية وقعت في الشوارع والميادين، لكن ما الداعي لكل هذه الألفاظ المبتذلة والسباب الصريح الواضح بأحط الكلمات والعبارات، بل إنني في غاية الاندهاش أن يصور مثل هذا الكم من السباب وهذه الشتائم علي لسان نجوم قدموا لنا أعمالا ناجحة ونالوا بها كثيرا من الاحترام والتقدير.. وأيضاً الجوائز.

وربما لو حذف القائمون علي الفيلم الجزء «19 - 19»، أقول ربما يكون فيلما مقبولا ولا يخجل من مشاهدته أحد، فهو فيلم يمزج بين التسجيلي والدرامي، ولا يصح أبدا أن العمل الفني الذي يشارك فيه 10 مخرجين.. شريف عرفة وخالد يوسف ويسري نصر الله ومحمد علي وشريف البنداري وخالد مرعي ومريم أبو عوف وأحمد عبدالله وأحمد علاء وكاملة أبو ذكري. ويلعب بطولته أحمد حلمي وعمرو واكد وناهد السباعي وأحمد فؤاد سليم وهند صبري وآسر ياسين وإياد نصار وباسم سمرة وأحمد الفيشاوي.. أقول لا يصح أبدا أن يصل إلي هذا المستوي المتدني، في تناقض صارخ حيث إنه عمل يفترض فيه أن يعزز قيم الحرية ويعلي من شأن الإنسان المصري، بينما لا يراعي هذه المفاهيم والقيم عبر مشاهد عديدة، بعضها أقبح من الواقع بكثير إننا لا ندعو إلي تدخل مقص الرقيب د. خالد عبدالجليل لو عرض عليه الفيلم، ولكننا ندعو صناعه إلي تحكيم ضميرهم الفني والأخلاقي، لأنه من الواضح أنهم يخاطبون به الغرب في الخارج وليس الجمهور المصري، الذي تابع وعايش أيام ثورة يناير لحظة بلحظة.