من «نزار» إلى «جاهين».. شعراء كانوا على موعد مع السينما
"الذهاب إلى السينما أشبه بالعودة إلى الرحم، فأنت تجلس هناك ساكناً مُتأملاً في الظلام تنتظر الحياة لتظهر على الشاشة!"، بهذه الكلمات يصف المخرج الإيطالي فيليني السينما، وربما هذا هو السبب الذي جعل منها حلم للكثير من الشعراء بأنها الحياة التي يعاد تكوينها مرات على تلك الشاشة الساحرة والتي يرى الكثير من الشعراء أنهم مجلبون عليها فـ "جاهين" هذا الشاعر الذي عاش يتغنى " لا دخلتها برجليا ولا كان لي ميل " عاش طيلة حياته شغوفا بأن تمنحه السينما حيوات أخرى.
ليس جاهين فقط من عاش مولعا بالتمثيل ولكن الكثير من الشعراء كانوا على موعد أيضا مع السينما فمنهم الشاعر السوري الكبير نزار قباني والشاعر الفلسطيني محمود درويش والشاعر المصري نجيب سرور والشاعر أحمد فؤاد نجم.
صلاح جاهين :
بدأت تجارب جاهين السينمائية عندما شارك بدور قصير في فيلم يحكي عن ثورة 52 ويقول جاهين أنه عندما علم بترشيحه للمشاركة في هذا العمل ذهب إلى بيته راقصا يصيح «ح أمثل قدام فاتن حمامة ورشدي أباظة بحالهم».
شارك جاهين بعد ذلك في فيلم " لا وقت للحب " للمخرج صلاح أبو سيف وأعجب " أبو سيف " كثيرا بأداء جاهين حتى أنه علق في أول تجربة أداء لجاهين : «ستوب.. هايل يا أستاذ.. رائع يا أستاذ.. عظيم يا أستاذ».
قدم جاهين بعدها شخصية المعلم سلطان في فيلم اللص والكلاب" ليبدأ بذلك مسيرته السينمائية بمشاركته في فيلمين من أهم أفلام أبو سيف.
شهد عام 1932 و1933 مشاركة جاهين في خمسة أفلام سينمائية وهم "لا وقت للحب، من غير ميعاد، و شهيدة العشق الإلهي، اللص والكلاب، القاهرة".
ولكن يظل دور "الشيخ سيد" في فيلم "المماليك" عام 1965 هو أهم أدواره وأنجحها والذي يتناول فكرة المقاومة الشعبية في إطار قصة حب جمعت بين عمر الشريف ونبيلة عبيد.
توقف جاهين عن التمثيل بعد ذلك لمدة 15عام رغم نجاح الأدوار التي أسندت إليه ورغم ولعه بالتمثيل واعتزازه بكونه ممثل حتى عاد بدور صغير في فيلم " موت أميرة " هو فيلم وثائقي بريطاني يتناول الفلم قصة حقيقية للأميرة السعودية مشاعل بنت فهد بن محمد آل سعود، واستعانت الشركة المنتجة للفيلم بجانب صلاح جاهين بعدد من الممثلين المصريين ،مثل نبيل الحلفاوي وسمير صبري.
كانت مشاركته جاهين عام 1985 في فيلم "وداعا بونابرت " للمخرج الكبير يوسف شاهين هي مسك الختام في مسيرة جاهين السينمائية.
كتب صلاح جاهين يصف نفسه في مجلة صباح الخير يا مصر عندما كان رئيس تحريرها في مقال طويل بعنوان " أنا عائد من البلاتوه” قائلا «أنا صلاح جاهين.. شفتاي ممتلئتان.. وكذلك باقي أجزائي.. الناس يقولون لي إنني أشبه هاردي.. وأنا أفضل أن أشبه "أورسون ويلز" (بعدما سمن وربرب وأصبح عال)».
نزار قباني :
الشاعر الكبير نزار قباني كانت له أيضا تجربة مع السينما وذلك من خلال مشاركته في فيلم القناص وهو من أعمال المخرج العراقي فيصل الياسري ولكن ما قدمه نزار في فيلم القناص كانت شخصية نزار قباني نفسه وهو يلقي قصيدته في أمسية شعرية.
قال المخرج فيصل الياسر مخرج الفيلم " استهوت فكرة فيلم "القناص" نزار قباني وكانت المرحومة أم عمر (بلقيس زوجة نزار) عونا لنا في إقناع نزار قباني بالمشاركة في فيلم القناص ويؤكد "الياسر" على حماس نزار لخوض تلك التجربة حتى أنه كتب مقطعا إضافيا للقصيدة استوحاه من جو أحداث الفيلم.
وأكد مخرج الفيلم في حوار له أيضا أن نزار قباني كان صبوراً أثناء التصوير الذي استغرق ثلاثة أيام بسبب تكرار انقطاع التيار الكهربائي في المركز الثقافي العراقي في بيروت حيث كنا نصور مشاهد الأمسية الشعرية."
يقدم فيلم القناص صورة عن الحرب الأهلية اللبنانية من خلال شخصية القناص الذى يقتل مقتنصًا بلا رحمة، وخلال ذلك يتم الكشف عن الكثير من الصراعات بين أطراف الحرب الأهلية اللبنانية دون رغبة حقيقية من أطراف الصراع بتوقف حمامات الدم.
نجيب سرور :
التحق سرور بالمعهد العالي للفنون المسرحية وذلك بعد تركه لكلية الحقوق، فقدم الكثير من المسرحيات التي حملت بعد ثورة وجسدت قضايا سرور اليسارية وروحه المتمردة دائما، مثل "منين أجيب ناس" و"النجمةْ أم ديل" وياسين وبهية " وغيرهم الكثير والتي شارك فيهم كمخرج و ممثل شهد له بالعبقرية.
ظهر نجيب سرور كممثل في بعض السهرات الإذاعية كما ظهر سرور كضيف شرف في أحد الأفلام السينمائية عام 1969وهو فيلم "عزيزة " بطولة هند رستم وشكري سرحان وسمير صبري ويحكي الفيلم قصة عزيزة (هند رستم) راقصة جميلة بالمنصورة يحبها ابن العمدة، ولكنها تصده وتقرر النزوح إلى القاهرة، و عند سفرها يلقي على وجهها ماء نار؛ فيشوه وجهها، وتضطر إلى أن تدير كباريه، وتقع في حب أحد زبائنه (شكري سرحان)، وعندما تفلس لا تجد من مفر غير ابتزاز إحدى الزوجات المترددين عليها في الوقت ذاته تقابل الدكتور رؤوف (سمير صبري) الذي يتعاطف معها ويجري لها عملية تجميل، وتحاول البدء من جديد.
أحمد فؤاد نجم :
ظهر الشاعر أحمد فؤاد نجم في فيلم شباب على الهوا وهو فيلم مصري من إنتاج عام 2002، من تأليف محمود حامد وإبراهيم حامد، ومن إخراج عادل عوض.
تدور أحداث الفيلم حول ثلاثة شباب (علي، كريم، شفيع) يقطنون حي المعادي، يفكرون في إنشاء قناة تلفزيونية للبث في المعادي فقط، ويقيمون بالفعل استوديو على سطح الفيلا التي يملكها علي، وهو أكثرهم ثراء، يتحدثون في قناتهم عن كل المشاكل والأخطاء التي تسبب فيها جيل الكبار، يرتدون أقنعة مختلفة أثناء البث حتى لا يتعرف أحد عليهم، ويطلقون على أنفسهم رستم 1، رستم 2، رستم 3، نادية وسمر يتعرفان على سر القناة التليفزيونية، ويشتركان معهم فيها.
الفيلم بطولة أحمد الفيشاوي وأحمد رزق وحنان ترك ونيلي كريم ومجموعة من الفنانين الشباب ، وقام فؤاد نجم بدور جد الممثل الشاب أحمد الفيشاوي.