زين ووداد.. هستيريا الحب
ما بين زين ووداد هناك عالم أشبه بسرداب مغلق لا تدخله الشمس ولا يطأ أرضه النور، حالك، تتصاعد منه رائحة الموت وأتربة الكراهية، ويبقى الحب زادا، ويبقى الحب خلاصا، ويبقى الحب أملا، الحب حياة، وحدهم الأموات لا يحبون... قصص الحب الأسطورية كثيرة، حكايتها مرجع حقيقى للعشاق، مثل، وقود... قصص الحب على الشاشة نجاة من ظروف الحياة القاسية، حل للأزمات، ملاذ للروح، قديما قال نزار قبانى إن الحب على الأرض بعض من تخيلنا إذا لم نجده عليها لاخترعناه، لكن حب وداد لزين ليس اختراعا، حب وداد معادلة رياضية للبقاء، اكتشاف لكوكب مواز يمكن العيش عليه بأمان، حب وداد وصفة سحرية، إكسير، براءته علاج، نقاؤه شفاء.
في رائعة الكاتب الكبير محمد حلمي هلال فيلم "هيستريا" 1998 يعيش زين "- أحمد زكى"- حياة مضطربة، شاحبة بلون الأيام، يعانى، يتألم، فى فيلم هيستريا الذي أخرجه عادل أديب تعيش وداد - "عبلة كامل"- تحت ضغوط قاتلة، خانقة... ما بين زين ووداد هناك عالم أشبه بسرداب مغلق لا تدخله الشمس ولا يطأ أرضه النور، حالك، تتصاعد منه رائحة الموت وأتربة الكراهية... وسط هذا العالم ليس أمام الشخص السوى إلا حل من اثنين، إما أن يستسلم ويختار مكانا فى طابور طويل من الصامتين المحبطين، وإما أن يصبح جزءا من هذا العالم بمساوئ جديدة مبتكرة ربما يراها أهل هذا العالم انخراطا وتوهجا ومسايرة... وداد لم تختر هذا الحل ولم تقف في طابور الصامتين، وداد قررت أن تكسر أبواب الخوف، أن تخرج بإرادتها وتنجو من هذا العالم، ان تحتفظ لنفسها بإنسانيتها الفطرية فقالوا إنها مجنونة!!
«أنا اتخطبت ييجى حداشر مرة وكل مرة الخطوبة تتفسخ ويقعدوا يقولولى يا مجنونة يا مجنونة.. أنا مش مجنونة يا عم سعيد.. أنا من أساسه ماحبتش ولا واحد فيهم.. طب أقولك على حاجة بقى.. أنا ممكن ولا آكل ولا أشرب ولا أنام بس الراجل الى أحبه يطبطب عليا وكدهون ويقولى سلامة رجلك من الوقفة يا وداد».
هذه فلسفة وداد، هذا هو دستورها الإنسانى، هذا ما قالوا عنه جنونا، وداد عاشقة عادية، لا تنظير فى أحكام قلبها، لا مزايدة في مشاعرها، وداد مخلصة لفكرة الطيبة والشغف والفطرة الإلهية، وداد عاشقة وفقا لآلية يدق فيها القلب دون حساب، دون مؤثرات خارجية أو وفقا لأحكام ما، هي فقط تحب وتعبر عن حبها، وداد أحبت زين وقررت أن تفصح عن هذا الحب، أن تتحدى المنطق وأن تثور على المألوف، قررت أن يكون قلبها في يديها ولا تبالى كانت تذهب حيث يغنى زين خريج المعهد العالي للموسيقى الذي عمل مدرسا ولم يتأقلم، وعمل مطربا ولم يفلح، فقرر أن يغنى في محطة المترو ليسمعه الناس وسمعته وداد وتعلقت به وأحبته، وداد اختارت وقررت أن تفصح عن اختيارها بقوة الواثقين، بفصاحة الخطباء "أنا بحبك يا زين وعايزة أتجوزك" لم تقلها في رسالة غرامية، لم تبلغ بها زين في لقاء عابر أو أرسلتها عبر الهاتف المحمول فى رسالة، وداد قررت أن تتصرف ببساطة وتلقائية وقالتها أمام الجميع، فى ميكرفون، وسط الزحام لم تر غيره، هو المقصود بالرسالة وهى تريد أن تعبر عن ذلك.
لم يغضب زين فهو أيضا عاشق وإنسان حتى لو لم يبادلها الحب لكنه يعلم جيدا أنها صادقة، محبة "يا وداد، الكلام اللي بيخرج من القلب بيتسمع من غير مكروفون و من غير زعيق .. و من غير البتاع اللي أنتى بتعمليه ده."
ــ يا سلام .. و أنا يعني كلامي ليك خارج من ودانى؟!.. مهو خارج من قلبي.. ولا بتسمعنى ولا بتفهمنى ولا بتعبرنى حتى!
ــ بسمعك وسأل فيكي وفاهمك كويس، وفاهم أزمتك يا وداد.. ومقدر جنانك نفسه يا وداد…
بصي.. أنا لما اتخرجت من معهد الموسيقى، اشتغلت في مدرسة ابتدائى.. وفي يوم بصيت لقيت بنت صغيرة قاعدة يتعيط .. ليه .. علشان زميلها باسها في خدها أنا قلت بقى آخدها على أد عقلها
قلتلها إيه رأيك تاخدى حقك منه، وزى ما باسك تبوسيه أنتى كمان
ــ وباسته بقى؟
ــ وباسته فعلاً .. وبطلت عياط فعلاً .. بس أنا بقى أترفدت لما الناظر عرف
شوفي يا وداد.. (إحنا عايشين في مجتمع ضاغط .. اللي يتصرف فيه بإنسانية وبساطة وتلقائية .. يفتكروه مجنون)"
قصة حب وداد لزين ملهمة حتى لو كنت تظن أنها مجنونة وتظن أن حبها لم يكلل بنهاية سعيدة... لكنها أحبت من أجل الحب... فقط الحب