رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الحب.. و الطريق إلى الله

10-2-2023 | 22:41


د. وفاء على

إن الحب يدفع بالإنسان نحو طاعة الله و تنفيذ أوامره بكل فرح و سرور ورغبة واشتياق للقائه، فالحب منتهاه رضى الله ليصل الإنسان إلى طريق الشعور المتبادل بين العبد وربه
حب الله هو الوقود الذي نحتاج إليه في حياتنا ليشبع حاجتنا فى معرفة معنى الحياة وكشف اسرارها لنخرج من ضجة هذه الحياة و قلقها إلى مرحلة السكينة

لاشك أن الإنسان لا يستطيع أن يكون كاملاً أو يدعي الكمال إلا إذا عرف الله و عندما يصل و ما أحلى الوصول فإنه سيهيم حباً في الله و معرفته في محطة العشق الإلهى، فالطريق طويل و المريدون كثر والعشق هو السبيل ليصل الجميع إلى حبه سبحانه وتعالى فتذهب الأحاسيس والمشاعر للهدف الأكبر الذي عرفناه بالحب وبالحب فقط لله سبحانه فهي الطريقة الوحيدة للقائه فمن أحب الله أحب الله لقاءه. 
إن الكمال الشخصى و الذاتى موجود في حب الله فقد خلق الانسان بفطرته السليمة علي حب الكمال والخير المتمثل في سنة الله فى خلقه سبحانه و تعالى. 
لقد نشأ مصطلح الحب الإلهى فى الإسلام في حياة الناس الروحية بداية القرن الثاني الهجرى وانتقل البشر بحياتهم من عوامل الخوف والهلع من الله و عقابه وهو أمر مسلم به إلى مرحلة أخرى من عوامل الحب و بدأ معها ذكر الحب لله صريحاً واضحاً و بدأ العباد والمتصوفون يحبون الله من أجل حب الله و ليس طمعاً في الجنة فقط و لذلك قالت رابعة العدوية في حبها الإلهى: 
( عرفت الهوى مذ عرفت هواك/ وأغلقت قلبى عمن سواك )
لقد كان الارتقاء بحب الله و الشعور بفضله و نعمه وجعل هذا الحب فى أعلي الدرجات و ارقاها مرتبة، فالله هو المنعم المتفضل وكل فضل أورث حباً وإنما كان بفضل الله و وتوفيقه. 
إن الحب يدفع بالإنسان نحو طاعة الله تعالي و تنفيذ أوامره بكل فرح وسرور ورغبة واشتياق للقائه فالحب منتهاه رضى الله ليصل الإنسان إلى طريق الشعور المتبادل بين العبد وربه فقد قال الله تعالى "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله و يغفر لكم ذنوبكم و الله غفور رحيم" آل عمران (31).
إن فكر خضوع الإنسان و استسلامه لهذا العشق الإلهى إنما يأتي من باب الترغيب وليس باب الترهيب وفي خضم الحياة نجد أن علاقة الإنسان بالإنسان من حيث الروابط والمشاعر هي تجربة مختلفة تخضع لعوامل أخرى منها الإيثار والإنانية وأحاسيس تتبدل و تتغير طبقاً للظروف المواتية أما علاقة الإنسان بالله و الحب الالهي الخالص الملىء بالتجليات أمام الذات الإلهية فهو القوة المطلقة التى تكمن في إدراك حضور الله و المثول أمامه وإحساس العبد بذلك المكمن الروحى و تذوق حلاوته في القرب من الخالق سبحانه و تعالي. 
إن حب الله هو الوقود الذي نحتاج إليه في حياتنا ليشبع حاجتنا فى معرفة معني الحياة و كشف أسرارها لنخرج من ضجة هذه الحياة و قلقها إلى مرحلة السكينة والمعنى الحقيقى لوجودنا في هذه الدنيا لقد قال محي الدين بن عربي " شيخ المتصوفة " في كتابه ( الحب المحبة الإلهية )، إن الأمر يصعب تحديده بين المحب وحبيبه في العشق الإلهى فذكر الله و تلاوة آياته مصدر للراحة و شعورهم بالتلاقى. 
القلب يسبح في ضروب الوجد بالله
فهو الله الذي لا تأخده سنة ولا نوم كي يحفظنا جميعاً لذلك سهر العبد يستدعى حب الله يتهجد ويصلى ليلاً في حضرة هذا المحبوب الذي لا يغفل و لا ينام و السؤال المهم كيف يصل العبد إلى هذه المرتبة ؟ 
إن تحقق الإنسان من هذه المسألة الخاصة بالعشق الإلهى تتعلق بوصول المرء إلى تمام الوعى بإمكانية تحقق هذا العشق الإلهى و كيفية الحصول عليها وهذه التجربة لا ينفع فيها العقل دائما و إنما هي تجربة روحية خاصة بالذات الشخصية فما استطاع شخص أن يصفها لغيره لأنها حوار بين العبد وحبه لرب العالمين فمن يستحق كل هذا التفانى والتعلق سوى الله سبحانه و تعالى. 
أنا أحب الله 
إن أسمى أنواع العشق الإلهى هو محبة العبد لربه دون طلب حاجه فإذا كان العبد كذلك كفاه الله أن ينال من دينه شيئا في هذه الدنيا. 
فالعشق لله هو طريق يصل بنا إلى الجنة ومن أحب الله و بادله الله هذا الحب ونال رضاه حصل علي الخير كله و كتبت له الجنة . 
حب آل البيت
لقد تحدثت السيدة زينب رضي الله عنها عن هذا الفوز الكبير لأهل البيت ( عليهم السلام ) بواقع فرحهم بلقاء الله في يوم عاشوراء وكيف فازوا بالفوز الكبير بهذا الحب والعشق الإلهى والعمل في الأرض بتكاليف الله. 
إن الالتزام بكل أوامر و نواهى الدين هو شىء محمود و أصيل و ليس فيه فصال و لكن إذا دخل هذا الحب الإلهى إلى قلب الإنسان أصبح رحيماً عطوفاً متواضعاً يحترم الكبير ويعطف علي الصغير يصون لسانه و يصون يده عن عمل الشر ويسيطر حينها علي فكر الإنسان أمر واحد هو الخير ولا يتطرق إلى أى شاردة أو واردة عن شر سواء بعيد أو قريب كما أن الحب الذى يلين القلب به كثيرا وفى هذه اللحظة وهنا يحب الإنسان أخيه كما يطلب منا الله سبحانه و تعالى. 
إن القلب العاشق لله تعالى هو قلب أضأه الله بنوره فالبيت المظلم لا يشرق فيه نور العشق الإلهى المقدس.
إن عشق الله عز و جل كالهواء الذى يهب ليحرك سفينة النفس التائهة وسط بحار الدنيا وأهوائها ولكن هذه السفينة تحتاج إلى رياح الحضرة الإلهية لتبعدها عن غوائل الشيطان و ما يشغل هيه النفس لأجل تثبيت العشق . 
وقد يجد الإنسان " إذا تخلى عن الدنيا سما ووجد حلاوة حب الله فعلي الإنسان أن يزيل الحجب عن وجه القلب ليشاهد جمال الله سبحانه و تعالى ونزع الحواجز ورفع الأقنعة وتوجه بقلبه وعقله لله وحده رب العالمين. 
فقد قال الرسول الأكرم (صلي الله عليه و آله و سلم) : 
" يا أباذر أعبد الله كأنك تراه فإن كنت لا تراه فإنه يراك "
صدق رسول الله (صلى الله عليه وآله و سلم)