بقلم : سمر الدسوقى
كعادة كل النساء كنت وما زلت أحلم بتوقف شبح زحف تجاعيد السنين على بشرتي، أن أظل جميلة شابة منطلقة كما أنا، أن يتوقف الزمن عند مرحلة الشباب والجامعة والانطلاق والإقبال على الحياة، ولكن هيهات مجرد أحلام نبني لها قصورا من الرمال، قصور ترتفع بكريمات مواجهة الزمن وتجاعيده وزيوت وعمليات شد البشرة، والمحاولات العديدة لإعادة رونقها، ولكن الواقع شيء آخر، الواقع أننا نكبر ولكننا نستطيع أن نظل كما نحن بنفس الجمال ونفس الرونق ليس من خلال عملية جراحية أو دواء يتعاطى ولكن من خلال القلب والروح، فهنا يكمن إكسير الحياة الحقيقي، هنا حيث القلب تأتي البداية، فالروح الجميلة التي تشعر بآلام الآخرين التي تعرف ما هو التسامح والعطاء، التي تؤمن بأن الحياة قصيرة جدا لا تستحق الكثير من الصراعات أو الأحقاد أو الكراهية للآخرين، هي وببساطة من يجملها وجه صافى شاب لا يحتاج إلى مشرط جراح أو إلى كريم لمواجهة الزمن أو خطوطه، والقلب الذي يحب هو من ينجح في تحقيق هذا، ولا أقصد بالحب هنا حب الرجل للمرأة ولكن أقصد به حب الآخرين حب الأصدقاء والأهل، حب الخير للغير مهما كانت طبيعة علاقتنا بهم، الحقيقة أننا نستطيع قهر الزمن ببساطة، نستطيع قهره بالروح الجميلة الصافية التي تضفي على ملامحنا المزيد من الشباب والحياة، أذكر في هذا عدد المرات التي نظرت فيها للمرايا وشعرت بالسعادة بعد عودتي من عيادة مريض أو زيارة لدعم محتاج أو مساندة صديق، أو قافلة طبية شاركت في إعدادها وغيرها من الأحداث النظيرة، ففي كل هذا كنت دائما أشعر أنني أجمل وأكثر رونقا وقلبي ينبض بالسعادة، وأنني لا أحتاج إلى كريم الصباح أو كريم المساء لمواجهة ما اعتلى بشرتي من تجاعيد، كنت أشعر أن إكسير الحياة قد سرى في كياني كله، هذا هو وببساطة ما نحتاجه لمواجهة الزمن، الحب والروح الصافية الخالية من الضغائن التي يكتمل جمالها بالتقرب لله، وهو أيضا إكسير أكثر فاعلية للشباب والحياة، فما أجمل أن نقوي هذا الحب في نفوسنا ونتفرغ له بل ونخصص من أوقاتنا بعض السويعات لإدراكه، فإذا جمعنا بين هذا كله لن تحتاج أي امرأة منا لعملية تجميل أو تنحيف، ستجد نفسها في كل يوم أكثر شبابا وجمالا، والأمر في رأيي لا يحتاج أكثر من وضع نظام متكامل للحياة يقوم على مساندة الآخرين وحب الخير والمشاركة في بعض من الأنشطة المجتمعية الهادفة، فما سيخصص للقيام بكل هذا لن يتخطى بالطبع ما ينفق سنويا من مليارات الدولارات على عمليات التجميل والتي أشارت الدراسات إلى أن نسبة ما ينفق عليها سنويا في الوطن العربي يتخطى الـ 60 مليار دولار سنويا، في حين أننا لو حاولنا أن نقوم ببعض من الأنشطة الروحانية والمجتمعية الهادفة لن نصل لنسبة 1% من هذا الرقم، فماذا لو حاولنا أن نضيف إلى سنوات عمرنا سنوات أخرى من الجمال والشباب ولكن من خلال إكسير مختلف للحياة، يجمع ما بين الحب والود والتسامح ومساعدة الغير والتقرب لله؟ أليس هذا بأجمل كثيرا من كريمات مواجهة التجاعيد؟