محمد السيد – مدير تحرير مجلة الهلال
مما لاشك فيه أن د.عمرو دوارة هو أحد رموز الإبداع والتميز بالمسرح المصري والعربي، فمساهماته المسرحية والتي تزيد على مدة أربعين عاما في مجال الإخراج والنقد والتأريخ المسرحي تشهد له بالدأب والجدية والقدرة على المشاركة الفعلية والإضافة والابتكار وأيضا على القيادة وتنشيط الحركة المسرحية، خاصة مع تميزه بحرصه الكبير على تحقيق فكرة تواصل الأجيال وتبادل الخبرات من خلال ممارسته للتدريس الجامعي وإشرافه على الورش الفنية والدورات التدريبية، وأيضا مساهماته بالتحكيم بلجان المهرجانات المسرحية المختلفة سواء للمشاهدة أو التحكيم، فهو أحد المثقفين الحقيقيين الذين يحملون هموم الوطن ويدركون بوعي ذلك الدور التنويري والتثقيفي للآداب والفنون، لذلك فهو يؤمن بقيمة العمل في صمت، ويحرص على الإجادة والإضافة في جميع إبداعاته، سواء في مجال الإخراج المسرحي أو من خلال دراساته للتأريخ المسرحي ومقالاته وأبحاثه النقدية المهمة، وحول رحلته الإبداعية وأحدث أعماله كان هذا الحوار.
• بداية ألقاب كثيرة سبقت اسمك تؤكد على أهمية وقيمة مساهماتك المسرحية ولعل من أشهرها: نقيب الهواة، راهب المسرح، جبرتي المسرح المصري وحارس ذاكرته، وسندباد المسرح العربي فأيها أقرب إليك وتحبذه؟
- جميع الألقاب السابقة التي أطلقها بعض النقاد والإعلاميين غالية جدا وعزيزة لدي، وإن كنت أفضل لقب "رجل المسرح" لأنه يجمع في دلالته جميع الألقاب السابقة، خاصة وأنني مازلت أمارس الإخراج والنقد والتدريس والتدريب والتأريخ، بخلاف مسئوليتي عن رئاسة "الجمعية المصرية لهواة المسرح"، وإدارة مهرجان المسرح العربي الذي شرفت بتأسيسه.
• بوصفك مؤسس مهرجان "المسرح العربي" كيف تقيم تأثيره بخريطة المسرح المصري ؟
- يعتبر المهرجان هو المتنفس الأهم لجميع فرق الهواة سنويا، وخاصة فرق "الجمعية المصرية لهواة المسرح"، والتي تضم فرقهم المسرحية بمختلف تجمعاتها (المسرح المدرسي والجامعي والإقليمي والعمالي ومراكز الفنون بالإضافة إلى الفرق الحرة والمستقلة)، وبنظرة سريعة إذا كان عدد الفرق المسجلة والمشهرة بالجمعية - والتي وصل عدد أعضائها إلى أكثر من سبعة آلاف عضو - هو مائة وثمانون فرقة بالعاصمة والأقاليم، فإن هذا المهرجان يتيح الفرصة سنويا لعدد لا يقل عن خمسة آلاف هاو للمسرح بين مشارك أو مشاهد ومتابع لفعالياته.
ويحسب لهذا المهرجان نجاحه في تذويب المساحة الفارقة بين الهواية والاحتراف، وذلك لإيماننا بأن هناك مسرحا أو لا مسرح بعيدا عن من يقوم بتقديمه، ولذا فقد نجح "مهرجان المسرح العربي" .
وخلال دوراته الخمسة عشرة السابقة توالى على رئاسة دوراته كل من الأساتذة: سميحة أيوب، محمود ياسين، محمد صبحي، يحيى الفخراني، عبد الرحمن أبو زهرة، د.هدي وصفي، د.هاني مطاوع، د.أحمد مجاهد، د.سامح مهران، كذلك شارك برئاسة لجنة التحكيم نخبة أخرى من كبار المسرحيين ومن بينهم الأساتذة: حمدي غيث، جلال الشرقاوي، محمود ياسين، محمود الحديني، عزت العلايلي، أحمد عبد الحليم، محفوظ عبد الرحمن، د.كمال عيد، أشرف عبد الغفور، أبو العلا السلاموني، محمود الألفي، فهمي الخولي، نادية رشاد، فردوس عبد الحميد، وذلك بخلاف مشاركة عدد كبير من كبار المسرحيين الذين تم تكريمهم.
• مرت "الجمعية المصرية لهواة المسرح" بفترات من الصعود والتألق وأيضا بفترات من الخمود .. كيف تقيم تجربتها؟
- هذا طبيعي ولكن يكفي أنها خلال مسيرتها التي قاربت خمسة وثلاثين عاما (تأسست في 1982) أنها نظمت ثلاثين مهرجانا من بينهما خمس عشرة دورة لمهرجان "المسرح العربي"، وخمسة عشر مهرجانا متخصصا بمختلف الأشكال والقوالب المسرحية (المونودراما/ الفصل الواحد/ الضاحك/ الاستعراضي/ الشعبي/ العالمي/ التجريبي/ الطفل)، كما أنها قدمت عددا كبيرا من الوجوه الجديدة في مختلف مفردات العرض المسرحي، تلك التي أصبح بعضها في قمة النجومية الآن وليس عمرو عبد الجليل وخالد الصاوي ومحمد هنيدي وعبلة كامل ومحمد رياض وحنان شوقي وماجد الكدواني والراحلان/ ممدوح عبد العليم وخالد صالح سوى بعض الأمثلة والنماذج في مجال التمثيل.
وأقرر بكل الصدق أن الاستمرارية هي المقياس الحقيقي، وأرى أن الجمعية بمهرجاناتها المختلفة كانت لها السبق حتى قبل الدولة ووزارة الثقافة، حينما نظمت أول مهرجان للمسرح التجريبي عام 1986 (أي قبل المهرجان الدولي بعامين)، ومهرجانين للمسرح الضاحك (الأول عام 1994، والثاني عام 1996) في حين نظم قطاع الإنتاج الثقافي المهرجان دورة واحد لأسبوع الضحك عام 2010، كذلك كان للجمعية السبق في تكريم نخبة من كبار المترجمين - لأول مرة - من خلال مهرجان المسرح العالمي عام 1998، وهو التقليد الذي قام به بعد ذلك كل من المركز القومي للترجمة والمجلس الأعلى للثقافة.
• يرى البعض أن أنشطة الجمعية هي مجرد أنشطة موسمية ترتبط بالمهرجانات .. فما تعليقك؟
- كيف نستطيع أن نحصد الجائزة الأولى بالمهرجان "القومي للمسرح المصري" بعرض "1980 وأنت طالع" عام 2013، وأن نحصد الجائزة الأولى بمهرجان "الجمعيات الثقافية" (بهيئة قصور الثقافة) بعرض "أرض لا تنبت الزهور" إذا لم يكن لدينا نشاط مستمر، وكيف ننجح في تمثيل مصر بالمهرجانات الدولية كمهرجان "كونفرسانو بإيطاليا" أو مهرجان "توياما" باليابان إذا لم تكن عروضنا المتميزة نتيجة ورش مسرحية ودورات تدريبية متخصصة تنظم طوال العام.
• "موسوعة المسرح المصري المصورة" - التي قمت بإعدادها اتضح مدى أهميتها الشديدة للحركة المسرحية وأيضا مدى دقة بياناتها.. هل يمكننا معرفة مزيد من التفاصيل عنها.
- هذه الموسوعة استغرق إعدادها سبعة وعشرين عاما، وهي تتكون من خمسة عشر جزءا وسبعة عشر ألف صفحة، كما أنه من المفترض أن تتوفر أيضا نسخة إلكترونيا، وتتضمن الموسوعة البيانات الكاملة لأكثر من سبعة آلاف عرض مسرحي (هي مجموع العروض المسرحية التي تم إنتاجها خلال الفترة من 1870 وحتى 2015)، موثق بياناتها وبمصاحبة ثلاث صور متنوعة لكل عرض، وبالنسبة للعروض التي قبل بدايات القرن العشرين تم توثيقها بمصاحبة صور لبرنامج المسرحية وأفيش الدعاية أو غلاف النص المسرحي، وذلك بالإضافة لعدد كبير من الصور الشخصية للمسرحيين خلال تلك الفترة، وبالتالي فقد وصل إجمالي عدد الصور إلى أكثر من خمسة عشر ألف صورة عرض أو صور شخصية للمبدعين المسرحيين من مختلف الأجيال.
• بالطبع التهنئة واجبة لحصولك على الجائزة الأولى للنقد الأدبي من قبل اتحاد الكتاب، فما هي تفاصيل هذه الجائزة ؟
- سعادتي لا توصف بهذه الجائزة خاصة وأنها المرة الأولى التي أتقدم فيها لمسابقة، وقد شجعني على ذلك تقديري لقيمة ومكانة "اتحاد كتاب مصر" كمؤسسة ثقافية كبرى وأيضا تقديري للمجلس الحالي وجهوده من أجل النهوض بالحركة الثقافية، وأسعدني بالطبع حصولي على الجائزة وسط كوكبة من كبار المبدعين من بينهم على سبيل المثال كل من الأساتذة/ صنع الله إبراهيم، د.توفيق منصور، شوقي جلال، والشعراء/ طاهر البرنبالي، محمود الشاذلي، محمود الحلواني، عبده زراع.
وقد حصلت على الجائزة بكتاب "المسرح القومي .. منارة الفكر والإبداع"، وهو الكتاب الذي نفدت والحمد لله طبعاتاه الأولى والثانية، والذي حصدت عن طريقه عدداً كبيراً من مقالات الإشادة لكبار الكتاب ومن بينهم: د.كمال عيد، أبو العلا السلاموني، عبد الغني داود، عبد الرازق حسين، د.وفاء كمالو، محمد المكاوي، محمد بهجت، الأمير أباظة، وهو بالمناسبة الإصدار الثالث والعشرون بالنسبة لي.
• وما هي أهم مشاريعك القادمة بعد حصولك على هذه الجائزة ؟
- بعد حصولي على هذه الجائزة وانتهائي - والحمد لله - من إعداد "موسوعة المسرح المصري" قررت التفرغ بإذن الله للإخراج المسرحي، فهو هوايتي الأولى ومجال دراستي ومجال خبراتي الذي تألقت من خلاله، ولقد اشتقت إليه كثيرا وأود استكمال مسيرتي ونجاحاتي التي حققتها، ويكفي أن أذكر أن رصيدي به ثمانية وخمسون عرضا نصفهم بجميع تجمعات الهواة والنصف الثاني بمختلف فرق مسارح الدولة، ومن بينها عروض متميزة جدا شارك ببطولتها كبار النجوم كالسلطان يلهو، يوم من هذا الزمان، ملك الأمراء، سوق الشطار، خداع البصر، وقد نال بعضها شرف تمثيل "مصر" بالمهرجانات الدولية وحصد بعض الجوائز المهمة، ومن بينها مهرجان "توياما للمسرح العالمي باليابان، ومهرجان دمشق الدولي ومهرجان طقوس المسرحية بالأردن ومهرجان المسرح الأمازيغي بالمغرب.
- والآن ماذا عن المخرج ومشروعاته الفنية؟
- كانت آخر عروضي "وهج العشق"، وأستعد الآن لإخراج الكوميديا السوداء "بلد وراكبها عفريت" لمحمود القليني، والعرض الاستعراضي "قمر ملكة الغجر" لمحمود مكي، وأتمنى أن أستكمل بهما مجموعة عروضي المتميزة التى شرفت بتمثيل مصر بها مثل "يوم من هذا الزمان"، "أجنحة الأقوال" و"الممثلة التي عشقت نجيب محفوظ"، وأيضا "سوق الشطار"، "خداع البصر"، "ملك الأمراء"، و "السلطان يلهو".