رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


متى‭ ‬نتزوج‭ ‬أم‭ ‬من‭ ‬نتزوج؟

26-8-2017 | 09:41


بقلم : سمر الدسوقى

أصبحت أجد أن الأمر قد بات نوعا من المهاترات التى لا تستوجب حتى النقاش، أقول هذا عن مقترحات البعض التى يتم تداولها بين الحين والآخر حول سن الزواج، وبخاصة حينما يتعلق الأمر بسن الزواج بالنسبة للفتيات، كما أثير مؤخرا مقترح بخفضه إلى 16 سنة، فى بلد تقف فيه الزيادة السكانية كوحش يلتهم الأخضر واليابس بل وتعد التحدى الأكبر أمام كافة الجهود التى تبذل من أجل البناء والتنمية، وبالتالى تأتى مثل هذه المقترحات ونظيرتها لتزيد من وطأة مشكلة نعمل جميعا على حشد كافة الجهود الحكومية والأهلية لمواجهتها، كما تبنينا هذا على صفحات مجلة «حواء» من خلال مبادرتنا «معا لتقنين الإنجاب»، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تشكل مثل هذه المقترحات خطرا آخر فيما يتعلق بما يمكن أن تلعبه من دور فى الحد من الكثير من المكتسبات التى منحتها القيادة السياسية للمرأة، وبخاصة مع تولى سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى لمقاليد الحكم، سواء فيما يتعلق  بحماية حقها فى إكمال التعليم وبالتالى العمل، فتقلد المناصب الإدارية العليا، فالمساواة بينها وبين الرجل فى كافة الحقوق والواجبات، فحقها فى الحصول على رعاية صحية كاملة وفقا لكافة المواثيق والمعاهدات الدولية التى نصت على هذا وبخاصة فى المراحل العمرية التى تعامل فيها كطفلة، وبالتالى فمجرد طرح هذه المقترحات بل ومناقشتها يعد هراء فى بلد تبذل قيادتها السياسية قصارى جهدها لتطوير حياة المواطن نحو الأفضل، ولكنى أرى أن ما يستحق المناقشة والتوقف أمامه بالفعل هو الطلاق وقبله منظومة الزواج فى حد ذاتها، فإذا كنا نعانى وبصورة مطردة من ارتفاع معدلات الطلاق بشكل جعل مصر تحتل المرتبة الأولى عالميا فى هذا الإطار، وإذا كانت البحوث والإحصائيات الرسمية قد أكدت أن هذه المعدلات ترتفع بين الجنسين فى المراحل العمرية الأصغر سنا، فلاشك أننا أمام مشكلة حقيقية تكمن فى إجابتنا على التساؤل التالي: «متى نتزوج أم من نتزوج؟»، وبمعنى أدق هل نتوقف قبل الزواج ونختار ونفكر ونبحث عمن يناسبنا ويكملنا بل ويضيف لحياتنا المزيد من الحب والبهجة والسعادة، أم أن كل ما يشغلنا هو أن نتزوج، ونتزوج فقط ومن أجل تحقيق الفكرة فقط لا غير، أى أننا ننظر للزواج ليس كمنظومة وحياة كاملة بما تحمله من أعباء ومسئوليات وتحمل كل طرف لمتاعب الطرف الآخر وهمومه وأوجاعه دون كلل أو ملل من أجل بناء حياة مشتركة سليمة، أما أننا ننظر إليه وكأنه شيء لابد من إنجازه وفقا لوجهات النظر التى تتبنى فكرة أن الناس كلها تتزوج، أو أن الفتاة التى تتأخر فى الزواج تعد مطمعا للكثيرين لأنه لا يوجد من يحميها، أو أننا لابد أن نتزوج من أجل الإنجاب، وكأن منظومة الزواج ليست أكثر من وجبة عشاء أو غذاء نتناولها فى أى مكان سريعا حتى ننتهى من أداء واجب مفروض علينا، دون أن نفكر هل هذه الوجبة تعجبنا.. هل هى ما نرغب فى تناوله.. هل نتناولها فى وقت مناسب؟ ليس هذا بمهم المهم أن نتناولها ونلحق بالقطار، ونتزوج كما يتزوج الجميع وتنتهى المهمة، لتبدأ مراحل التعاسة التى لا تخلو من الأوجاع «أدينا عايشين وخلاص»، «أدينا مستحملين علشان الأولاد»، «زينا زى كل الناس»، وهكذا تموت البهجة وتنطفئ الفرحة، بل وكثيرا ما تنتهى على يد مأذون، لتتحول لمأساة أخرى، مأساة كنا وللأسف السبب فيها منذ البداية لأننا لم نختار بشكل صحيح، لم نبحث عمن يسعدنا ويكملنا، لم نخطط لبناء حياة سعيدة بقدر ما خططنا لشراء برواز زائف لحياة زوجية مبنية على أسس ودعائم لا علاقة لها بالحب والاحترام والتكافؤ وحسن الاختيار، كان يشغلنا أن نتزوج فقط ونتزوج سريعا دون أن نفكر من نتزوج، مع أن هذا هو الأساس، فالأهم فى بناء الحياة الزوجية ليس متى نتزوج بل من نتزوج، لا يهم إن كان هذا فى مرحلة العشرينات أوالثلاثينات أو حتى الأربعينات فكلها مجرد أرقام، المهم أنه يكون صحيحا ومع الشخص الصحيح حتى تستقيم الحياة