د. منى شوقى : روشتة علاجية للعلاقات الزوجية
حوار: شيماء أبو النصر
العقل أم القلب أيهما أكثر إنصافاً في اختيار شريك العمر؟ فكم من زيجات فشلت وتبخر رماد مشاعرها رغم حرائق الحب المشتعلة بهذا الجهاز الكائن أعلى الجانب الأيسر المسمى"بالقلب"، وكم من ارتباطات توافقت مع قياسات قواعد المنطق وكافة حسابات العقل ومع ذلك لم يكتب لها النجاح! فهل من روشتة عاطفية تساعدنا على الوصول بعلاقاتنا لبر الأمان؟ وما هى الأخطار التى تهدد استقرار الأسرة، وهل يسهم الطرف الثالث فى حل المشكلات الأسرية أم يتسبب فى تفاقمها؟ تساؤلات عديدة تجيب عنها د. منى شوقي، استشارية تنمية الموارد البشرية وعلم النفس فى هذا الحوار.
في البداية ما الأساس الذي يبنى عليه نجاح العلاقة الزوجية؟
لاشك أن الزواج الناجح يعتمد على سلامة الاختيار الصحيح والذي لا يأتي بين ليلة وضحاها بل يرجع إلى أسلوب التنشئة، فلو علمت الأم أبناءها من الصغر كيف يكون الاختيار بدءا من الملابس والألعاب والدراسة وانتهاء باتخاذ القرارات فيما يخص مستقبله وحملته تبعاتها لاعتاد ذلك التدقيق فى الاختيار، وعند وصوله لمرحلة الشباب سهل عليه تحديد مدى ملائمة الطرف الآخر له من عدمه.
القلب أم العقل.. أيهما أفضل فى اختيار شريك العمر؟
لا يمكن ترجيح كفة أحدهما على الآخر، فأحكام القلب تنبع من أحاسيسه التي لا يشترط أن تتناسب مع مقتضبات العقل، بينما تأتي اختيارات العقل وفقاً لأرقام وقواعد قد تكون سليمة لكنها خالية تماماً من أي مشاعر تساعد على تقبل الطرف الآخر، لذا أرى ضرورة أن يكون الارتباط وفقا لتحكيم القلب والعقل معا بمعنى وجود قدر من التوافق الاجتماعي والثقافي والمادي بين طرفي العلاقة حال انجذاب كلاهما للآخر، فضلا عن أهمية التناغم في الطباع، فأكبر خطأ يرتكبه المحب في حق نفسه توهم تغيير شريك حياته بعد الزواج، فدائما ما يغلب الطبع التطبع وإن حاول أحدهما أو كلاكما إقناع ذاته بالعكس.
دلالات الخطر
وماذا عن المدة اللازمة لاكتشاف كل طرف للآخر، وهل من دلالات تشير لاحتمالية الفشل؟
تتراوح فترة الخطوبة المثالية بين 3 - 6 شهور وفقا لآراء علم النفس، والمقصود منها التعارف واكتشاف كل طرف لصفات الآخر، وهناك عدة مؤشرات تحدث خلال تلك الفترة يجب الانتباه لها، وفى مقدمتها الفتور العاطفي، فعندما يكتشف أي من الطرفين تلك المشكلة ينبغي التوقف فورا لتقييم تلك العلاقة، بالإضافة إلى عدم الاكتفاء بعلاقة واحدة، فأحيان نجد الفتاة تلاحظ قيام شريكها المحتمل بتكوين علاقات مختلفة والتحدث مع أخريات بحجة عدم إتمام الزواج، والغريب أنها أحيانا تتباهى بذلك بينما الواقع أن هذا الشاب لا يشعر بالإشباع العاطفى من علاقة واحدة، لكن هذا يعد مؤشر خطر لأنه قد يستمر على هذا النهج حتى بعد الزواج، وهنا تصرخ الزوجة من الخيانة رغم أنها تعرف ذلك منذ فترة الخطوبة لكنها تسامحت معه.
كثيرا ما نسمع عن دورات تدريبية للمقبلين على الزواج، فإلى أي مدى تساهم تلك الدورات في إنجاح العلاقة الزوجية؟
هذه الدورات مهمة جدا لتأسيس حياة زوجية سليمة من خلال الإرشاد الأسرى فى مرحلتي ما قبل الزواج وبعده، فلكل مرحلة قراراتها وطرق التفكير فيها، وهذه الدورات نوع من علم الحياة فغالبا تكون هناك تطلعات كبيرة لدى الطرفين مع تجاهل التحديات التى تبدأ بعد الزواج ما يؤدى للشعور بالإحباط وعدم القدرة على التعامل، لذلك ينبغى أن تكون هناك فترة إعداد نفسي تسبق الزواج لتعليم الطرفين مهارات التعامل مع شريك الحياة بالإضافة إلى التعريف بمسئوليات الزواج والحمل، كما أن هذه الدورات لها مرود إيجابي في تقليل نسب الطلاق، كذلك تلعب مكاتب الاستشارات الزوجية دورا مهما في حل العديد من المشكلات بين الأزواج حتى لا تصل إلى طريق مسدود لكنني أنصح بعدم اللجوء لأي من تلك المكاتب دون التأكد أولا من حصولها على التراخيص اللازمة من الجهات المعنية، وعمل متخصصون بها وليس مجرد هواه يبحثون عن الربح المادي على حساب الأسر المصرية.
هل يمكن تقسيم الحياة الزوجية لمراحل؟
هناك مرحلة شهر العسل، وهى أعلى فترات السعادة والإشباع النفسي تليها مرحلة التعود، وفيها يظهر كل طرف على حقيقته، أما المرحلة الثالثة تتمثل في الحمل ومسئوليته، فالمرأة لديها غريزة الأمومة بالفطرة، وهنا تكون أكثر تركيزا على الجنين ثم المولود وهو ما يشعر الزوج بنوع من الإهمال.
طرف ثالث
هل هناك عوامل خطر تهدد الأسرة؟
بالطبع وأخطرها وجود طرف ثالث في تلك العلاقة كصديق لأحد الزوجين، يحاول ادعاء المثالية والتفهم، والرغبة المستمرة في إعطاء النصائح.. وقد ينتهي الأمر بوقوع الطلاق أحيانا بسبب اعتراض أحد الطرفين على هذا الشخص غير المرغوب فيه، كما أن الوقوع فى فخ المقارنات مع أسر أخرى تختلف فى ظروفها وإمكانياتها المادية يؤدى للكثير من المشكلات، كذلك تلعب التدخلات العائلية دورا سيئا فى ارتفاع معدلات الانفصال بين الأزواج.
وأخيرا.. هل من دليل إرشادي يساعدنا على إنجاح الزواج؟
هذا الدليل يكمن في عقولنا ، فلو نظرنا للأمور من منطلق عقلاني ودعمنا أساليب الفكر الإيجابي لوجدنا لكل مشكلة حل وركزنا على نقاط التمييز ما يساهم في عدم تضخيم الأزمات التي تجابه الحياة الزوجية.. والعكس صحيح إذ فكرنا بطريقة سلبية فتنتهي الدنيا أمام أصغر مشكلة تعترض عالمنا.. لهذا أنصح بالنظر لنصف الكوب الممتلئ دائماً والتغافل عن النصف الآخر كي نصل بزواجنا لشاطئ أمان.