أبو الغيط يؤكد ضرورة العمل العربي المشترك في المجالات الأمنية واقتلاع الفكر الداعشي بالمنطقة
أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أن العمل العربي المشترك في المجالات الأمنية يظل ضرورة لا غنى عنها لحشد مواجهة جماعية متضافرة للظواهر الأمنية خاصة تلك العابرة للحدود ولتبادل الرأي والتقدير بخصوص التطورات الناشئة والمستجدة في المجتمعات العربية والتي يجمعها الكثير من القواسم المشتركة خاصة الاجتماعية والثقافية منها.
جاء ذلك في كلمة أبو الغيط اليوم، خلال افتتاحه أعمال الدورة الأربعين لمجلس وزراء الداخلية العرب التي تنعقد في تونس برئاسة فلسطين وتحت الرعاية السامية للرئيس التونسي قيس سعيد وذلك بمقر الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب.
وقال أبو الغيط، في كلمته التي وزعتها الجامعة العربية، إنه برغم ما بذل في السنوات الأخيرة من جهود هائلة، وما قدم من تضحيات نبيلة نفخر بها جميعاً ونقف لها احتراماً، في الحرب ضد الإرهاب فإن هذه الجرثومة الخطيرة لا تزال كامنة، وللأسف، في التربة العربية، منبها إلى أن الفكر التكفيري مازال يتحين الفرصة لبث سمومه، وبخاصة بين الشباب ،مؤكدا أن المواجهة الأمنية تتطلب في الأساس استمرارية ونفساً طويلاً، وعملاً متضافراً بين جميع المؤسسات داخل الدولة الواحدة، وبين المؤسسات الأمنية في الدول العربية المختلفة إذ لاسبيل لدحر الإرهاب سوى بالقضاء على الملاذات الآمنة وتجفيف المنابع التي لا يزال الإرهابيون يجندون منها الشباب ويجدون في ظواهر مثل انتشار الفقر والبطالة ما يسهل لهم مهمتهم هذه.
وأكد أن اقتلاع الفكر الداعشي والتكفيري من التربة والثقافة العربية، يظل هو السبيل الأكثر نجاعةً للقضاء على الإرهاب عبر تفكيك بنيته الأيديولوجية، مشيرا إلى أن المجتمعات العربية، وبعد ما يقرب من عشر سنوات على ظهور داعش للمرة الأولى على المسرح في 2014، صارت أكثر وعياً بمخاطر الفكر الداعشي، وأشد نفوراً من النهج التكفيري،بعد أن انكشف هذا الفكر على حقيقته بكل ما ينطوي عليه من وحشية وعداء للإنسانية وللدين نفسه.
وأكد أبو الغيط أهمية دورية هذا الاجتماع والدور الحيوي الذي يقوم به المجلس خاصةً وأن هذه الدورة تعقد في توقيت دقيق إقليميا وعالميا تعاني فيه المنطقة العربية من صراعات ونزاعات أهلية خطيرة تمزق بعض دولها، والآثار التي تنطوي عليه والتداعيات العابرة للحدود المتجاوزة للدول، مثل تدفق اللاجئين وانتشار الجماعات الإرهابية وتجارة المخدرات والمنظمات الإجرامية.
ونبه أبو الغيط إلى أن استمرار النزاعات- التي تغذيها للأسف أطراف إقليمية- يُمثل بيئة مثالية للانفلات الأمني وانتشار النشاط الإجرامي وغير المشروع داخل الدول، وعبر الحدود، مشيرا إلى أن الحلول الأمنية لا تكفي وحدها لمعالجة هذه المشكلات، وإنما يتعين العمل على التوصل لحلول جذرية، وتسويات سياسية للمُشكلات التي تفرز هذه الظواهر الأمنية السلبية،مؤكدا أهمية الدور المركزي الذي تلعبه وزارات الداخلية لمعالجة هذه المشكلات.
وقال أبو الغيط إنه على المستوى العالمي، يبدو التوتر بين القوى الكبرى في أعلى درجاته،مشيرا إلى أن الحرب في أوكرانيا أدت إلى مناخ عالمي مضطرب ويصعب التنبؤ بمآلاته، معربا عن الأسف في أن هذه الأوضاع في قمة النظام الدولي قد انعكست على العالم بأكمله فى صورة تراجع اقتصادي وتضخم متصاعد، وتدهور للأمن الغذائي وأمن الطاقة،مضيفا" إن دولنا العربية ليست بعيدة عن هذه الأوضاع بكل ما تنطوي عليه من تبعات اجتماعية خطيرة، مثل انتشار رقعة الفقر وتصاعد البطالة".
وأوضح أن الأوضاع الأمنية،ليست سوى محصلة للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وانعكاس لها.
وأكد أبو الغيط أن الحاجة تشتد لنظرة أمنية تكاملية تأخذ في الاعتبار هذه الأوضاع الاجتماعية التي نشأت في جانب كبير منها- عن التطورات العالمية التي نشهدها جميعاً، فالفكر الأمني ينطلق الأساس من مواكبة ما يجري في المجتمعات، والانتباه إلى الاتجاهات العامة للتغيير وإعداد السيناريوهات المختلفة للتعامل مع الظواهر الطارئة قبل في استفحالها.
وشدد على أن هذه الدورة لمجلس وزراء الداخلية العرب تكتسب أهمية كبيرة من حيث الموضوعات التي تناقشها ،مشيرا في هذا الخصوص إلى البند المتعلق بالمؤتمرات والاجتماعات المشتركة، والذي يعكس أهمية توثيق التعاون وتعزيز التنسيق التكاملي بين المجلس والمجالس الوزارية المتخصصة، وخاصة مجلس وزراء العدل العرب لا سيما في الموضوعات المتعلقة بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة،معتبرا أن هذا التعاون يُعد نموذجاً يحتذى به في العمل المشترك للمجالس الوزارية العربية.
وأشار إلى أن مجلس وزراء الداخلية العرب سعى كذلك، خلال السنوات الماضية، إلى توطيد التعاون مع المنظمات الدولية المعنية بالشأن الأمني، مثل الأمم المتحدة والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) ومع المنظمات المنبثقة عن التجمعات الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، وذلك امتثالاً لدعوة مجلس جامعة الدول العربية بأن يكون التعاون مع هذه المنظمات من خلال الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب.
ونوه أبو الغيط ، في هذا الخصوص، إلى أهمية البنود المتعلقة بتفعيل عمل المجلس في مجال الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإلكترونية، باعتبار أن هذا الحقل الأمني صار يمثل ركناً رئيسياً في المنظومة الأمنية لأي دولة في عصرنا الراهن، وباعتبار أن تحقيق النتائج المرجوة في مجال تحقيق الأمن السيبراني والتأمين في مواجهة الجرائم الإلكترونية مرهون بتبادل المعلومات والخبرات وأفضل التجارب بين المؤسسات الأمنية عبر الدول.
وعبر أبو الغيط،في ختام كلمته، عن التقدير والشكر لمجلس وزراء الداخلية العرب وأمانته العامة على ما يبذلونه من جهد وعطاء في الاضطلاع بمهامهم وأنشطتهم من أجل رفعة العمل العربي المشترك في المجال الأمني ومكافحة الإرهاب، ومن أجل أن يشعر المواطن العربي، في جميع الدول العربية بالأمن والأمان، إذ لا تنمية اقتصادية ولا استقرار اجتماعياً يمكن تحقيقهما من دون توفر الأمن للمجتمع والمواطن.