للمرة الأولى يشارك الرئيس عبدالفتاح السيسى فى قمة دول «البريكس»، وهى قمة دبلوماسية تعقدها مجموعة من الدول ذات الاقتصاديات الكبرى والصاعدة وهى الصين والهند وروسيا والبرازيل وجنوب إفريقيا الأيام المقبلة، وسيكون مقرها الصين هذا العام.
وتعد هذه هى المرة الأولى التى تشارك فيها مصر فى هذه القمة التى تستضيفها الصين هذه المرة، وتقع تحت رئاستها بعد أن ترأستها البرازيل فى العام الماضي، والهند فى العام قبل الماضي، تقوم فكرة القمة على دعم الدول النامية وتشكيل محور اقتصادى مضاد لأوربا وأمريكا، لدعم الاقتصاديات الناشئة والدول النامية، وليكون بديلا عن السياسات الأمريكية السلبية، التى فاجأتنا بقرارات رفع المساعدات عن مصر استمرارا فى سياستها التى كانت تنتهجها تجاه مصر فى الإدارة السابقة.
فى عام ٢٠١٤ شكلت قمة هذه الدول بنكا جديدا للتنمية وصندوق لاحتياطيات الطوارئ برأس مال مبدئى ١٠٠ مليار دولار، يستثمر فى مشاريع للبنية التحتية ربما بديلا للبنك الدولى، وتم الاتفاق على أن تكون مدينة شنغهاى الصينية مقرًا له) وتعد هذه الدول هى المنظمة للقمة، إضافة لتسع دول نامية تتم دعوتها للفعاليات كل عام، سعت مصر منذ العام ٢٠٠٩ للانضمام للقمة، إلا أنها أخفقت رغم أن معدل النمو الاقتصادى كان مرتفعا فى هذه الفترة، إلا أننا لم ننضم لها، وبحسب تصريحات للرئيس الروسى فلاديمير بوتين التى قالها فى مؤتمر القمة الختامى فى دورته الماضية، ونقلتها (صوت روسيا) فإنه يحسب لدول «البريكس” نجاحها فى «منع التدخل العسكرى الأجنبى فى سوريا» ومن هنا يبدو التأثير السياسى لدول البريكس ولم يتوقف دورها على التعاون الاقتصادى فقط.
جاء الحرص المصرى للحضور والمشاركة فى هذه القمة التاسعة لدول «البريكس»؛ لأنها الدول صاحبة أسرع نمو اقتصادى بالعالم، وتأتى جلسة الحوار بين دول الأسواق الناشئة والدول النامية الأسبوع المقبل فى مدينة شيامن الصينية والتى سيشارك فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى لأول مرة.
إن الرئيس الصينى شى جين بينج دعا رئيس روسيا فلاديمير بوتين ورئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما ورئيس البرازيل ميشال تيمر ورئيس وزراء الهند نار ندرا مودى لحضور قمة البريكس تحت عنوان: «البريكس» شراكة قوية من أجل مستقبل أكثر إشراقا.» وحددت الصين ٤ أهداف أساسية لقمة البريكس.
وهى الشراكة من أجل السلام فى العالم حيث يجب على دول البريكس العمل على تحقيق الأمن الشامل والمشترك والمستدام والدعوة إلى حل النزاعات السياسية بالحوار والمفاوضات، وثانيا الشراكة لتعزيز التنمية المشتركة، حيث ينبغى على دول البريكس دعم التنسيق لسياسات الاقتصاد الكلى والمضى قدما فى الاتجاه للإصلاحات الهيكلية وتبنى نماذج النمو المبتكرة ودعم اقتصاد منفتح على العالم مع الاستمرار فى الاهتمام بالتنمية وتسهيل الروابط بين الأسواق والاندماج المالى وربط البنية التحتية بين دول البريكس.
تهدف قمة البريكس أيضا إلى الشراكة التى تعمل على دفع التنوع فى الحضارات؛ حيث يجب على دول البريكس دعم تبادل الزيارات بين الناس من أجل التقريب بين الشعوب ودعم التفاهم المشترك والصداقة التقليدية بين شعوب البريكس، ورابعا الشراكة من أجل حوكمة اقتصادية عالمية، حيث يجب على دول البريكس الاستمرار فى المضى قدما فى إصلاح حوكمة اقتصادية عالمية، لتعكس التوجه التاريخى للأسواق الناشئة والدول النامية، وتعطى لهذه الدول صوتا وتمثيلا أكبر فى القضايا الدولية.
وتؤمن الصين بأنه يمكن لدول البريكس من خلال تعميق الشراكة أن تؤدى إلى تعزيز التعاون فى كافة المجالات، وأن دول البريكس ستدفع نحو المزيد بين التعاون لدول القارة الإفريقية والإسراع فى أجندة التنمية المستدامة ٢٠٣٠ والانفتاح نحو التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعى لجميع الدول النامية، فضلا عن تعزيز دول البريكس التنسيق والحوار حول القضايا الدولية والإقليمية ودعما لنظام عالمى أكثر عدالة ومساواة.
وتحمل دول البريكس لأعضاء فى مجموعة العشرين- ثقلا كبيرا فى نموذج الاقتصاد العالمى، حيث ارتفع الاقتصاد الكلى لدول البريكس من ١٢٪ خلال العقد الماضى إلى ٢٣٪، بينما زاد نصيبها من التجارة الدولية من ١١٪ إلى ١٦٪، كما وضعت دول البريكس استراتيجية لشراكة اقتصادية تقوم على أساس وضع خطط لدعم التعاون الاقتصادى وتعزيز التجارة وأسواق الاستثمار.
ويمثل إقامة بنك التنمية الجديد وترتيبات الاحتياطى الدولى جهدا جيدا نحو دعم حوكمة اقتصادية عالمية وتطوير الأسواق الناشئة والدول النامية، وفى ظل استمرار الحالة الاقتصادية المعقدة والقاتمة تواجه دول البريكس تحديات وفرصا للتنمية وتحتاج إلى تنفيذ استراتيجية للشراكة الاقتصادية لدول البريكس ودعم سياسات الاقتصاد الكلى واستراتيجيات التنمية الموائمة.
زيارة الرئيس السيسى تسير نحو اهتمام مصر بالعلاقة الخاصة والتاريخية مع الصين، والتى تشكل أولوية بالنسبة لمصر خاصة فى ظل سعى السياسة الخارجية المصرية لإقامة علاقات متوازنة مع كافة القوى الدولية، وتؤكد الزيارة أن مصر حريصة على متابعة نتائج زيارة الرئيس السيسى إلى الصين خلال العام الماضي.
فى الوقت الذى تحرص فيه الصين على الإرادة السياسية الكاملة لديها لدعم مصر والتضامن معها فى مواجهة الإرهاب، علاوة على العلاقة الطيبة والخاصة التى تجمع الرئيس المصرى بالرئيس الصينى، وهو ما عكسه تطوير العلاقة بين الجانبين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الكاملة خلال زيارة الرئيس الصينى إلى مصر فى يناير ٢٠١٦، موضحا حرص بلاده على التعاون مع مصر من خلال مبادرة «طريق الحرير»، الأمر الذى يعزز الشراكة والمصالح بين البلدين، فى الوقت الذى حرصت فيه مصر بمشاركتها فى الاجتماع الأول للمبادرة خلال شهر مايو المقبل، حيث تتطلع الصين إلى فتح حوار أكبر مع الدول النامية فى إطار ٥ + ٩ (أى ٥ دول من البريكس مع ٩ دول نامية، الأمر الذى يترقب فيه العالم نتائج زيارة هذه القمة، خاصة بعد أن شارك فيها الرئيس السيسى فى سبتمبر المقبل، ودفع وتطوير العلاقات بين البلدين على المستوى الثنائى خاصة فى ظل حرص مصر على إزالة كافة المعوقات التى تعترض عمل الشركات الصينية فى مصر، وتهيئة مناخ الاستثمار أمام الشركاء الصينيين، كما تتضمن القمة المرتقبة التنسيق حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، بالإضافة إلى موضوع إصلاح مجلس الأمن.
إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الصين الأسبوع المقبل، للمشاركة فى قمة البريكس التى تعقد فى الفترة من ٣ إلى ٥ سبتمبر المقبل، تهدف الزيارة إلى المشاركة فى فعاليات الحوار الاستراتيجى حول تنمية الأسواق الناشئة والدول النامية الذى سيقام على المستوى الرئاسى على هامش قمة مجموعة «البريكس» التى تضم الخمس دول ذات الاقتصاديات الأسرع نموا فى العالم وهي: «الهند والبرازيل والصين وروسيا وجنوب إفريقيا» وتستضيفها الصين فى مدينة شيامن. وتتطلع الصين إلى فتح حوار أكبر مع الدول النامية فى إطار ٥ + ٩ (أى ٥ دول من البريكس مع ٩ دول نامية).
علاوة على إجراء ترتيبات لمشاركة مصر فى فعاليات الدورة الثالثة لـ»معرض الصين - الدول العربية» فى الفترة من ٦ إلى ٩ سبتمبر فى مدينة ينتشوان فى منطقة نينجشيا ذاتية الحكم، والذى ستشارك فيه مصر كضيف شرف، كما أن الزيارة تم الترتيب لها من الدوائر الدبلوماسية بين البلدين، حيث تقوم السفارة المصرية فى بكين بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية فى الصين ومصر للترتيب والإعداد الجيد لمشاركة الرئيس فى حوار «البريكس» مع الدول النامية والاقتصاديات الناشئة على مستوى القمة سواء من حيث الترتيبات الإجرائية أو الموضوعية للمشاركة فى هذا الحدث المهم.
تأتى الزيارة لدفع العلاقات الثنائية بين البلدين فى مختلف المجالات إلى آفاق أرحب وتعزيز التعاون التجارى والاقتصادى المشترك، فضلا عن بحث تعزيز العلاقات الثنائية وعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ومن المقرر بحث سبل تعزيز العلاقات بين البلدين فى مختلف المجالات، خاصة التعاون الاقتصادى والتجارى بين البلدين بجانب دفع العلاقات الإيجابية البناءة، وتحقيق المزيد من التعاون الاقتصادى والتجارى والعلمى، بما يحقق صالح البلدين فى ظل ما تحظى به الدولتان من إمكانات اقتصادية هائلة.
وتوصف العلاقات المصرية الصينية بأنها قديمة وممتدة وراسخة، حيث شهدت مؤخرا تطورا هائلًا بعد رفعها قبل ثلاث سنوات لمستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة لتتسع مجالات التعاون فيها، لتشمل نطاقا كبيرا من الأنشطة الاقتصادية والثقافية والسياحية وغير ذلك من أوجه التعاون الاستراتيجى المختلفة.
كما جاءت دعوة الرئيس الصينى شى جين بينج، للرئيس السيسى للمشاركة فى هذه القمة، لتعكس متانة العلاقات سواء بين الحضارتين العريقتين أو علاقة الصداقة الراسخة بين الرئيسين المصرى والصينى، والتى سبق أن أسفرت عن دعوة السيسى للمشاركة فى قمة مجموعة العشرين تحت الرئاسة الصينية فى العام الماضى، الأمر الذى سوف يأتى بنتائج مهمة وإيجابية لمصر.