رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


لما كنت في ابتدائي

16-3-2023 | 23:54


وفاء أنور,

لا أدري لماذا أخذتني الذاكرة إلى هذه المرحلة من عمري حيث كان التعليم شيئًا مميزًا ، تعليم يعدنا إلى مستقبل ينتظرنا وهو يفتح لنا أبوابًا من النجاح والتفوق في شتى مجالات الحياة، كنت أستمتع جدًا وأنا أتصفح تلك القصص المفيدة في كتاب مدرسي يحمل عنوان " التعبير اللغوي " وربما أني قد تأثرت بكل ماكان سردًا للمواقف والحكايات التي كنا ندرسها في فصولنا، فصول لم تكن مجرد جدران وأسقف على الأقل بالنسبة لي .

كانت حجرة الدراسة عالمي الساحر الذي يحملني على ظهر سفينته ليبحر بي ، كان المعلم يحمل لنا كل الحب والرغبة الصادقة في تقديم الدعم والمساعدة دون أي مقابل، كأنه أب لنا جميعًا، كنت أجلس أمامه وأرقب نظرات عينيه التي تمنحنا التشجيع على أقل تقدم حققناه وأرى فيها حزنًا عميقًا إن أخطأنا ولم نحصل على الدرجة النهائية في أي فرع من فروع المادة التي يدرسها لنا. 

أعود لكتاب التعبير اللغوي الذي كانت به قصة طريفة عن صفة " الوفاء " عند بعض الحيوانات ، وهنا بدأ الموقف الذي جال بخاطري ، فجعلني أبتسم وأعود معه بذاكرتي ، لزمن بعيد حين طلب مني المعلم أن أقوم بقراءة القصة التي تتحدث عن الوفاء فقال لي : " وفاء القصة النهارده بتحمل اسم صفة الوفاء علشان كده أنتي اللي هاتبدأي بالقراءة ، نظرت إليه نظرة تحمل معها الرجاء والرغبة في استبدالي بغيري ، فالقصة كانت تحمل اسم " وفاء كلب " وذلك لأنها تحكي عن كلب تمكن من إنقاذ صاحبه من حريق شب بمنزله ، وكنت قد قرأتها من قبل فالكتاب معي منذ أن تسلمته في بداية العام الدراسي .

نظر المعلم إلىّ ثم قال : " أنا حاسس إنك مش حابة الموضوع ده ممكن تفهميني ليه ؟ مع إن اسمك في الدرس ودي حاجة جميلة بتشرح صفة عظيمة ، وقبل أن أجيب سمعت عاصفة من الضحك من زملائي الذين بدأوا التنمر علىّ فأخذت أبكي ، وحينها أعطى المعلم الجميع درسًا في ضرورة الاحترام ، وعدم مزج العلم بالمزاح ، وذكر صفة الوفاء على أنها أعظم صفة ، وإن كانت تلك حقيقة فأنا مازلت على قناعة أنه كان بذلك يسعى لإرضائي ، وتطييب خاطري ، وعندما عدت إلى المنزل ذهبت لأبكي في حضن أمي رحمها الله ، وأنا أعاتبها وألومها لأنها من اختارت لي اسمي .  

مر العام ، وجاء عام آخر معه كتاب جديد ومنهج جديد ، وأول قصة وردت فيه هذه المرة كانت تحمل اسم "وفاء حصان".

وجدت نفسي الآن دون مقدمات أربط هذا الموقف مباشرةً بفيلم " أم رتيبة " وحكاية الفنان حسن فايق عندما قام بتغيير اسمه من " سيد بنجر" إلى " على بنجر " لكي يحصل على موافقة شقيقها " عبد الصبور.