رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


سلاح ناعم ضد الأصدقاء

31-8-2017 | 19:06


تقرير: هالة حلمى

«بالنسبة للولايات المتحدة فإن دعم التنمية العالمية ليس مجرد تعبير عن تعاطفنا ولكنه استثمار حيوى في نظام عالمى حر وآمن ويتمتع بالرحابة ويخدم فى الأساس مصالحنا القومية»، بهذه الكلمات عبرت وزير الخارجية الأمريكية الأسبق كونالديزا رايس عن الرؤية الأمريكية لبرامج المساعدات التى تقدمها لما يقرب من ٢٠٠ دولة فى العالم منذ عام ١٩٦١ وتستثمر هذه البرامج لخدمة مصالحها رغم أن إجمالى ما تقدمه لا يمثل أكثر من ١ بالمائة فقط من ميزانيتها الفيدرالية.

تشير الأرقام الصادرة من الولايات المتحدة أنها تستهدف إنفاق ٥٠.١ مليار دولار فى العام المالى ٢٠١٧ وفي تقارير أخرى ذكرت أن الرقم المستهدف ٣٠ مليار دولار وتعد أفغانستان هى أكبر الدول التى حصلت وستحصل على المساعدات الأمريكية العسكرية في عام ٢٠١٧. حيث من المخطط أن يبلغ إجمالى ما ستحصل عليه ٤.٧ مليار دولار وتأتى إسرائيل فى المرتبة الثانية وستحصل على ٣.١ مليار دولار كمساعدات عسكرية، يليها مصر والمفترض أنها كانت ستحصل على ١.٣ مليار دولار كما كان مقرراً في ميزانية عام ٢٠١٦ وتحصل قارة أفريقيا بأكملها على ٢٠بالمائة من المساعدات الأمريكية ووفقا لما تعلن المصادر الأمريكية فإن دونالد ترامب يستهدف تخفيض برنامج المساعدات الخارجية بنسبة ٪٢٨ في ميزانية عام ٢٠١٨ وهو الاقتراح الذى يلقى معارضة كبيرة داخل الكونجرس خاصة أن ذلك قد يعنى تخفيض المساعدات التى تقدم في مجال الصحة بنسبة ٢٥ بالمائة وفي مجال محاربة الجوع بنسبة ٦٨ بالمائة وبجانب تخفيض الميزانية يطالب مشروع القانون الذى تقدم به ترامب للكونجرس هيئة المعونة الأمريكية usAid وبرامج المساعدات الدولية الأخرى أن تسعى إلى رفع كفاءتها فى العمل من خلال إعادة التنظيم والدمج.

المعارضة الشديدة التى يواجهها مشروع ترامب من الجمهوريين والديمقراطيين على السواء داخل الكونجرس تأتى من قناعتهم بأن هذه المساعدات تخدم ثلاث مصالح أساسية للولايات المتحدة.

فهى تحافظ على أمن الولايات المتحدة وتخدم أهدافها الأخلاقية وتحقق الرخاء الاقتصادى، ومع خفض حجم المساعدات يتوقع الخبراء أن تتضرر مصداقية الولايات المتحدة بين حلفائها وينخفض النفوذ الأمريكى حول العالم وفى النهاية ستصبح الولايات المتحدة أقل أماناً.

ورغم توقعات الخبراء أشارت مقالة نشرت منذ أيام فى صحيفة الواشنطن بوست إلى أن التاريخ أظهر أن المساعدات الأجنبية هى وسيلة ضعيفة الأثر يمكن أن تحصل الولايات المتحدة من خلالها على ما تريد وأن التهديد بقطع المساعدات فشل فى إحداث أى تغيير سياسى فى مصر أو باكستان أو أى دولة أخرى تكون للولايات المتحدة مصالح استراتيجية من خلال دعمها. ورغم هذا استخدمت عصا قطع المساعدات إما لتهديد أو لإجبار الدول على السير على الخطى التى تحقق الأهداف الأمريكية.

الجدير بالذكر أنه فى عهد الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش تم إنشاء وكالة جديدة اسمها “هيئة تحدى الألفية” للمساعدات الأجنبية . هذه الوكالة تقدم مساعدات للدول فقط التى تجرى إصلاحات اقتصادية وتنتهج منهجاً سياسياً ليبرالياً. انشئت هذه الوكالة المستقلة عن الخارجية الأمريكية وهيئة المساعدات الأمريكية عام ٢٠٠٤ والمفترض أن هذه الهيئة كان هدفها تقديم مساعدات اقتصادية للدول محدودة الدخل وجاء قرار إنشائها بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر وقرار الرئيس بوش وقتذاك بزيادة برامج المساعدات الأمريكية الخارجية. إذاً أهدافها اقتصادية ولكنها أيضاً سلاح فى يد الإدارة الأمريكية إذا لزم الأمر.

مسئولية الاشراف وتمويل برامج المعونة الدولية تدخل فى نطاق اختصاصات لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ وتضم اللجنة ٢١ عضو من كلا الحزبين ومن خلال برنامج لمساعدات تدعم هذه اللجنة بقوة منذ سنوات الآلاف من المنظمات الحكومية حول العالم هذه المنظمات تلعب دوراً متزايداً فى دعم الديمقراطية حول العالم وفقاً للرؤية الأمريكية على سبيل المثال ومنذ عام ١٩٩٩ بدأت الولايات المتحدة تشعر انها تفتقد قدرتها على السيطرة على تشكيل المسار السياسى فى معظم دول أمريكا اللاتينية بعد أن بدأ التكاتف بين دول تلك المنطقة في مواجهة الولايات المتحدة. في هذا الوقت قررت الولايات المتحدة توجيه مواردها لدعم المنظمات غير الحكومية العاملة فى أمريكا اللاتينية ومنها منظمات تعمل في مجال البيئة ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان ودعم الديمقراطية والواقع يشير إلى أن هذه المنظمات تتلقى الدولارات الأمريكية للتدخل فى الشأن السياسى للدول التى لا تتماشى سياستها مع سياسات وأهداف الولايات المتحدة وبفضل الأموال الأمريكية وخلال الفترة من ٢٠٠٢ إلى ٢٠١٢ ارتفع عدد المنظمات غير الحكومية فى أمريكا اللاتينية بصورة غير مسبوقة لدرجة أن البعض أطلق على هذه الظاهرة غزو المنظمات غير الحكومية لأمريكا اللاتينية وفى فنزويلا وحدها استثمرت الولايات المتحدة ١٠٠ مليون دولار لتمويل الجماعات المعارضة وإنشاء ما يزيد عن ٣٠٠ منظمة جديدة. وبالطبع جميعنا يعرف ما حدث ويحدث فى فنزويلا. وكانت تسريبات موقع ويكليكس قد كشفت عن ٣ برقيات مسربة بشأن تمويل منظمات المجتمع المدني فى مصر نقلا عن اتصالات دبلوماسية أمريكية رفيعة المستوى وتشير البرقيات إلى برنامجين فى وزارة الخارجية الأمريكية الأول مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل والثانى مبادرة الشراكة الشرق أوسطية اتفقا البرنامجان على مشروع جديد لدعم المجتمع المدنى.. وطلب كلاهما ٦.٢ مليون دولار لمنحها إلى منظمات المجتمع المدنى غير المسجلة رسمياً فى مصر وذلك فى عام ٢٠٠٩.