خبير اقتصادي: اعتماد إضافي بالموازنة العامة لمواجهة تداعيات ارتفاع معدلات التضخم على المواطن
وافق مجلس النواب بجلستُه المُنعقدة بتاريخ 20 مارس من العام الحالي على مشروع القانون المُقدم من الحكومة بفتح اعتماد إضافي بالموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2022 /2023 وذلك بقيمة 165 مليار جنيه، والتي تم تخصيص منها 10 مليارات جنيه لصالح الأجور والمُرتبات و 85 مليار جنيه للفوائد إضافة إلي مبلغ 70 مليار جنيه لصالح المنح وبرامج الحماية المُجتمعية.
فمن جانبه قال الدكتور أحمد مصطفي أستاذ إدارة الأعمال والمُحلل الاستراتيجي للشئون السياسية والاقتصادية، إن مشروع القانون يأتي لعدة أسباب يأتي علي رأسها أولاً توجيه رئيس الجمهورية خلال إفتتاح العديد من المشروعات الاقتصادية التنموية في نطاق مُحافظة المنيا للحكومة المصرية بالتعجيل بإعداد حزمة لتحسين دخول العاملين بالجهاز الإداري للدولة وأصحاب الكادرات الخاصة، والتي سيزداد بموجبها دخل الموظف بحد أدنى 1000 جنيه شهريًا، وكذلك زيادة المعاشات المُنصرفة لأصحابها والمستفيدين عنهم لتكون بنسبة 15% إضافة إلي رفع حد الإعفاء الضريبي على الدخل السنوي من 24 ألف جنيه ليكون بقيمة 36 ألف جنيه سنوياً ،علاوة علي زيادة الفئات المالية الممنوحة للمستفيدين من برامج تكافل وكرامة بنسبة 25٪ شهرياً.
وأضاف أن كُل تلك التوجيهات سيتم تنفيذها اعتباراً من بداية شهر إبريل القادم ، علاوة علي ذلك المُبادرات والمنح الرئاسية لصالح الخدمة المجتمعية لتخفيف الأعباء عن كاهل الأُسر المصرية والتي كان أخرُها القرار الرئاسي خلال احتفال الدولة المصرية بالأمهات المثاليات بالإفراج عن جميع الغارمين والغارمات من مراكز الإصلاح والتأهيل وعددُهم 85 غارم وغارمة "40 سيدة + 45 رجلا" مع توفير مساعدة إعانة لهذه الأسر خلال شهر رمضان ، وذلك ضمن مُبادرة "مصر بلا غارمات" والتي تُعد إحدى المُبادرات الإنسانية التي تم إطلاقها تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي والتي تتحمل الدولة من ميزانيتها تسديدها من ضمن بند الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية ، مما استوجب فتح اعتماد إضافي بالموازنة العامة لتغطية تلك الزيادات المُقررة والمنح والمُبادرات الموجهة للفئات المُستحقة والأولى بالدعم ستُضاف إلي نسبة 13 % مُخصصة لصالح الأجور و نسبة 11.6% مُخصصة لصالح الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية وذلك ضمن أبواب النفقات في مشروع الموازنة العامة لعام 2022 | 2023.
وأضاف مُصطفي في تصريحات خاصة " لدار الهلال"، أن تخصيص مبلغ 80 مليار جنيه فوائد تُضاف إلي نسبة 54% مُخصصة ضمن أبواب النفقات في مشروع الموازنة العامة لعام 2022 | 2023 لصالح سداد القروض والفوائد، والفوائد يعود ارتفاعها في الأساس إلى توقع الحكومة استمرار سياسة رفع سعر الفائدة من قبل البنك المركزي ، ما يرفع تكلفة الدين المحلي من ناحية، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض الخارجي، بسبب تراجع سعر صرف الجنيه ، وذلك من ناحية أخرى ، وذلك يأتي في ظل اشتداد الأزمة الاقتصادية العالمية من جراء احتدام الحرب الروسية الأوكرانية وتداعيات جائحة كورونا التي مازالت مُستمرة حتي ولو كانت بدرجة أقل إضافة إلي ظاهرة التغيُرات المناخية.
ونوه إلى أن تشديد السياسة النقدية والمالية من قبل الفيدرالي الأمريكي والتي كانت لها تأثيراً علي سلسلة الإفلاسات والإغلاقات لثلاثة بنوك أمريكية وهُم بنك سيليكون فالي ثم بنك سيجنتشر وقبلهم كان بنك سيلفرجريت إضافة إلي الأزمة المصرفية التي حدثت في أوروبا وهي تعرض بنك كريدي سويس السويسري لأزمة مصرفية كبيرة وتهاوت أسهمه مما كان لكُل تلك العوامل أثراً سلبيا في إرتفاع مُعدلات التضخُم الأساسي الشهر الماضى، إلي نحو 40% على أساس سنوى وهو الأعلى منذ إطلاق المؤشر فى عام 2009، بينما بلغ التضخم العام نحو 31.9% على أساس سنوى وهو الأعلى مُنذ عام 2017 رغم وصول الفائدة إلي مُعدلات قياسية وأخرُها في ديسمبر من العام الماضي، حين رفع البنك المركزي سعر الفائدة القياسي على الودائع بمقدار 300 نقطة أساس ،وهو أعلى معدل منذ عام 2016 وذلك إلى 16.25%.
وتوقع أن يقوم البنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة بما يصل إلى 300 نقطة أساس عندما يجتمع في وقت لاحق من هذا الشهر والمُحدد له الثلاثين المقبل، بعد أن تجاوز التضخم في فبراير التوقعات بكثير كما أشرنا عالية وذلك لعدة أسباب يأتي علي رأسها إمدادات الطاقة والغذاء الناتجة عن الغزو الروسي لأوكرانيا حيثُ أدى الغزو إلى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، مما ساهم في زيادة معدلات التضخم عالميا وليس في مصر فقط.
وأوضح أن دولتي روسيا وأوكرانيا يُعدان من ضمن الدول مُصدري السلع الأولية الرئيسية التي لا غني عنها، وقد أدت الانقطاعات الناتجة عن الحرب والعقوبات التي تم فرضها علي الجانب الروسي إلى حدوث ارتفاع حاد وغير مسبوق في الأسعار العالمية، ولا سيما أسعار النفط والغاز الطبيعي إضافة إلي إرتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية ارتفاعا كبيراً حيثُ إرتفعت أسعار القمح إلى مستويات غير مسبوقة نظراً لأن دولتي أوكرانيا وروسيا يُمثلان نسبة حوالي 30% من صادرات القمح العالمية، وقد تؤدي إستمرار هذه التداعيات إلى استمرار التضخم لفترة أطول من المتوقع ، وسيكون التأثير أكبر على الأرجح في البلدان منخفضة الدخل واقتصادات الأسواق الصاعدة والناشئة ومنها مصر نظراً لأن الغذاء والطاقة يُمثلان النسبة الأكبر من الاستهلاك والتي تصل إلى أكثر من نسبة 50% .
وأوضح مُصطفي أن البنك المركزي من خلال لجنة السياسة النقدية المُنبثقة منهُ ستضطر خلال إجتماعها القادم المُقرر له الثلاثين من الشهر الجاري إلي العمل علي وقف الضغوط الهابطة على قيمة العُملة المحلية "الجنية" ومن ثم السيطرة على التضخم المستورد، وذلك من خلال الأداة الرئيسية التي يمتلكها البنك المركزي في مثل تلك المواقف الطارئة والصعبة و هى رفع الفائدة لنسبة تتراوح ما بين 2% إلي 3% وذلك من أجل إعادة جاذبية السندات وأذون الخزانة بالعملة المحلية للمستثمرين الأجانب نظراً لأن رفع الفائدة سيوقف من انخفاض قيمة الجنيه وبالتبعية إيقاف مخاطر سعر الصرف للمستثمرين الأجانب.
ونوه إلى أنه وفقا مؤشرات السوق قد يشهد إنخفاض في قيمتُه إلي نسبة تتراوح ما بين 20 إلي 30 % خلال العام الحالى في ظل الضغوط التي يتعرض لها نتيجة صعوبة خفض متطلبات وشروط التمويل الخارجى الموضوعه من قبل الجهات المُقرضه والتي يأتي علي رأسها تحرير سعر الصرف كذلك ما بين عجز الحساب الجارى والذي تراجع إلى 16.6 مليار دولار وأيضاً استحقاقات الدين الخارجى الكبيرة، خاصة مع الاعتماد على تدفقات غير ثابتة القيمة لتمويل الفجوة وهى الأموال الساخنة نتيجة عدم ثبات سعر الصرف بعد حيثُ أن المستثمرين فى المحافظ المالية المصرية ظلوا خارج السوق المصرى خلال عام 2022 من تداعيات الأزمة الإقتصادية العالمية أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية ، بما أدى لزيادة فجوة التمويل الخارجى وانخفاض الجنيه، والذي سيستقر من خلال تلقى تمويلات جديدة وذلك من خلال برنامج الطروحات الحكومية بالبورصة ومنها طرح شركتى صافى وطنية وغيرها من الشركات الآخري الناجحة والتي ستؤدي إلي توفير سيولة نقدية بما سيُقلل من قيمة التضخُم ولو بشكل مؤقت لحين الإنتهاء من تطبيق إصلاحات هيكلية قصيرة وطويلة الأجل والتي منها تطوير صادرات باقي القطاعات وليس قطاع الطاقة والبترول والثروة المعدنية فقط لا غير بما يؤدي إلي خفض العجز التجارى، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية خارج قطاع الطاقة.
وأضاف مُصطفي أنه من المتوقع أن يصل متوسط التضخم العام فى مصر خلال العام الحالى إلى 34.3% ، بعدما سجل 32% فى فبراير وبالتالي سيكون لذلك تأثيراً علي مُعدلات النمو ولهذا خفضت الحكومة المصرية توقعاتها لنمو الاقتصاد إلى 4.2% خلال العام المالي الجاري، مقابل توقعات سابقة عند 5.5%، والتي كانت مخفضة أصلا من توقعات أسبق عند 5.7% قبل بداية العام المالي بنحو شهرين تقريبا.مع توقُع برفع الفائدة فى مصر إلي مابين 3% إلي 4% خلال النصف الأول من العام الحالى لكبح جماح التضخُم في مصر والذي لم يصل بعد إلي قمتُه بعد أن رفعت الحكومة أسعار الوقود والتي من المتوقع إستمرار رفعها لخفض فاتورة الدعم وتحرير سعر الوقود نظراً لكونُه من شروط القروض التي يتم إبرامها مع صندوق النقد الدولي إضافة إلي ضغوط الطلب علي السلع الغذائية قبل شهر رمضان، والتي تأتي في ظل انخفاض قيمة العملة المحلية ، بجانب انه من المتوقع رفع أسعار الكهرباء فى النصف الثانى من العام الحالي وغيرها ،بعد أن رفعت وزارة المالية في فبراير الماضي مستهدفاتها لعجز الموازنة إلي 6.8% من اجمالي الناتج المحلي بعد ما كان 6.1% عند إعداد الموازنة، بحيث يكون قيمته 630.3 مليار جنيه مقابل 547.4 مليار جنيها في ظل عدم التوقع باللجوء إلي الأسواق الدولية بنفس الوتيرة السابقة كحل لسد عجز الموازنة بسبب ارتفاع تكلفة الاستدانة من الخارج وسط جولات التشديد النقدي التي تتخذها البنوك المركزية حول العالم وفي مقدمتها الفيدرالي الأمريكي، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الفائدة وتكلفة الدين الخارجي.
وتابع أن معظم عجز الموازنة سيتم تمويله من السوق المحلي ، وهي عوامل جميعها تجعل التضخم أعلى من نسبة ال 30% لهذا العام” لذا فمن المتوقع أيضاً أن يلجأ البنك المركزى لآليات التشديد النقدى الأخرى مثل الاحتياطى الإلزامى، أو طرح شهادات مرتفعة العائد بالبنوك الحكومية، وفى تلك الحالة سيثبت المركز الفائدة أو يرفعها بوتيرة أقل من التى يتوقعوها.إضافة إلي الحراك السريع للحكومة في برنامج الطروحات الحكومية والذي يستهدف طرح حصص في 32 شركة تابعة للدولة بالبورصة ، وهو ما سيكون حلاً إلي إنعاش الاقتصاد المصري الذي يعاني من تحديات ضخمة زادت من حدتها الحرب الروسية الأوكرانية.