عقد الجامع الأزهر اليوم، الثالث من شهر رمضان المبارك، ثاني فعاليات ملتقى الظهر للرجال «رياض الصائمين»، عقب صلاة الظهر في الظلة العثمانية بالجامع الأزهر الشريف، بعنوان: «آداب الصيام وسننه»، في إطار البرنامج العلمي والدعوي للجامع الأزهر في رمضان هذا العام 1444هـ- 2023م، حاضر فيه الشيخ مصطفى خالد محمد، الواعظ بمجمع البحوث الإسلامية، وأدار الحوار الشيخ محمد أبو جبل، الباحث بالجامع الأزهر الشريف.
وقال الشيخ مصطفى خالد، الواعظ بمجمع البحوث الإسلامية، خلال الملتقى، إنَّ العبادات وإن كانت تصح من غير الإتيان بآدابها وسننها إلا أنها تبقى ناقصة الأجر قليلة الأثر، ولأجل هذا الملحظ شُرعت السنن والآداب لإكمال النقص الذي يطرأ على أداء الفرائض والواجبات، مضيفًا أن الشريعة جاءت بكف اللسان عن المحرمات من غيبة ونميمة وكذب وسَفَه وعدوان في كل وقت وحين، إلا أن الكف عن هذه الأمور يتأكد في رمضان لمنافاتها لحقيقة الصوم والغاية منه، وفي الحديث عن نبينا محمد ﷺ أنه قال: [من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه]، وقال ﷺ: [إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذٍ ولا يجهل، فان سابَّه أحد أو قاتله أحد، فليقل: إني امرؤ صائم].
وأوضح أن الرفث هو: الكلام الفاحش. قال الإمام أحمد رحمه الله: ينبغي للصائم أن يتعاهد صومه من لسانه، ولا يماري، ويصون صومه، قال: وكانوا إذا صاموا -يقصد السلف الصالح قعدوا في المساجد، وقالوا: نحفظ صومنا، ولا نغتاب أحدًا. مضيفًا أنَّ على الصائم أن يحفظ بصره عن النظر إلى المحرمات، ويحفظ أذنه عن الاستماع للغناء وآلات اللهو، ويحفظ بطنه عن كل مكسب خبيث محرم، فليس من العقل والحكمة أن يتقرب العبد إلى ربه بترك المباحات من الطعام والشراب والجماع، وهو لم يتقرب إليه بترك ما حُرِّم عليه في كل حال، من الكذب والظلم والعدوان، وارتكاب المحرمات، ومن فعل ذلك كان كمن يضيِّع الفرائض، ويتقرب بالنوافل.
وتابع واعظ الأزهر: ويُسْتَحب للصائم بذل الصدقة للمحتاجين من الفقراء والمساكين، وفي الحديث عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنه ﷺ: «كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، فَلَرَسول الله ﷺ أجود بالخير من الريح المرسلة». مضيفا أنه من السنن المشروعة في الصيام، تناول السحور وتأخيره، لما في ذلك من عون على صيام النهار، قال ﷺ: [تسحروا فإن في السحور بركة]، وأنه يُستحب أيضا للصائم تعجيل الفطر لقوله ﷺ: [لا يزال الناس بخير ما عجّلوا الفطر]، وأن يفطر على رطبات إن تيسر؛ لحديث أنس رضي الله عنه قال: «كان رسول الله ﷺ يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتمرات، فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء».
واختتم واعظ الأزهر ملتقى «رياض الصائمين» بأنه من الأمور المسنونة للصائم الدعاء عند فطره، وفي الحديث: [ثلاثة لا ترد دعوتهم -وذكر منهم- والصائم حين يفطر]، وثبت عنه ﷺ عند الإفطار قوله: [ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله تعالى]، مشيرا إلى أنه وبهذا يتبين أنَّ حقيقة الصيام ليست مجرد الإمساك عن المفطرات الحِسِّيَة فحسْب، فإن ذلك يقدر عليه كل أحد، كما قال بعضهم: «أهون الصيام ترك الشراب والطعام»، ولكن حقيقة الصيام ما أخبر عنه جابر رضي الله عنه بقوله: «إذا صمتَ، فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمآثم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء».
من جانبه أوضح الشيخ محمد أبو جبل، الباحث بالجامع الأزهر الشريف، والذي أدار الملتقى، أن الحكمة من الصيام هي التقوى والخوف والخشية من الله تعالى، وهذه الخشية حينما يتذكرها الإنسان في قلبه تجده على صلة بربه، مؤكدًا أن الله أمرنا باغتنام مواسم الطاعات، لكي يجبر كسر المستضعفين في عبادتهم، فالإنسان قد يشوبه في عباداته الكسل أو التقصير، لذا فإن الله يرزقنا بهذه المواسم لكي يجدد لنا العزائم لعبادته والرجوع إليه.