"سره الباتع".. جمال شقرة:: كتابة الدراما التاريخية تحتاج لمتخصصين
انتقد الدكتور جمال شقرة، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس، وأمين عام الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، ما حدث في مسلسل " سره الباتع" الذي مزج فيه مؤلف العمل بين المعاصر والتاريخي الذي يتمثل في الحملة الفرنسية تلك الفترة الزمنية التي لم تكن تعرف العربة التي تجرها الخيول كوسيلة مواصلات.
وأضاف: "عندما رأى المصريون نابليون بونابرت اندهشوا منها فيجعل المخرج شخصية "شهاب" التي يجسدها أحمد عبدالعزيز، تركب عربة مثل هذه العربة، وقد هدم محمد على المصاطب ليوسع شوارع القاهرة ليمر بعربته المهداه إليه من فرنسا.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل الملابس القطنية كان محصول القطن يزرع ولكن كان الأكثر تداولا بين الناس، قماش الكتان زهيد الثمن وملابس الجنود الفرنسيين مما أثار جدلًا على مواقع التواصل الاجتماعي وانتقادًا للمسلسل.
وقال إن الدراما التاريخية يجب أن تلزم بالسياق العام للحركة التاريخية والوعي بشخصية مصر، من حيث عبقرية المكان وما أعطاه المكان لمصر عبر الزمن، وأن يكون واعيًا أيضا بتاريخ الإنسان المصري منذ القدم حتى الآن من مشكلات داخلية، مثل الفيضان، وخارجية مثل الأطماع وأسبابها الاستعمارية التي تعرضت لها مصر.
وأشار أنه من هذه النقطة الواعية والدارسة يمكن كتابة دراما تاريخية، من واقع الفهم لحركة التاريخ والشخصية المصرية من حيث الحقب التاريخية التي تمتاز كل واحدة عن الأخرى، بسمات معينة، يحب عدم تجاوزها وفي حالة التصدي لها في عمل درامي مثل الأثاث والملابس والديكور الذي يعبر عن الحقبة الزمنية التي بصدد تجسيدها على الشاشة، لأجل الحفاظ على مصداقية العمل والحقائق التاريخية.
وأكد أن الفرنسيين كانوا يرسلون الجواسيس ويأتون كرحالة إلى مصر، للتعرف على أحوالها ومعرفة طبيعة الحكم فيها لإقامة إمبراطورية رأس مالية فرنسية، نكاية في إنجلترا واهتموا بدراسة الناحية الاجتماعية والتاريخية.
وأخص بالذكر أن الفرنسيين تأملوا كل الغزاة الذين مروا على مصر من هكسوس وأتراك ومماليك، وهذا ما ذكر في مسلسل "سره الباتع" مختصرًا المسلسل باقي الغزاه الذين ذهبوا بدون رجعة.
وأضاف أن المنتج والقائمين على صناعة الدراما التاريخية يبخلون على التعاون مع مستشار تاريخي، وليس المراجع، مضيفا أنه أعلن أكثر من مرة بصفته أمين للجمعية المصرية للدراسات التاريخية، لمن يفكر كتابة عمل درامي تاريخي عليه أن يلجأ إلى الأساتذة المتخصصين لعدم الوقوع في الأخطاء.
وتابع: ليس هذا حجرا أو تقييد للإبداع ولكن المتخصص في التاريخ يعرف جيدا الفرق بين الدراما والكتابة الأكاديمية التاريخية، وبذلك المستشار لن يقيد من حرية الكاتب والسيناريست بل بالعكس سيتفهم ذلك لكن ستكون عليه مهمة للفت نظر الكاتب بل والممثل أيضا إلى أمور هامة، يتسبب تجاهلها لدرجة تفسد الأعمال الدرامية التاريخية.