رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


عدوى العروبة!!!

5-4-2023 | 13:36


محمد الشربيني,

ولأننا أكثرُ الأمم تحدُّثاً عن قيمة العمل وأثره في تحقيق الرفاهية ....!!، ودائما ما يصدِّر خطباؤنا خطبهم وسياسيو أمتنا ومفكروها كلماتهم بهذه اللافتات التي نراها مكتوبة بشتى الخطوط ما بين نسْخٍ أو رقعةٍ أو ديوانيٍّ ، واذكر ما تشاء منها ...! المهم ستجدها على جدران المدارس خارجياً وداخليا ، والوسائل التعليمية التي من المفترض أن ينفِّذَها النلاميذ... لكنهم يذهبون إلى المكتبات الخاصة لتنفيذها من أجل نيل الدرجة الكاملة الخاصة بالنشاط ، ويُسعد ذلك مديري المدارس وموجهي المواد التي تُصنع من أجلها هذي الوسائل ، وكلها لم يبذل فيها الطلاب المشاركون جهداً في التصميم أو التنفيذ، وكلها أيضا تحوي هذا الخطأ النحويَّ البغيض (عَمَلُ الطالبان .... , .... ) والصواب ( عمل الطالبيْن .... و.......) ويا وقعة سوداء إن دخل ذلك الفصل أحد الزائرين المتفيهقين وضَبَطَ هذه الخطيئة ... تقوم الدنيا ولا تقعد ، وكأن ذلك الخطأَ النحويَّ أطاح بالعملية التعليمية أرضاً، ولم يشغلْه أن الوسيلة تم تنفيذها خارجيا رغم وجود قسمٍ للوسائل التعليمية في كل مدرسة، يتواجد فيه أكثر من ثلاثة مسؤلي وسائلَ تعليميةٍ ، يديرهم قسم الوسائل في كل إدارة ، تعلوهم في كل مديرية إدارة الوسائل التعليمية على رأسها مدير عام .... والمحصلة صفر... وإذا أقيم احتفالٌ سنويٌّ تحت مُسمَّى ختام النشاط السنوي لكل إدارة تشارك فيه كلُّ مدرسةٍ ، فلا تعجب إذا تتبَّعتَ بعض الوسائل الرائعة واستنطقتها باحت لك أنها رغم رونق ألوانها وحداثة بياناتها على أساس أنها نتاج هذا العام لا تنخدع !! إنها نُفِّذتْ من عشرات السنين على يد أحد المخلصين من  مدرسي العقود السابقة ( أي نعم عقود وليس سنوات ) بمعاونة أحد مدرسي الرسم الموهوبين ، وهذا الخط الرائع إنما أبدعتْه أناملُ مدرس الخط .... تضحك وتقهقه ... كان يعلمنا مدرسُ خطٍ ومدرس رسمٍ ومدرس مجالٍ صناعيٍّ أو زراعيٍّ أو نسيج وتعلمنا تنفيذ الكثير من إصلاح أعطال السباكة وصناعة العصائر والأجبان والمعاونة في بيعها أثناء الفسحة وتشاركنا في تنظيف الفصل وإبلاغ الناظر عمن يلوِّث الجدران أو يحطم مقعدا، حيث العقوبة واستدعاء ولي الأمر ليشتري مقعدا جديدا وهو يتوسل ألا يُلقَى إليه ملف ابنه !! لقد فتحنا موضعاً للنزْف يرفض الاندمال!!   

 ولأنَّ الأديان السماوية رفعتْ من قَدْر العاملين ، وسأكتفي بذكر حديثٍ نبويٍ شريفٍ قاله الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ( ما أكل العبد طعاماً أحبَّ إلى الله من كدِّ يده، ومن بات كالاً من عمله بات مغفوراً له ) .. فهل كانت هذه الوسيلة التعليمية من عمل الطالبين ..؟!! إنها من أعباء أسرتي الطالبين كي ينال الطالبان الحظوة عند من كلَّفهما ، أو مشاركةً من تلاميذ الفصل لتنفيذ عدة وسائلَ لتغطية جدران الفصل وتصير هذه الوسائل أدواتٍ تعين طلاب الفصل أثناء الاختبارات الشهرية  ولا نقول بوجود الغش لا سمح الله إنما هي وسائلُ معينةٌ وفقط ...!!   

 ولأن من أهداف مقالنا الأسبوعي أن نفتح من الشعر نافذةً على الحياة ...!! حتى نفنِّد أقوال مَنْ يتهم الشعر والشعراء بانعدام القيمة في ذلك العصر؛ حيث الواقع صارأكثر إدهاشاً من خيال الشعراء سنقصر نافذتنا علي إحدى قصائد الشعرالعربي دون الولوج الأسبوعي إلى عالم الشعر الأفريقي، وقصيدة اليوم للشاعر العراقي الكبير "أحمد مطر" تحت عنوان (المستقبل)، ويالَجمالِ العنوان بما يحمله من رغبة الأحياء في استشرافه ومعرفة خباياه .... يصوِّب الشاعر عينيه إلى عالَم الحشرات ... عالم النمل الذي لفت أنظارنا إليه القرآن الكريم بوجود سورة النمل ، وتنبيه النملةِ رفاقَها تحاشياً لخطر مرور جيش سليمان ، فنادت اهتماما بالشأن العام ، وحدَّدتْ طريقَ النجاة ، ولم تشغل رفاقها بجدلٍ عقيمٍ ....أيقصد نبيُّ الله سليمان الإيذاء أم لا..؟!! قال تعالى ( حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ) لكننا لا نعي!!نعود إلى قصيدة (المستقبل) والشاعر الكبير "أحمد مطر" تبدأ عدسة الشاعر في رصْد حياة النمل اليومية القائمة على السعي في طلب الرزق دون كسلٍ ، أو اتكال البعض على سعي الغير، يقوده الإخلاص في بذْل جهوده، ولو في حفْر الصخر الجَلْمد لا خوفاً من عقوبة أو تحصيل مثوبةٍ، ولم تزل عينا الشاعر تستقطران الدروس  من جماعية الأداء وإصلاح ما ينشأ من قصورٍ، ورغم إن النمل ليس عدوانيا بطبعه إلا أنه إذا هوجم  لا يعجز عن ابتكار الأساليب للدفاع عن قريته غير معتمدٍ على غيره ... إنها المسئولية ؛ ليشهد الشاعر بالمجد لهذه الروح التي يدعو لها ألا تصاب بعدوى العروبة .!! لتبدو سخرية الشاعر في ختام القصيدة من خلال آخر كلمتين ( عدوى العروبة ) ؛ لتعقد أنت قارئي العزيز في التوِّ واللحظة مقارنةً أرادها الشاعر ساخرة ًبين حياة النمل وبين الكثيرين ممن ينتمون إلى أمتنا ، وهذا التكاسل المزري والاعتماد على الغيْر في أداء الأعمال اعتماداً على ثرواتٍ طبيعيةٍ ؛ ليصل التواكل إلى ترْك أمْرِ الدفاع عن الأوطان إلي الغير ..!!! سخريةٌ مُرَّةٌ شديدةُ القسوةِ أرادها " أحمد مطر " لتهوي كالمطرقة على عقولنا فهل ندرك الواقع... فإلى "أحمد مطر" وقصيدة (المستقبل):                   

 يَدرجُ النَّملُ إلى الشُّغْلِ ... بِخُطْواتٍ دؤوبَةْ
مُخلصَ النِّيةِ ....لا يَعملُ درءاً لعقابٍ ...أو لتحصيلِ مَثوبَةْ
جاهِداً يَحفرُ في صُمِّ الجَلاميدِ دُروبَهْ .
وَهْوَ يَبني بَيتَهُ شِبراً فَشِبراً
فإذا لاحَ لَهُ نَقصٌ مضى يُصِلحُ في الحالِ عُيوبَهْ .
وَبصبرٍ يَجمعُ الزّادَ ...ولو زادَ عليه الثِّقْلُ ما أوهى وُثوبَهْ .
وَهْوَ مَفطورٌ على السَّلْمِ ....ولكنْ عِندما يَدهَمُهُ العُدوانُ ..لا يُوكِلُ لِلغيرِ حُروبَهْ .
بعنادِ النَّملِ ... يكتَظُّ فؤادُ اليأسِ باليأسِ وتنهالُ الصُّعوباتُ على رأسِ الصُّعوبَهْ
أيُّها النَّملُ لَكَ المَجْدُ
ودامَتْ لَكَ رُوحٌ لم تَصِلْها أبداً عَدْوى العُروبَهْ !!!