رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


جحيم التضخم

15-2-2017 | 13:10


بقلم –  محمد حبيب

أعتقد أن الأرقام التى أعلنها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء السبت الماضى لا يجب أن تمر مرور الكرام، فلقد أعلن الجهاز عن تسجيل مؤشر التضخم السنوى لمستوى قياسى خلال شهر يناير الماضى، ليصل إلى ٢٩.٦ ٪، وهو أعلى معدل يسجل منذ بدأ قياس معدلات التضخم فى مصر! بل إن مصر لم تشهد هذا التضخم حتى فى أوقات الحروب .

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع القياسى فى التضخم، إلا أن خبراء يرون أن المعدل الحقيقى قد يكون أكبر من ذلك إذا تمت القياسات من جهة مستقلة غير حكومية!

الأمر الخطير أن التضخم مرشح للارتفاع فى الفترة القادمة، وذلك بحسب عمرو الجارحى وزير المالية، الذى توقع بلوغ معدل التضخم ذروته فى نهاية الربع الأول من ٢٠١٧، أى أن التضخم لم يصل لذروته بعد، وأن مؤشره سوف يرتفع أكثر خلال الشهرين المقبلين.

الجارحى قال إن التضخم سوف ينخفض بعد مارس المقبل، لكن الخبراء يتوقعون استمرار موجات الغلاء لأشهر مقبلة، لأنه لم يطرأ تغيير جوهرى على الإنتاج المحلى من زراعة وصناعة وسياحة، فمصر تستورد ٧٠ ٪ من استهلاكها الغذائي، ونحو ٦٥ ٪ من مستلزمات الإنتاج، كما أن الاعتماد على تقليل الواردات بطريقة قهرية لن يجدى نفعا على المدى الطويل، كما أنه سيتسبب فى مزيد من « الركود التضخمى» وهو أسوأ أنواع الأزمات الاقتصادية.

التضخم فى ارتفاع قياسى مستمر منذ تعويم الجنيه ورفع أسعار الوقود فى ٣ نوفمبر الماضى، حيث سجل فى ديسمبر الماضى ٢٤.٣٪، بينما سجل ١٩.٤٪ فى نوفمبر الماضى، فى مقابل ١٣.٦٪ فى أكتوبر ٢٠١٦.

التضخم من أخطر المؤشرات فى حياة المصريين، فهو يحول حياة معظم الأسر المصرية إلى كابوس، ويدفعها إلى السقوط تحت خط الفقر، ويزيد من معدلاته، فأصبحت أسر كثيرة حاليا تجد صعوبة فى توفير غذائها، وتضطر إلى ترشيد والاستغناء عن الكثير من ضرورات حياتها، خاصة أن جنون الأسعار لا يقابله ارتفاع فى مستوى الدخول لمعظم الأسر بل إن تآكل قيمة الجنيه خفض أجور المواطنين وأدى لزيادة الفقر.

آخر إحصاء للفقر فى عام ٢٠١٥، كشف عن أن ٢٩.٥ ٪ من الأسر المصرية تحت خط الفقر، وهذه الأسر غالبا ما تنفق ٦٠ أو ٧٠ ٪ من دخلها على السلع الغذائية، وبالتالى فإن معدل التضخم بالنسبة لهذه الأسر أعلى من الرقم الرسمى بكثير وسوف يؤدى إلى وقوع الكثير من الأسر المتوسطة تحت خط الفقر، خاصة أنه لا توجد إجراءات من الحكومة لتحقيق الحماية الاجتماعية للفقراء والطبقة المتوسطة، بل إنه حتى السلع التموينية تم رفعها الأسبوع الماضى وذلك للمرة الثالثة خلال عام.

التضخم وراءه جشع تجار ومستوردين واحتكارات تنهش الاقتصاد المصرى، فضلا عن غياب الرقابة وعجز حكومى عن التدخل لكبح التضخم والغلاء.

فى الأسبوع الماضى استمعت إلى مداخلة فى برنامج «العاشرة مساء» تعلق على رفع وزارة التموين أسعار الزيت والسكر للمرة الثالثة خلال عام، وقالت السيدة المصرية إنها تضرب أطفالها الثلاثة لأنها لا تستطيع أن توفر لهم الأكل وتبكى بعدها، وتقول «ليه كده يا ريس.. ده أنا بحبك ومليش حد بعد ربنا غيرك»، هذه السيدة نموذج لكثير من الأمهات اللاتى لا يجدن ما يسد رمق أطفالهن بعد الغلاء الفاحش الذى تشهده مصر وتأكل المرتبات وزيادة الركود الاقتصادى.

الغريب أن الحكومة والبرلمان لا يشعرون بالفقراء ولا يهمهم إنقاذهم، يطالبون الشعب بالتحمل وشد الحزام بينما هم لا يرشدون إنفاقهم، بل رأينا أن الوزراء طالبوا بزيادة مرتباتهم ومعاشاتهم، والبرلمان أنفق ٢٣ مليون جنيه من دم الشعب على السيارات لقيادات البرلمان، وقبلها حصل كل نائب على ٣٠ ألف جنيه بدل ملابس، وقرض ٥٠٠ ألف جنيه بدون فوائد.

إلى الله المشتكى