رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الأغنية الدينية .. غياب أم تغييب

8-9-2017 | 12:06


بقلم : محمد الشافعي

دعاني لبيته

لحد باب بيته

وأما تجلي لي

بالدمع ناديته

هكذا أبدع عمنا الجميل بيرم التونسي في رائعته «القلب يعشق كل جميل» والتي شدت بها سيدة الغناء العربي أم كلثوم بنغمات المبدع رياض السنباطي.. لتحتل هذه الأغنية مكانة واسعة وكأنها درة التاج في عالم الغناء الديني.. والغريب أن السيدة أم كلثوم قد قرأت هذا الشعر الصوفي الرائع في ديوان بيرم بعد رحيله.. فشدت خلاياها وانتشت قبل أن يشدو صوتها فأعطت الكلمات للشيخ زكريا أحمد.. والذي قدم لحنا جيدا ولكنه لم يلامس شفاق قلب الست فاعتذرت عن غنائه .. وأعطت الكلمات للموسيقار رياض السنباطي الذي قدم واحداً من أروع وأجمل ألحانه علي الاطلاق ولأنني أكتب هذه الكلمات قبل سويعات من توجهي إلي بيت الله الحرام لأداء مناسك الحج فإن هذه الأغنية تملأ كياني كله وتلف خلايايا بهالات من النور «مكة وفيها جبال النور.. طلة علي البيت المعمور فوقنا حمام الحما... عدد النجوم السما.. طاير يهنئ الطيور بالعفو والمرحمة.. وفي هذه الأغنية النورانية يقدم عمنا بيرم روشتة النجاة لكل عباد الله عندما يقول «سلم لنا تسلم» في مقطع رائع وبديع تقول كلماته «واللي هديته إليك.. لو تحسبه بإيديك تشوف جمايلي عليك.. من كل شيء أعظم .. سلم لنا تسلم» فقد استلهم عمنا الرائع بيرم التونسي الآية القرآنية الكريمة التي تقول «لكي لا تأسوا علي ما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم» فما أجمل التسليم لله تعالي تسلم القلب والوجدان.. نسعي.. نأخذ بالأسباب.. نجتهد.. ونترك النتائج للمسبب .. لله تعالي.

وتلك الحالة النورانية التي تدفعنا إليها رائعة الثلاثي الذهبي بيرم وأم كلثوم والسنباطي «القلب يعشق كل جميل» تجعلنا نتساءل: وأين الأغنية الدينية الآن؟ فآخر أغنية دينية لمست وجدان ومشاعر الناس كانت رائعة السيدة شادية «خد بإيدي» والتي اعتزلت بعدها مباشرة؟

والإجابة عن هذا السؤال شائكة ومتشعبة فقد يقول قائل- ومن حقه - وأين الغناء الآن؟

فأغلبية ما يقدمه المغنون «طبل وزمر ورقع» بلا جملة لحنية جميلة أو كلمات مؤثرة فأغلب الغناء الآن «بيتزحلق من علي الورق» وعندما قلت للفنان أحمد الحجار هذه الجملة أعجبته جداً.. ووافقني عليها تماماً والمؤلم أننا نمتلك العديد من الأصوات الجميلة القادرة علي تقديم أغنية دينية عذبة وجميلة.. فلدينا أنغام وأصالة وآمال ماهر وشيرين ولدينا في الأصوات الرجالي علي الحجار ومحمد الحلو ومدحت صالح ومحمد ثروت ويمكن أن نضيف إلي هؤلاء كل مطربي ومطربات فرق الأوبرا للموسيقي العربية، والشعر الديني أو الصوفي ما أكثره والدليل ذلك النجاح المدوي لشيخ المداحين باسين التهامي الذي يشدو بأشعار الصوفية .. فتلتف حوله قلوب العاشقين في كل مكان بل استطاع التهامي أن يصنع مدرسة في الإنشاد الصوفي ليظل السؤال وأين الأغنية الدينية؟

ونعتقد أن الإجابة تكمن في تراجع الدور التنويري للإذاعة والتليفزيون.. فالتليفزيون الذي قدم منذ عدة سنوات «بردة البوصيري» لا يقدم شيئا الآن .. والإذاعة التي قدمت لعدة سنوات «الليلة المحمدية» في ذكري المولد النبوي الشريف من كل عام تلك الليلة التي أفرزت العشرات من الأغنيات الدينية المهمة، كما أفرزت العديد من الأصوات الجميلة.. لقد تراجع هذا الدور كما تراجعت أشياء كثيرة ليصبح السؤال الذي يحتاج إلي إجابة حاسمة من كل المسئولين عن الثقافة والإعلام في مصر هل تعاني الأغنية الدينية من غياب أم تغييب؟!