خيري شلبي.. «وتد الرواية وحكاء البسطاء»
ربما أستطاع الكاتب والروائي الكبير خيري شلبي، أن يصف حاله وحال الأدباء عندما قال في كتابه "موال البيات والنوم" .. " حياتنا كلّها فنادق رخيصة وحقائب سفر وغرف مبقعة الفرش بعرق الآخرين وبقاياهم"، فخيري شلبي المنتمي لعالم البسطاء والمهمشين لم ينصرف عنهم ولم ينحرف عن طريقه، فجاءت كتاباته محملة بتفاصيلهم اليومية وعاداتهم ومأساتهم ومبقعة بعرقهم.
خيري شلبي المولود في 31 يناير 1938 بقرية شباس عمير إحدى قرى مركز قلين بمحافظة كفر الشيخ، استطاع أن يقدم تفاصيل بيئته في صورة حية ومن خلال مجموعة من البورتريهات التي برع في كتابتها وذلك من خلال روايته "الوتد" والتي اتخذت بجانب طابعها الاجتماعي الذي يعكس مدى سلطة ودور الأم "فاطمة تعلبة" في لم شمل الأسرة، إلا أنها أخذت بعدا سياسيا آخر حيث جاءت "الوتد" في فترة كانت تعاني فيها مصر شر الانفتاح وهذا ما واجهه المثقفون بغضب شديد انعكس على كتاباتهم.
ينتمي خيري شلبي إلى عالم البسطاء دائما، فجاءت أعماله معبرة عن هذا العالم بتفاصيله البسيطة بلغة عزبة أقرب إلى لغتهم وصافية أقرب إلى قلوبهم، ودامعة حد الدم كمآسيهم التي جسدتها أعمال الحكاء العظيم.
فلم تكن أعماله "السنيورة، الأوباش، الشطار، الوتد، العراوي، فرعان من الصبار، موال البيات والنوم، ثلاثية الأمالي (أولنا ولد - وثانينا الكومي - وثالثنا الورق)، بغلة العرش، لحس العتب، منامات عم أحمد السماك، موت عباءة، بطن البقرة، صهاريج اللؤلؤ، نعناع الجناين"، سوى بعض من فيض خيري شلبي، والذي استطاع به أن يعكس هذا العالم المليء بالتفاصيل والفلسفية المختلفة حد الدهشة.
كذلك قدم خيري شلبي عدد من المجموعات القصصية مثل " صاحب السعادة اللص، المنحنى الخطر، سارق الفرح، أسباب للكي بالنار، الدساس، أشياء تخصنا، قداس الشيخ رضوان، وغيرها.
كما كان له عددا من المؤلفات والدراسات خارج دائرة الرواية والقصة مثل : محاكمة طه حسين: تحقيق في قرار النيابة في كتاب الشعر الجاهلي، أعيان مصر (وجوه مصرية)، غذاء الملكات (دراسات نقدية)، مراهنات الصبا (وجوه مصرية)، لطائف اللطائف (دراسة في سيرة الإمام الشعراني)، أبو حيان التوحيدي (بورتريه لشخصيته)، دراسات في المسرح العربي، عمالقة ظرفاء، فلاح في بلاد الفرنجة (رحلة روائية)، رحلات الطرشجي الحلوجي، مسرح الأزمة (نجيب سرور) وغير ذلك.
تميز خيري شلبي بشخصنة الأشياء، فجعل من الطير والشجر والحجر إناسا وأبطالا لروايته حتى أن روايته "الشطار" والتي جاءت في 500 صفحة يرويها كلب، وهذا ما جعل خيري شلبي رائدا من رواد ما يسمى بالواقعية السحرية.
توفى خيري شلبي في 9 سبتمبر 2011 بعد أن ترك لنا إرثا أدبيا كبيرا معبرا من خلاله أن للبسطاء كاتبا استطاع أن يخرج بعالمهم الضيق إلى العالمية، فترجمت أعمال خيري شلبي إلى العديد من اللغات منها الروسية والصينية والإنجليزية والفرنسية والأوردية والعبرية والإيطالية، وخصوصا رواياته: الأوباش، الوتد، فرعان من الصبار، بطن البقرة، وكالة عطية، صالح هيصة، كما قدمت عنه عدة رسائل للماجستير والدكتوراه في جامعات القاهرة وطنطا والرياض وأكسفورد وإحدى الجامعات الألمانية.