رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


«العيد فرحة».. كيف بدأت صناعة الكحك والبسكويت في عيد الفطر بمصر؟

21-4-2023 | 18:37


كحك العيد

نور الدين نادر

الكحك والبسكويت أهم العادات التي اعتاد عليها المصريون وابتهاجًا بحلول عيد الفطر المبارك، ولكن تختلف طريقة استقبال المصريين للعيد عن غيرهم، وتختلف عاداتهم؛ إذ أنهم يحرصون في هذه الأيام للاحتفال على طريقتهم خاصة، بل والتاريخية؛ التي تتمثل أبرز ملامحها في أكل «الكحك والبسكويت».

ولا يعرف غالبية الناس مدى ارتباط المصريين بهذا الطقس تاريخيًّا، إذ أنهم عرفوا صناعة الكحك منذ فجر التاريخ، باعتباره من المخبوزات التي يُعتمد عليها حتى اليوم، عندما وجد علماء الآثار صورًا للكحك منقوشة على جدران المعابد؛ ليبدأ من هذه الفترة؛ مرورًا بمراحل عديدة، إلى أن وصل بصورته الحالية، وتم تداوله بكميات لا يصدق.

 كحك الأقراص.. نظرة تاريخية على كحك العيد

بدأت صناعة الكحك منذ العهد المصري القديم، حين وجد علماء الآثار طريقة وصور الكحك منقوشة على جدران المعابد وفي الأقصر ومنف (عاصمة مصر القديمة) بطريقة تشبه كثيرًا المصنوع اليوم، وفي قبر هرم خوفو في الجيزة، خاصة ما صُور منها على جدران مقبرة الوزير «رخمي رع»، من الأسرة الثامنة عشرة، وأطلق عليه كحك الأقراص لأنه يشبه قرص الشمس.

الكحك في أعياد المصريين القدماء

ولم تختلف مكونات الكحك في هذا الوقت عن صناعته الآن؛ إذ كان يُعد على أشكال دائرية تتم تقديمها في الأعياد أو عند زيارة الموتى والقبور، لإيمان المصريين القدماء أنّ للكحك هدفًا دينيًّا، وكان مختومًا علي الكحك في هذه العصر رمز «الإله رع»، ولكن كان يختلف الشكل كما توضح النقوش؛ إذ كان البعض يصنعونه أيضًا على شكل حيوانات أو أوراق الشجر وغيرها.

واستمرت صناعة الكحك في هذه العصور، وتناقلت في مختلف بلدان العالم، لكنه ازدهر مرة أخرى في مصر في عهد الدولة الطولونية.

الكحك في عهد الدولة الطولونية

بدأ تصنيع الكحك بشكله الحالي في عصر الدولة الطولونية، إذ أنه كان يصنع في قوالب منقوشة عليها عبارة "كل واشكر"، وكان يتم حشو كل قطعة من الكعك بدينار من الذهب، كنوع من الدعاية لابن طولون، وكان يُقدم على موائد يُدعى لها حشد من رجال الدولة وعلية القوم، واستمر الكحك في هذه المرحلة، وكان يكتب عليه «افطن له»، لاشتماله على ذهب قد يجرح آكله، وتناقله الإخشديون، وكان الوزير «أبو بكر المادرالي» مهتماً بصناعة الكعك في العيد، فكان يحشوه بالذهب.

الكحك في العصر الفاطمي

وتطورت مع العصر الفاطمي، وولي اهتمامًا كبيرًا، فكان الخليفة الفاطمي يخصص 20 ألف دينار لصناعة كحك العيد، وكانت بداية صناعته في شهر رجب إلى العيد، حتى أنشئت ''دار الفطنة''، وهي دار مخصصة لصناعة كحك العيد فقط.

.وفي هذا الوقت تشكلت مظاهر احتفالية مختلفة ارتبطت بالأعياد، فكان للخليفة زي معين في كل عيد؛ وكان في عيد الأضحى يرتدي ملابس حمراء، في إشارة إلى الأضحية، وفي عيد الفطر يرتدي الزي الأبيض.

سوق الحلاويين.. الكحك في العصر المملوكي

واستمرت صناعة الكحك في عصر المماليك، وكان الأمراء يوزعون الكحك على الفقراء والمتصوفة من باب التضامن الاجتماعي، وتطور هذا الطقس بشكل كبير في هذا العصر حتى أنهم خصصوا سوقًا يطلق عليها «الحلاويين» في باب زويلة، وكان يعرض الباعة هناك أجود أنواع الكعك خلال العشر الأواخر من رمضان، بعد تشكيله عبر رسومات مختلفة.

الكحك في العصر الحديث.. بداية صناعة البسكويت

وتطور الكحك مع بداية العصر الحديث وازدهر في مصر مرة أخرى، لكن من جانب آخر؛ عندما جاء أهل الشام المهاجرين (المهجر) إلى مصر، واستطاعوا تطوير صناعة الحلويات بصورة عامة، وتعلم إنشاء (البسكوت)، ومنذ هذا الوقت جاور الكحك البسكوت، وصار مرادفًا له، وظهرت تقنيات جديدة للصنعة أضافت إليهما شكلاً متطورًا بداية الكحك في شكله الحالي واعتبر بعض الباحثين أن المصريين القدماء صنعوا مخبوزات تشبه الكحك، لكن لا يوجد دليل يؤكد انتقال وتوارث هذه العادة من مصر القديمة بشكلها الحالي، مرجعين ذلك أن الكحك ثقافة دينية بدأت مع عصر صدر الإسلام.