فى مؤسسة الكبد المصرى.. حلم الوصول إلى 1000 قرية خالية من فيروس سى : يحدث فى المنصورة .. منذ 20 عاما!
صورة قلمية يكتبها: سليمان عبد العظيم
ثمة أشياء سارة تقع دون أن نشعر بها، يبدو «تيار الهدم» أقوى أحيانًا من «تيار البناء»، نقول (يبدو)، لأن الظاهرة هنا مؤقتة، سرعان ما تستبدلها الأيام بقاعدة «لا يصح إلا الصحيح».. هذا - تمامًا - ما ينطبق على «مؤسسة الكبد المصرى» بالدقهلية، التى أتمت من العمر ٢٠ عامًا حتى الآن.. تلك المؤسسة التى تجعلنا نقول بارتياح: هناك فى هذا الوطن بناء ون عظام..!
ليس البناء فقط بإقامة المبانى، ولا تهيئة التجهيزات اللازمة، البناء - فى حالة استهداف شفاء الناس من المرض - أمر يبدو شديد التعقيد، والاحتياج هنا إلى «بناء من طراز خاص» يبدو ضرورة.. لا ترفا!.. تحديد الهدف ليس سهلًا - مع أنه أول خطوة - وتنفيذه فى واقع ليس ورديًا - مثل واقع مصر فى التسعينيات حين قامت مؤسسة الكبد المصرى - مسألة أكثر صعوبة..! ومواصلة العمل ونمو حجمه وتحقيق النجاح وصولًا إلى سمعة دولية مرموقة كالتى حققتها هذه المؤسسة الجادة بعد ٢٠ عامًا.. أمر شديد الصعوبة..!
غير أن كل هذا تحقق بالفعل..!
نبدأ بالبشر.. أم بالحجر؟ فلنبدأ بالبشر.. الذين يجسدون نبل الشخصية المصرية فى أعمق تجلياته.. إليكم الرجل الذى كان وراء (مؤسسة الكبد المصرى) عام ١٩٩٧ ولايزال وراءها إلى اليوم: «د. جمال شيحة» أستاذ ورئيس وحدة الكبد والجهاز الهضمى بكلية طب جامعة المنصورة، ومؤسس ورئيس مجلس أمناء مؤسسة الكبد المصرى ورئيس مجلس إدارة مستشفى الكبد المصرى ورئيس الجمعية الإفريقية لمرضى الكبد ALPA، وعضو مجلس إدارة الجمعية الآسيوية الباسيفيكية لدراسة أمراض الكبد، فضلا عن عضويته فى عدد من الجمعيات العلمية العالمية والمحلية مثل: الجمعية الأمريكية لدراسة أمراض الكبد، والجمعية الأوربية لدراسة أمراض الكبد، وللرجل كثير من الأبحاث والدراسات العلمية المنشورة فى دوريات ومؤتمرات دولية ومحلية وشارك كمحكم فى كثير من المجلات العلمية العالمية.. واختاره الرئيس عبدالفتاح السيسى ضمن قائمة المعينين فى مجلس النواب الحالى وانتخب وبالإجماع رئيسًا للجنة التعليم والبحث العلمى بالبرلمان.
هكذا تقول السيرة الذاتية أو الـ C.V الخاص بالدكتور جمال شيحة، وهو C.V مشرف لأى إنسان يحمله دون شك، تعمدنا أن نذكره كاملًا - تقريبًا - لكى نقول إن وراءه ما هو أخطر.. وأى شىء أخطر من المراتب العلمية العليا سوى الوطن نفسه؟ .. د. جمال شيحة رجل معجون بحب هذا الوطن، ينتمى لمصر حتى النخاع، مخلص لبلده ولعروبته، وقبل كل ذلك هو «إنسان مع مرتبة الشرف»، .. بنسانيته حوّل رؤيته فى حب هذا الوطن والانحياز إلى فقرائه.. إلى برنامج عملى لإنقاذهم من (الغول الرهيب) الذى يلتهم أكبادهم: فيروس C.. أقصد تحديدًا المرضى غير القادرين، الذين تستهدف (مؤسسة الكبد المصرى) مساعدتهم عبر العلاج المجانى فضلًا عن رعاية أسرهم، نحن أمام رجل قام ومازال يقوم بحملة قومية واسعة النطاق للوقاية من أمراض الكبد ونشر الوعى الصحى بعقد ندوات ومؤتمرات وورش عمل انطلقت من المنصورة .. إلى معظم محافظات مصر.
لقد أعلنت المؤسسة أخيرًا - مؤسسة الكبد المصرى، التى تشمل أيضًا جمعية رعاية مرضى الكبد بالدقهلية، والتى تأسست ١٩٩٧ - عن (أول ١٠ قرى خالية تمامًا من فيروس C)، وأطلقت شعارها للمرحلة القادمة: (وحلمنا نوصل لـ ١٠٠٠ قرية خالية من فيروس C)، تحت شعار ثابت لها: نحو قرية خالية من فيروسات الكبد.
وأطلقت يتعلق بالسيرة الذاتية للدكتور جمال شيحة، لكن ماذا عن جمال شيحة الإنسان؟ تبدو ملامحه شديدة الاهتمام بفكرة ما، ثمة بشر إذا قابلتهم يقفز إلى ذهنك فوراً التفكير فى أن هذا الإنسان لديه حلم ما، تنطق ملامحه بأنه يعتنق مبدأ أو مبادئ، فى مقدمتها حب مصر، والتعاطف الإنسانى الشديد مع المصريين لا سيما الفقراء منهم، الذين ينهش المرض أكبادهم.
بعد الرجل.. نتكلم عن (المؤسسة).. تلك التى صارت هى ود. جمال شيحة شيئًا واحدًا، شيئًا عظيمًا فى نفوس وقلوب المصريين البسطاء!
أشهرت هذه المؤسسة برقم ٨١٧ لسنة١٩٩٧، ثم امتد نشاطها فى ٢٠٠١ ليتم اعتمادها كجمعية مركزية تقدم نشاطها على مستوى البلد كلها.. ولها الآن ٢٠ فرعًا على مستوى مصر لتقديم جميع الخدمات الطبية والعلاجية وعلى رأسها مستشفى الكبد المصرى بشربين الذى يعد نموذجًا متميزًا على المستوى الدولى فى التجهيزات والخدمات الطبية التى يقدمها لمرضى الكبد الفقراء غير القادرين.
مستشفى الكبد المصرى فى شربين (جمعية رعاية مرضى الكبد سابقًا) أنشئ رسميًا فى ٢٦ يوليو ٢٠١١ تحت اسم: مستشفى ومعهد بحوث الكبد المصرى (ELRIAH).. يتردد على هذا المستشفى ذى السمعة الدولية المرموقة ١٢٠٠ مريض يوميًا، يحرص الأطباء - المنتقون بعناية - على تقديم خدمة ورعاية شديدتى التميز لهم جميعًا ودون واسطة أو محسوبية ، يتطلع د. جمال شيحة بنظره إلى الأمام، يحلم بأن يعمل المستشفى ككل على تحقيق نموذج رائد فى مجال تقديم خدمة طبية شاملة ودقيقة للمرضى، كما يسعى لكى يكون المستشفىمركزًا عالميًا للبحوث يتيح الفرص لصغار الباحثين لتلقى تدريب علمى وعملى متميز مع فريق طبى شديد الكفاءة واسع الخبرة.
والمستشفى - برغم تحقيقه للسمعة الدولية المرموقة - يستهدف أن يكون صرحًا طبيًا قادرًا على مواجهة الحاجة المتزايدة لمرضى الكبد والجهاز الهضمى عبر تبنى أحدث مجالات النظم والتجهيزات الطبية وتطبيق المعايير الدولية والالتزام الكامل بتطبيق القوانين المصرية والعالمية التى تنظم العمل فى هذا المجال.
يضم المستشفى ١٠ أقسام تقدم الرعاية المتطورة للبالغين والأطفال بسعة ١٠٠ سرير، وهذه الأقسام هي: الاستقبال (يحرص المستشفى على تقليد إنسانى رائع هو ألا ينتظر المريض دوره فى الكشف لأكثر من ١٠ دقائق..) ويأتى إلى استقبال مستشفى الكبد المصرى أكثر من ألف و٢٠٠ مريض يوميًا وعلى مدار ساعات اليوم - كما قلنا - وقاعة الانتظار تستوعب ٥٠٠ منهم.. وهناك قسم (العيادات الخارجية) ويضم عيادات للعلاج من الالتهاب الكبدى الفيروسى الحاد والمزمن، أمراض الكبد المتعلقة بعمليات التمثيل الغذائى، أمراض الجهاز الهضمى والقنوات المرارية، أمراض الكبد المناعية، تليف الكبد ومضاعفاته، أورام الكبد.
إلى جانب هذين القسمين هناك أيضًا قسم «معامل التحاليل الطبية والأبحاث» وبه وحدات متخصصة تشمل: وحدة أبحاث البيولوجيا الجزيئية، وحدة المناعة، وحدة الكيمياء الإكلينيكية، وحدة أمراض الدم، وحدة الانسياب الخلوى، وحدة الميكروبيولوجى.
وقسم الأشعة، ووحدة (فايبرسكان) وهذه الوحدة هى الأولى فى نوعها الوحيدة حتى الآن فى مصر وتعمل على تحديد درجات تليف الكبد دون أخذ عينة من المريض.
وقسم الجراحة ويقدم خدمات متخصصة فى جراحات الكبد والقنوات المرارية والعلاج الجراحى لأمراض المرىء والمعدة والاثنى عشر والقولون.. وجراحات المناظير الخاصة بالجهاز الهضمى.. وقسم المناظير.. ويضم خدمة المناظير للمعدة والإثنى عشر وأورام الجهاز الهضمى العلوى، والمناظير التداخلية لحقن وربط دوالى المرىء وحقن دوالى المعدة ومناظير الأمعاء الدقيقة والقولون والقنوات المرارية ومناظير الأطفال ومناظير الموجات فوق الصوتية.
وهناك أيضا الصيدلية التى توفر للمرضى العلاج بأسعار مخفضة غير تجارية.. فضلا عن قسم الأبحاث الذى يضم وحدة الأبحاث الإكلينيكية والأبحاث التجريبية ووحدة التكافؤ الحيوى والوبائيات.
فضلًا عن قسم (الجودة)، والمكتب العلمى، ومركز (الراية) للنشر العلمى ويصدر ثلاث مجلات علمية وهي: المجلة الطبية للأبحاث التجريبية والإكلينيكية فى مجال التليف الكبدى، والمجلة الطبية للفيروسات الكبدية، والمجلة العلمية لأبحاث سرطان الكبد.
إلى جانب ذلك يتبنى الفريق الطبى بالمستشفى برنامجين مهمين للغاية.. أحدهما (برنامج التعليم الطبى) الذى يهدف إلى الارتقاء بالمستوى العلمى والبحثى لفريق العمل.. والثانى برنامج (ECHO) ويقام تحت إشراف جامعة نيومكسيكو الأمريكية، ومعهد بحوث الكبد المصرى هو ممثل هذا البرنامج الطبى شديد الأهمية، إذ اختارته جامعة نيو مكسيكو ليمثلها فى مصر.
هذا عن مستشفى الكبد المصرى.. الصرح العلمى الإنسانى الذى يشغل مساحة أربعة أفدنة بشربين (الدقهلية).
وهناك إلى جانب هذا المستشفى جمعية رعاية مرضى الكبد بالدقهلية، والتى تقدم العلاج لآلاف المرضى غير القادرين، كما تساهم فى عمل ما يلزم من فحوصات وتحاليل طبية بالعيادة التخصصية الملحقة بمقر الجمعية مع تقديم المساعدات المادية للأسر المحتاجة عبر تبرعات أهل الخير.
.. إنه الخير الذى يعد جزءاً من سلوكيات وعادات د.جمال شيحة التى تربى عليها واتحدت مع كيانه وإنسانيته وبساطته .. خاصة مع المرضى الفقراء .
الجمعية تقدم العلاج تحت شعار (اكفل مريضًا بالكبد.. تحيى نفسًا) وتفتح أمام الأثرياء للمصريين والعرب باب المساهمة لخدمة مرضى الكبد غير القادرين.. وتعالج ٧ أنواع من المرض: علاج مريض فيروس C بالإنترفيرون، وعلاج مريض فيروس B، وعلاج شهرى لمريض الكبد المزمن، وعلاج مريض استسقاء البطن، وعلاج نزيف دوالى المرىء والمعدة، وعلاج أورام الكبد بالأشعة التداخلية، وعلاج أورام المعدة والقولون والأمعاء.. إنها تستهدف علاج الحالات الجديدة سنويًا من مرضى الكبد والتى تقدر بـ ١٥٠ ألف حالة جديدة حسب أخر تقارير منظمة الصحة العالمية.
وتفتح الجمعية باب التبرع من أجل التمكن من الاضطلاع بدورها الواسع والإنسانى نحو المصريين غير القادرين عبر بنوك: الشركة المصرفية العربية الدولية، فيصل الإسلامى فرع المنصورة، مصر - فرع المديرية بالمنصورة، التجارى الدولى CIB بالمنصورة فرع الجمهورية، وHSBC فرع المنصورة، والمصرف المتحد فرع المنصورة، وبلوم مصر فرع المنصورة، وبنك التنمية والائتمان.
وتحت شعار (اكفل مريضًا بالكبد.. تحيى نفسًا) تفتح مؤسسة الكبد المصرى باب التبرع من أجل فيروس C ومرضى أورام الكبد ومرضى زرع الكبد.. فى البنك العربى الإفريقى الدولى، وبنك فيصل الإسلامى المصرى، وSAIB، والبريد المصرى، وبنك مصر، وCIB، وHSBC، وبلوم مصر، والمصرف المتحد.
لقد احتفل هذا المشروع الوطنى الطبى العظيم ذو السمعة الدولية المرموقة بأول عشر قرى خالية تمامًا من فيروس C، والحلم الذى يدور فى عقل د. جمال شيحة والفريق الطبى العظيم الذى يعمل معه أن يمتد الحلم ليشمل ألف قرية خالية تمامًا من فيروس C، وهذا الحلم لن يتحقق إلا بمساهمات كل مصرى قادر على المساهمة، ساعتئذ سيكون ممكنًا - للغاية - الوصول إلى رقم الألف قرية، وبعدها ينطلق الحلم ليشمل فى المستقبل كل القرى المصرية، هذا هو الحلم الوطنى الطبى العلمى الشامخ الذى يقف وراءه د. جمال شيحة ويهب له حياته كلها..!