رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الطفلة الزيتية وطاقة حرارة باطن الأرض.. هل يشكلان «طاقة المستقبل»؟ حكاية مصدرين جديدين للطاقة ينبعثان من «جنوب الوادى»

16-2-2017 | 09:59


تقرير يكتبه: غالى محمد

ليس فى الأمر لغز..وليس فى الأمر مبالغة! الحكاية - بإيجاز - أن خطط التنمية الشاملة والمتشعبة، لاسيما تلك التى تستهدف التأسيس لأجيال قادمة، تحتاج إلى المزيد من مصادر الطاقة، للوفاء باحتياجاتها التى لا يمكن الوفاء بها دون المزيد من الطاقة.. هذا - ببساطة - حل اللغز! أما أن يكون فى الأمر مبالغة فهذا أيضا مردود عليه - بنفس البساطة - أن جميع دول العالم تسعى لتعظيم مصادرها من الطاقة، لاسيما الدول التى تدخل فى سياق التنمية المستدامة على أرضية وطنية.. فأى الدول أولى بالبحث عن مصادر )غير تقليدية( للطاقة أكثر من مصر التى تخوض الآن خطة تنمية شاملة فى كل المواقع!

وراء هذه السطور - إذن - حكاية اسمها (الطفلة الزيتية) و (طاقة حرارة باطن الأرض)، واستخدامهما فى توليد الكهرباء.. ووراء الحكاية أسماء، وتفاصيل، وأرقام، نعرفها من السطور التالية!

الطفلة الزيتية - بفتح الطاء- وطاقة حرارة باطن الأرض، كلاهما يعتبر من مصادر الطاقة غير التقليدية، وهناك تجارب كثيرة حول العالم لتوظيف كل منهما لصالح التنمية الاقتصادية، ولا سيما مسألة (توليد الكهرباء( .

إلى هذا الاتجاه سارت - بقوة - شركة جنوب الوادى القابضة للبترول، التى تستهدف توظيفاً واسع النطاق لهذين المصدرين للطاقة.. فى خدمة توليد الكهرباء، ذلك الأمر الذى يعد من ثوابت الأمن القومى لمصر، الكهرباء التى نجحت مصر فى السنة الأولى من فترة الرئيس “عبدالفتاح السيسى” فى التخلص من مشكلة انقطاع تيارها، لكن مصر - السيسى صارت لا تطمئن إلى حل مشاكلها فى أفق الحاضر فقط ولا تكتفى به، بل تحاول قدر استطاعتها حل مشاكل المستقبل، لكى لاتعود العجلة إلى التوقف مرة أخرى.

انطلاقاً من هذا السياق، الذى يؤكده جهد وتخطيط المهندس “طارق الملا” وزير البترول والثروة المعدنية، والذى يسعى قدر استطاعته للإسهام فى تعظيم موارد مصر من الطاقة، سواء بالطرق التقليدية أو غير التقليدية، تقوم شركة جنوب الوادى القابضة للبترول التى يرأسها الدكتور “شريف سوسة” بالسعى لاكتشاف وتوفير مصادر جديدة غير تقليدية لإنتاج البترول وتوفير الطاقة من مصادر متعددة، ولاسيما الصخر الزيتى وطاقة حرارة باطن الأرض فى توليد الكهرباء.

فأما الطفلة الزيتية فى مصر فهى متوفرة على نطاق واسع وترتبط بما يسمى (حزام الفوسفات) وهو حزام جغرافى ممتد من غرب الواحات الداخلة حتى هضبة أبو طرطور فى الصحراء الغربية، وتظهر أيضا فى “الصعيد الجوانى” ما بين قنا وإسنا، ثم شرقاً عبر وادى قنا حتى الصحراء الشرقية فى منطقة (سفاجا – القصير) وتعود - جيولوجيا - إلى العصر الطباشيرى وعصر الباليوسين.. وقد قامت هيئة المساحة الجيولوجية قبل نحو ٣٥ عاماً، بالاشتراك مع خبراء من جامعة برلين بجمع عينات من رواسب الطفلة الزيتية فى عدة مناطق بالبحر الأحمر وتم تحليلها فى ألمانيا، وأثبتت نتائج تحليلها مؤشرات واعدة لإمكانية استغلال الطفلة الزيتية فى إنتاج الزيت والكهرباء، مما شجع على مزيد من الدراسة والتقييم.

وفى عام ٢٠٠٧ تم توقيع اتفاقية بين الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية وشركة سنتوريون الكندية - دانا غاز - وشركة الوادى الجديد للثروة المعدنية والطفلة الزيتية لعمل دراسة متكاملة لتحديد احتياطيات الطفلة الزيتية فى مصر وتحديد أفضل الوسائل لاستغلالها اقتصاديا، كما شمل المشروع عمل دراسة الجدوى والمواصفات شاملة كافة التفاصيل الجيولوجية والكيميائية للطفلة الزيتية، وطبقاً لهذه الاتفاقية تم حفر ١٠ آبار بأعماق تصل إلى ٤٠٠م. وذلك لتقييم الطفلة الزيتية ٩ منها بمنطقة البحر الأحمر، حيث تم استخراج كامل القطاع اللبى الممثل لطبقات الطفلة الزيتية وإجراء العديد من الاختبارات لتحديد المواصفات الفنية والتركيب الكيميائى والمحتوى العضوى والحرارى لها، وقد خلص إلى تواجد الطفلة الزيتية بمنطقة البحر الأحمر (القصير – سفاجا) باحتياطى حوالى أربعين بليون طن طبقاً للتقديرات الجيولوجية من الصخور بما يعادل من حيث المحتوى الحرارى ٨.١١ بليون برميل مكافئ من الزيت الخام.

وفى عام ٢٠١٣ قامت شركة جنوب الوادى القابضة للبترول بإعداد وصياغة نموذج اتفاقية لاستغلال الطفلة الزيتية كان مرجعها الأساسى نموذج اقتسام الإنتاج المعمول به فى قطاع البترول واتفاقيات استغلال الصخر الزيتى السارية بالمملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية والجمهورية العربية السورية واستراليا. وتم إرساله إلى وزارة البترول والثروة المعدنية للمراجعة وإبداء الرأى.

وخلال عام ٢٠١٥ وفى إطار حرص الدولة على تلبية الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية والوفاء باحتياجات خطط التنمية الاقتصادية من خلال العمل على تطوير وتنمية وتنويع مصادر جديدة لتوليد الطاقة الكهربائية وبناء على موافقة السيد المهندس رئيس مجلس الوزراء على تشكيل لجنة لدراسة استخدام الطفلة الزيتية فى إنتاج الكهرباء، وتوجيهات كل من السيد المهندس وزير البترول والثروة المعدنية والسيد الدكتور المهندس وزير الكهرباء والطاقة المتجددة بتشكيل لجنة من شركة جنوب الوادى القابضة للبترول والشركة القابضة لكهرباء مصر وجهاز شئون البيئة وبعض أساتذة الجامعات المصرية، لعمل دراسة جدوى أولية لاستخدام الطفلة الزيتية كمصدر وقود متوافر محليا لإقامة محطات توليد الكهرباء. وتم رفع الدراسة إلى مجلس الوزراء مع التوصية بإقامة مشروع ريادى من خلال إنشاء محطة تجريبية للوقوف على كل الجوانب التنفيذية والاقتصادية للتوسع فى استخدام نوعية وتقنية المحطات، على أن يبدأ استغلال الخام فى منطقة زج البهار لإقامة المشروع لما للمنطقة من مواصفات تسهل العمل به إضافة إلى التوصيات التالية:

• ضرورة استخدام الطفلة الزيتية فى إنتاج الكهرباء لتنويع مصادر الطاقة.

• الطفلة الزيتية متوافرة محلياً مما يسهل الحصول عليها لتقليل الاعتماد على الاستيراد بالعملة الأجنبية.

• إقامة مشروع ريادى بإنشاء محطة تجريبية للوقوف على كل الجوانب التنفيذية للتوسع فى استخدام نوعية وتقنية المحطات.

• البدء بمنطقة زج البهار لإقامة المشروع الريادى.

• من الممكن إدخال القطاع الخاص والاستثمارات الأجنبية لما لهما من إمكانيات مادية وتقنية، أو قيام الدولة مباشرة بتنفيذ المشروع لما له من أهمية استراتيجية.

ويمكن بإيجاز ما دفع لجنة الدراسة فى التوصية بمنطقة زج البهار التى تبلغ مساحتها ٥,٥كم٢ وتم حفر بئر سطحى وحيد بها أثناء عمل تسجيلات كهربائية تغطى قطاعاً طوله ٨٠٠ متر، وتم عمل تحاليل بالبئر ونتج عن هذه التحاليل التعرف على طبقتين من الطفلة الزيتية ذات النوعية الجيدة، الطبقة العليا يبلغ سمكها ٦ أمتار وتتميز بمحتوى حرارى يصل إلى ١٢٥٠ ميلوكالورى/كجم، والتقدير الجيولوجى لكمية الخام بها ٦٦ مليون طن، بينما الطبقة السفلى تتميز بمحتوى حرارى يصل إلى أكثر من ٩٠٠ كيلو كالورى/كجم ويصل الاحتياطى بها إلى ١٣٤ مليون طن، إضافة إلى ٨٠ مليون طن من خام الفوسفات عالى الجودة. وتم إرسال العينات إلى معهد TTU-LTD سانت بطرسبرج - روسيا فى ٢٠١٠ والذى قام بتطبيق أحدث التكنولوجيات الحالية للطفلة الزيتية ودراسة نتائجها التى خلصت إلى اقتراح إنشاء محطة من نوع UTT- ٣٠٠٠بقدرة ٧٥٠ ميجاوات يومى وتستهلك هذه النوعية من المحطات حوالى ٣٠٠٠ طن يومى لإنتاج ٧٥٠ ميجاوات إضافة إلى ٤٠ ألف برميل من الزيت الخام.

ويقدر عمر المحطة المقترحة بحوالى ٣٠ سنة أى أنها تحتاج إلى ما يعادل ٣٠ مليون طن خلال فترة التشغيل، وحيث إن كمية الخام المتوفرة بالطبقة العليا تقدر بحوالى ٦٦ مليون طن فإنه يمكن إنشاء محطتين لمضاعفة الإنتاج من الكهرباء، بالإضافة إلى إنتاج الزيت الخام والخامات الثانوية التى سوف تكون جاهزة للتعدين، وحالياً وفى نفس المسعى قامت الشركة بالتعاون مع الشركة القابضة لكهرباء مصر وبعد الحصول على موافقة مجلس الوزراء، بتوقيع مذكرة تفاهم مع شركة أرتك الأمريكية التى تمتلك تقنيات استغلال الطفلة الزيتية فى توليد الكهرباء للبدء فى دراسة الجدوى للمشروع والوقوف على الجوانب الصناعية والبيئية لتنفيذه.

أمن واستقرار الطاقة على المدى البعيد - كما يقول المهندس شريف سوسة رئيس شركة جنوب الوادى القابضة للبترول - إحدى فوائد الاستفادة من مخزون الطفلة الزيتية فى مصر الكثيرة، وهذا المخزون لديه القدرة على تحويل اقتصاد البلاد من الاعتماد على الدعم الإقليمى والدولى. إلى توفير أمن واستقلال الطاقة لمصر.

وتؤمن شركة جنوب الوادى القابضة للبترول بأن الطفلة الزيتية من الثروات المتاحة لاستغلالها مستقبلا من خلال مشروع تعدينى متكامل باستخدام الخامات المصاحبة والمنتجات المعدنية الثانوية لإنتاج الزيت الخام والكهرباء كمنتجات أولية والفوسفات كمنتج ثانوى، بالإضافة إلى الأسمنت والطوب لتعظيم القيمة المضافة للمشروع فى إطار التنمية الشاملة لمنطقة المثلث الذهبى.

التاريخ يقول إن العالم قد بدأ مبكرا الانتباه إلى الطفلة الزيتية أو ما يعرف بالصخر الزيتى باعتبارها مصدراً غير تقليدى للوقود والطاقة وبدأ فى استغلالها وتطوير طرق استخراجها، حيث تنتشر طرق استغلال الطفلة الزيتية فى مختلف دول العالم بطرق متعددة، ولكن السؤال البديهى هنا هو ما هى الطفلة الزيتية؟ لتبسيط الإجابة يمكن القول إن الطفلة الزيتية عبارة عن نفط خام غير مكتمل التكوين بعد مروره بكافة عمليات التكون ما عدا المرحلة والعملية الأخيرة التى تحوله إلى الحالة السائلة. وهنا يأتى دور الشركات المتخصصة لاستخدام التكنولوجيا المتقدمة والمتطورة لتسريع هذه العملية التى تأخذ فى الطبيعة وقتا طويلا يصل إلى ملايين السنين لتحويل الصخر إلى نفط.

وعلى عكس النفط الخام. فإن الطفلة الزيتية متوفرة بكميات واحتياطيات تصل بحسب بعض التقديرات إلى ثلاثة أضعاف احتياطات النفط الخام الممكن الاستفادة منها، ومما لاشك فيه أن الطفلة الزيتية هى أكبر مصدر فى العالم من الهيدروكربونات السائلة غير المستغلة، ونظرا لارتفاع سعر النفط الخام وتناقص احتياطاته، إلى جانب التقدم والتطور فى تكنولوجيا الطفلة الزيتية، فإن الاعتماد واللجوء إلى احتياطات الطفلة الزيتية أصبح من الاختيارات المنتشرة على مستوى العالم.

العمليات والتكنولوجيا المستخدمة لاستغلال الطفلة الزيتية التعدين : الطفلة الزيتية هى من الصخور التى يتم تعدينها ومن ثم تحويلها فيما بعد إلى زيت (نفط) أو طاقة كهربائية. ويمكن تعدين الطفلة الزيتية إما بطريقة التعدين السطحى أو بطريقة التعدين تحت الأرض:

التعدين السطحى: تستخدم هذه الطريقة فى الأماكن التى تكون فيها طبقات الطفلة الزيتية على أعماق قليلة نسبيا من سطح الأرض، وغالبا ما يتم استخراج الطفلة الزيتية بالأسلوب المتبع فى المحاجر.

التعدين تحت الأرض: فى حال كانت طبقات الطفلة الزيتية على أعماق أكبر تحت السطح، يتم استخراجها عن طريق منجم يتم انشاؤه تحت الأرض، وهو ما يتطلب حفر أنفاق التعدين وتأمين التدعيم اللازم لها وتوفير أنظمة المناولة لنقل الصخور بعد تعدينها إلى السطح.

إنتاج الطاقة الكهربائية:

من الممكن استغلال الطفلة الزيتية لإنتاج الكهرباء عبر تكنولوجيا الحرق المباشر والتى يتم فيها استخدام مراجل (CFB) لحرق الطفلة الزيتية المطحونة فى تيار هوائى موجه إلى غرفة الاحتراق من الأسفل، ليتم بذلك إنتاج ما يعرف بـ (fluidizedbed) وتستخدم حرارة الاحتراق لتبخير المياه، ومن ثم يتم توجيه البخار إلى التوربينات حيث تشغل الطاقة الحركية للبخار مولدات التوربينات (Tubine) الذى ينتج بدوره الطاقة الكهربائية.

إنتاج النفط الاصطناعى:

هناك طريقتان فقط لإنتاج النفط من الطفلة الزيتية “ الأولى هى باستخدام طرق التعدين التقليدية ومن ثم التقطير السطحى والتصفية التقليدية، وأثبتت هذه الطريقة جدواها التجارية والاقتصادية. أما الطريقة الأخرى فهى التقطير الباطنى(in-situ Retorting) والتى مازالت حاليا قيد التجربة.

وفى التقطير السطحى تمر الطفلة الزيتية بعد استخراجها بمرحلة التقطير، حيث تخضع الصخور لعملية “الانحلال الحرارى” حيث تتعرض لحرارة شديدة فى مكان معزول من الأكسجين، مما يؤدى بالتالى إلى حدوث تغير كيميائى فيها، وبمجرد أن يحدث هذا التغير الكيميائى، يبدأ الكيروجين داخل الصخور بالتحول إلى الحالة السائلة وينفصل عن الصخور كمادة تشبه النفط، والتى يمكن بعد ذلك تصفيتها للحصول على النفط الخام الصناعى.

الفعالية: بفضل التقدم الهائل الحاصل على تكنولوجيا الطفلة الزيتية، يتم استغلال المادة العضوية المستخرجة من الطفلة الزيتية بشكل كامل، فيما يتم استغلال الحرارة والغاز الناجم عنها لتوليد الكهرباء لتكون بذلك محطات إنتاج النفط من الطفلة الزيتية مكتفية ذاتيا من الطاقة الكهربائية ومصدرة لها.

محلياً توجد الطفلة الزيتية فى مصر على نطاق واسع وترتبط فى تواجدها بما يسمى حزام الفوسفات، وتمتد من منطقة غرب الواحات الداخلة حتى هضبة أبو طرطور، ثم يعاود ظهورها فى وادى النيل بين إسنا وقنا، ثم شرقا عبر وادى قنا حتى الصحراء الشرقية بمنطقة سفاجا- القصير، وتنتمى تلك الطبقات الغنية بالمادة العضوية إلى عصرى الطباشيرى والباليوسين، كما هو الحال فى الأردن وفلسطين شرقاً والمغرب غرباً.

قامت الهيئة المصرية العامة للمساحة الجيولوجية فى أوائل الثمانينات بالاشتراك مع خبراء من جامعة برلين بجمع عينات من رواسب الطفلة الزيتية فى عدة مناطق بالبحر الأحمر وتم تحليلها فى ألمانيا، وأثبتت نتائج تحليلها مؤشرات واعدة لإمكانية استغلال الطفلة فى إنتاج الزيت والكهرباء مما شجع على مزيد من الدراسة والتقييم.

أما طاقة باطن الأرض Geothermal power فهى طاقة حرارية مرتفعة ذات منشأ طبيعى مختزنة فى باطن الأرض. حيث يمكن تحويل هذه الحرارة إلى بخار أو ماء ساخن يستفاد منها بشكل أساسى فى توليد الكهرباء. وفى بعض الأحيان تستخدم للتدفئة عندما تكون الحرارة قريبة من سطح الأرض أو على صورة ينابيع حارة.

وتعد الطاقة الحرارية الأرضية مصدرا من مصادر الطاقة المتجددة، لأن الحرارة تنتج باستمرار فى باطن الأرض وبصورة مجانية، حيث تتولد باستمرار درجات حرارة أكثر سخونة من داخل الأرض نتيجة التحلل البطئ للجسيمات المشعة، وهى العملية التى تحدث فى جميع الصخور.

وتسمى المناطق الواسعة من الموارد الحرارية التى تظهر طبيعيا بخزانات الطاقة الحرارية الأرضية، وتقع معظم خزانات الطاقة الحرارية الأرضية فى أعماق الأرض ولا توجد عليها أدلة واضحة ظاهرة فوق سطح الأرض. ولكن الطاقة الحرارية الأرضية فى بعض الأحيان تجد طريقها إلى السطح فى شكل براكين وفوهات الغازات البركانية والينابيع الساخنة.

وعادة ما توجد موارد الطاقة الحرارية الأرضية الأكثر نشاطا على طول حدود الصفائح الكبرى حيث تتركز الزلازل والبراكين. وعندما تقترب الحمم من السطح. فإنها ترفع درجات حرارة المياه الجوفية المحاصرة فى الصخور المسامية أو المياه الجارية على طول أسطح الصخور المتحطمة وعند الصدوع. وتعرف هذه الخصائص باسم الحرارة المائية، ودائما ما تضم مكونين مشتركين وهما الحرارة والماء.

ويستخدم الجيولوجيون أساليب مختلفة للبحث عن مكامن الطاقة الحرارية الأرضية. ويعد حفر بئر واختبار درجة حرارة أعماق الأرض هو الأسلوب الأكثر مصداقية للتوصل إلى خزانات الطاقة الحرارية الأرضية .

وتتمتع الولايات المتحدة بالريادة العالمية فى مجال توليد الكهرباء من الطاقة الحرارية الأرضية. وفى عام ٢٠١٢أصبحت هناك ست ولايات فيها محطات للطاقة الحرارية الأرضية.

ويعتبر مصدر الطاقة هذا محط أنظار الكثير من الدول المتقدمة، ويترتب عليها خطط وآمال مستقبلية كبيرة، وذلك للكثير من إيجابيات هذه الطاقة الفتية، ومن أهم إيجابيات هذه الطاقة:

- كونها طاقة متجددة، فهى من مصادر الطاقة التى لا تنفد.

- كونها طاقة نظيفة غير مضرة بالبيئة، ولا تسبب أى تلوث سواء فى استخراجها أو فى تحويلها أو استعمالها.

- توفرها بكميات كبيرة جداً وفى مساحات شاسعة ولأغلب بلدان العالم.

- قلة تكاليف إنتاج الطاقة بعد التكاليف الأولية لإنتاج المحطة. ورغم كل مميزات الطاقة الحرارية الجوفية، والتى جعلتها فى طليعة مصادر الطاقة البديلة المستقبلية، إلا أن هناك بعض العوامل التى تصعب انتشارها، ومن أهمها ارتفاع تكلفة إقامة محطات توليد الكهرباء باستخدام الطاقة الحرارية الجوفية. ويرجع السبب فى ذلك إلى صعوبة حفر آبار بأعماق سحيقة قد تصل إلى عمق ٥ كيلو مترات ووسط درجات حرارة مرتفعة وبأعداد كبيرة تتيح إنشاء محطة قوى متوسطة القدرة.

وتتميز القارة الأفريقية والتى تقع مصر فى الركن الشمالى الشرقى لها بوجود صدع شرق إفريقيا (EARS) وهو ما يجعلها من أهم المناطق فى العالم تميزاً فى كمية طاقة حرارة باطن الأرض والتى تهرب من داخل الأرض للسطح بواسطة الانتقال التصاعدى للحرارة عن طريق الينابيع الساخنة والانبعاثات الطبيعية للبخار من الداخل للخارج. لذا يمتلك هذا الصدع إمكانيات هائلة من طاقة حرارة باطن الأرض ومقدر لهذه الطاقة الحرارية توليد ١٥ ميجاوات طاقة كهربية طبقا للأبحاث المنشورة فى ذلك.

وتأكيدا لذلك نجد أن مصر خاصة منطقة شرق خليج السويس والبحر الأحمر تنتشر بها العديد من المظاهر السطحية التى تعبر عن وجود هذه المناطق الغنية بالطاقة الحرارية الكامنة فى شكل عيون حارة مثل عيون حلوان والواحات فى الصحراء الغربية وشرق منطقة خليج السويس وحمام فرعون.

ومع بداية سنة ١٩٧٨ - يحكى المهندس شريف سوسة- عندما قامت دراسة عن منطقة البحر الأحمر بالتعاون بين جامعة نيومكسيكو الأمريكية وهيئة المساحة الجيولوجية المصرية كان يقودها العالم الأمريكى بول مرجان حيث أجرت بعض القياسات الحرارية الأرضية سواء على سطح الأرض أو خلال بعض الآبار الضحلة الموجودة فى منطقة الوديان الموصلة بين وادى النيل إلى البحر الأحمر مثل وادى قنا، وسفاجا والقصير تم قياس التدرج الحرارى فيها. وأيضاً مناطق حمامات فرعون وانتهت الأبحاث والقياسات إلى خريطة تبين موقع الدراسات التى تمت. وأكدت الدراسة أن مخزون مصر من الطاقة الحرارية الكامنة يتركز فى شرق مصر وبالتحديد فى شمال خليج السويس، وتعتبر منطقة حمامات فرعون مثالية حيث تصل درجة حرارة سطح الآبار والعيون فيها إلى ٧٠ درجة، فإن من المتوقع أن يصل العمق إلى درجات هائلة الارتفاع كافية لوجود بخار الماء الذى يمكن أن يدير توربينات عملاقة تستطيع بدورهإ انتاج تيار كهربائى شديد يغطى كثيرا من الاحتياجات.

ومن أحدث هذه الدراسات رسالة دكتوراه تم عملها سنة ٢٠١١ بجامعة كيوشو بدولة اليابان والتى أثبتت أنه يمكن توليد كهرباء بمنطقة حمام فرعون بقدرة إنتاجية ٢٣،٥ ميجاوات لخزان حرارى جوفى بسمك ٥٠٠ متر. والطريقة الأنسب لاستغلال هذه الطاقة الحرارية فى توليد الكهرباء هى عن طريق إنشاء محطة طاقة ثنائية وللعمل على المساهمة فى نجاح وتطوير وتنمية الاقتصاد المصرى وبناء على قرار السيد وزير الكهرباء فى ٢٦ مارس ٢٠١٥ تم تشكيل لجنة مكونة من وزارة الكهرباء وهيئة تنمية الطاقة الجديدة والمتجددة وهيئة المواد النووية ووزارة البترول والثروة المعدنية، كما يؤكد المهندس شريف سوسة - وذلك لتنفيذ المهام التالية:

- إعداد خارطة طريق لكيفية استغلال طاقة حرارة باطن الأرض فى توليد الكهرباء.

- إعداد البيانات المطلوبة لوزارة التعاون الدولى لتقديمها لجهات التمويل الدولية لتمويل التعاقد مع بيت خبرة متخصص فى هذا المجال وأيضاً لإعداد أطلس لطاقة حرارة باطن الأرض فى مصر .

- إعداد إطار لتكوين شركة مشتركة بين كل من هيئة تنمية الطاقة الجديدة والمتجددة التابعة لوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة وشركة جنوب الوادى القابضة للبترول التابعة لوزارة البترول والثروة المعدنية لتنفيذ المشروع فى حال ثبوت الجدوى الاقتصادية له.

وقد تم عمل مذكرة تفاهم (MOU) بذلك المضمون بين كل من شركة جنوب الوادى القابضة للبترول عن وزارة البترول والثروة المعدنية وهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة عن وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة وتم التوقيع عليها بتاريخ ٢٤/٤/٢٠١٦ . وبناء عليه تم تشكيل لجنة مشتركة بين الطرفين لتنفيذ تلك المهام وانتهت اللجنة إلى أنه بعد مفاوضات اللجنة مع شركة إنجاز لتطوير المشروعات (مصرية الجنسية) وشركة بلاك روك (أمريكية الجنسية( تم الاتفاق على عمل الدراسة المبدئية للمشروع من قبل الشركتين والمطلوبة لتقديمها لوزارة التعاون الدولى للحصول على تمويل كاف لتنفيذ دراسة الجدوى الاقتصادية وأيضاً تنفيذ محطة تشغيل تجريبية لتوليد الكهرباء بمنطقة حمام فرعون، وتم مخاطبة الجهات الأمنية لمعرفة الرأى الأمنى فى التعامل مع هاتين الشركتين من عدمه وجاء الرد بالموافقة الأمنية، وبناء عليه تم عمل اتفاقية سرية بيانات بين كل من اللجنة المشتركة وشركتى إنجاز لتطوير المشروعات وبلاك روك ومن المنتظر توقيعها قريباً، كما تم مخاطبة مركز معلومات قطاع البترول وأيضاً الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية بشأن البيانات المتاحة لمنطقة حمام فرعون وتم الحصول عليها وفى انتظار توقيع اتفاقية سرية البيانات للبدء فى تنفيذ الدراسة المبدئية فى خلال شهرين من تسليمهما للبيانات المتاحة.

كما تقدمت شركةON ENERGY KOREA co. INC. بعرض لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة لعمل جميع الدراسات المبدئية والفنية والاقتصادية للمشروع على نفقتها وجار الإعداد لعقد اجتماع مشترك بين اللجنة والشركة لبدء المفاوضات ومتطلبات تنفيذ العرض المقدم.

جار حاليا ضم كل من الدكتور محمد عبد الظاهر والدكتور جاد القاضى من المعهد القومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية (مرصد حلوان) كأعضاء فنيين باللجنة المشتركة، وهما حاصلان على دكتوراه فى استغلال طاقة حرارة باطن الأرض بمنطقة حمام فرعون من دولة اليابان بغرض الاستعانة بخبراتهما وأبحاثهما فى هذا المجال، وقد اتضح أن لدى المعهد العديد من الدراسات والأبحاث العلمية كما يمتلك أيضاً جميع البيانات الخاصة بطاقة حرارة باطن الأرض والمطلوبة فى حال احتياجها لإعداد الدراسات المطلوبة للحصول على التمويل اللازم لتنفيذ المشروع.