بعد مشاركة «إخوان لبنان» فى احتفالات الثورة الإيرانية تفاصيل العلاقات السرية بين الجماعة و«آيات الله»
تقرير: مروة سنبل
لم تمر مشاركة وفد الجماعة الإسلامية فى لبنان، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، المصنفة إرهابية، فى إحياء ذكرى «ثورة الخمينى» بالسفارة الإيرانية فى بيروت أواخر الأسبوع الماضى، دون أن تواجه موجة من الانتقادات الحادة – انطلاقا من رمزيتها الإسلامية السنية - وتحديدا بعدما تم تسريب صورة رئيس المكتب السياسى للجماعة الإسلامية أسعد هرموش، وهو يتوسط حضور احتفالية السفارة الإيرانية، ليفتح من جديد باب الجدل حول طبيعة العلاقة بين تنظيم الإخوان وبين الشيعة وإيران وحزب الله.
مشاركة «الجماعة الإسلامية» فى هذه الاحتفاليات، لا تعتبر الأولى من نوعها، لكنها تأتى فى وقت تعالت فيه أصوات الإخوان تنتقد التدخل الإيرانى فى الحرب بسوريا، لتطرح العديد من التساؤلات حول تناقض مواقف الجماعة بين ما تعلنه وما تسلكه من طرق المناورات السياسية.
من جانبه سارع «أسعد هرموش» رئيس المكتب السياسى للجماعة الإسلامية «ذراع الإخوان بلبنان» بإصدار بيان له للرد على الهجوم الذى لاحقه، أكد فيه أن الجماعة الإسلامية «إخوان لبنان» تفرق بين اللياقة الاجتماعية فى رد الزيارات وفى الموقف السياسى الذى لا يتغير خاصة فى سوريا والمنطقة العربية.
وزعم «هرموش» أن الجماعة الإسلامية ليست من يعقد الاتفاقات الثنائية والرباعية والخماسية، والجلسات الأسبوعية مع حزب الله لبحث شئون لبنان الوطنية والإسلامية، دون التشاور مع أى من الأركان والقيادات الوطنية والإسلامية، مشددا على أن حضورهم الاحتفالية لم يخرج عن المنحى البروتوكولى والعلاقات الاجتماعية والدبلوماسية.
كلمات «هرموش» تصطدم بمحطات تاريخية تزدحم بالشواهد التى تؤكد الصلة بين فكر «الإخوان» وفكر «الملالى وولاية الفقيه».
المرشد العام الثالث للإخوان عمر التلمسانى، كتب مقالا فى العدد ١٠٥ من مجلة «الدعوة» فى يوليو ١٩٨٥ بعنوان «شيعة وسنة» قال فيه: إن «التقريب بين الشيعة والسنة واجب الفقهاء الآن...»، «وبعيدا عن كل الخلافات السياسية بين الشيعة وغيرهم، فلا يزال الإخوان حريصين كل الحرص على أن يقوم شىء من التقارب المحسوس بين المذاهب المختلفة فى صفوف المسلمين». ويقول زعيم حركة النهضة التونسية، المحسوب على الإخوان راشد الغنوشى، فى كتاب «الحركة الإسلامية والتحديث» عن مفهوم «الإسلام الشامل»: إن المفهوم يستهدف «إقامة المجتمع المسلم والدولة الإسلامية على أساس ذلك التصور الشامل، وهذا المفهوم ينطبق على ثلاثة اتجاهات كبرى: الإخوان المسلمين، الجماعات الإسلامية بباكستان، وحركة الإمام الخمينى فى إيران».
ويتفق مع طرح «الإخوان» فى تونس، ما قاله القيادى الإخوانى اللبنانى، الأمين العام السابق للجماعة الإسلامية فى لبنان فتحى يكن، عندما ذكر أن مدارس الصحوة الإسلامية «تنحصر فى ثلاث: مدرسة حسن البنا، ومدرسة سيد قطب، ومدرسة الإمام الخمينى».
«علاقات سرية طويلة وممتدة بين مؤسس الجماعة حسن البنا وقائد الثورة الإيرانية آية الله الخمينى».. هذا ما أكدت عليه المصادر، مشيرة إلى وجود جناحين داخل الجماعة حول التقارب من إيران، الأول يتبناه رجل الأعمال يوسف ندا، مفوض العلاقات الخارجية للجماعة، الذى زار طهران عدة مرات، وتربطه علاقات وثيقة مع الإيرانيين والطوائف الشيعية والإخوان فى إيران. أما الجناح الثانى فيتبناه «محمود غزلان» وهو جناح أقرب إلى السلفية وأفكارها، يقف ضد أى علاقة للإخوان بإيران بل يعارضها ويجرمها.
وكشفت المصادر عن أن العلاقة بين الجماعة وإيران ممتدة منذ أيام مرشدها الأول حسن البنا، وأبدى المرشد الأعلى على خامنئى، إعجابه الشديد بأفكار سيد قطب حتى إنه قام بترجمة كتابين إلى الفارسية من كتب سيد قطب!!
من جانبه استنكر د. محمد المذحجى، المتخصص فى الشأن الإيرانى، مشاركة قيادات الجماعة الإسلامية «الذراع السياسية للإخوان فى لبنان» احتفال السفارة الإيرانية بذكرى الثورة الصفوية، فى حين يقوم النظام الإيرانى بقتل المدنيين فى سوريا والعراق واليمن.
وأضاف «مذحجى» فى تصريحات لـ»المصور» قائلا: الإخوان وملالى إيران، كلاهما من جماعات الإسلام السياسى، يتلقون أفكارهم من مكان واحد هو منظر الإرهاب العالمى «سيد قطب» الذى يتم تدريس مؤلفاته فى جميع الحوزات الشيعية والجامعات الإيرانية.
أما هشام النجار المتخصص فى الحركات الإسلامية، فقد عقب على الأمر بقوله: الإخوان تعتبر إيران حليفا إقليميا استراتيجيا، وتعتمد بشكل كبير على دعمها بجانب تركيا وقطر سواء الدعم المادى واللوجستى العسكرى لحماس والمادى أيضا لكثير من أفرع الإخوان وللتنظيم الدولى أو الجماعة بمصر، وهناك مصالح متبادلة بين الطرفين حيث تنظر الجماعة لهذه العلاقة من زاوية محددة، وهى تكريس النماذج الدينية بالمنطقة، إذ يهمها تقويض النظام العربى القائم وإبداله بنماذج دول دينية أساسها ثلاث قوى رئيسية إسرائيل وتركيا وإيران وهو ما يتيح للإخوان إقامة نموذجهم السلطوى على أساس دينى، ويتقاطع هذا التصور مع مشروع الشرق الأوسط الكبير الذى يستبدل النظام العربى بمشروع شرق أوسطى نواته إسرائيل ويضاعف نفوذ القوى الإقليمية غير العربية وعلى رأسها إيران وتركيا على حساب الحضور العربى.
أما إيران - والحديث لا يزال لـ»النجار»- فتنظر لهذه العلاقة كأساس لمصالحها بالمنطقة العربية، لأنها تحسب تصعيد جماعة الإخوان نجاحًا لنموذجها الثورى وترسيخا أيضا لحكمها الدينى عندما تروج أن الإخوان استلهموا تجربتهم، فضلا عن أن الجماعة بالنسبة لإيران هى أحد المنافذ المهمة لاختراق الدول العربية والإسلامية بالإضافة للصوفية.
وتابع: «الإخوان جماعة نفعية، وتسير فى علاقتها مع إيران على طريقة أردوغان، فالمصالح تقتضى إبقاء العلاقة الاستراتيجية والمصالح المتبادلة، والعلاقة التاريخية الممتدة فى منطقة آمنة ودافئة بمعزل عن أسباب الخلاف ومساحات التنافس والصراع فى الملفات الإقليمية».
وأضاف: تعتقد جماعة الإخوان أن استمرار وتدعيم العلاقة بإيران من شأنه تمكينها من مساحات أكبر من المناورة السياسية على الساحة ويضع فى يديها أوراق لعب وبدائل متعددة، سواء فيما يتعلق بعلاقاتها العربية، حال إذا ما أرادت الضغط والمساومة والرد على أى إجراء خليجى وسعودى تحديدا ضدها، كما أنها تعمل دائما على الاستفادة من مختلف القوى ذات الأطماع والمشاريع التوسعية خاصة تركيا وإيران، وبما أن مشروع الجماعة فى الأساس هو مشروع توسعى تحت عنوان الخلافة فهى ترى أن الأجدى والأنفع لمشروعها المرتقب هو إقامة علاقات وطيدة مع نماذج المشاريع التوسعية القائمة، فالمصالح مشتركة بينهم، وهى مشاريع «إسرائيل وتركيا وإيران والإخوان» دينية أيديولوجية تجد أن مشاريعها لن تكتمل إلا على أنقاض النظام العربى، لذلك يعادون جميعا الدول العربية والأنظمة العربية ويتعاونون فيما بينهم وإن رفع الإخوان وإيران شعارات العداء الزائفة لإسرائيل، لأنه بمراجعة وتأمل الوقائع ومسيرة الأحداث ومآلاتها نجد أن إيران والإخوان وتركيا هم أكثر الكيانات التى قدمت خدمات جليلة للعدو الصهيونى وليس هناك خدمة أفضل من إضعاف الدول والجيوش العربية.