رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


لماذا لم يصدر قرار أمريكى بحظر جماعة الإخوان المسلمين؟

16-2-2017 | 10:13


بقلم –  أحمد بان

تواترت الأخبار فى الأونة الأخيرة عن عزم أمريكا مع ولاية ترامب على إعلان جماعة الإخوان المسلمين تنظميا إرهابيا، وما سيترتب على ذلك من إنهاء لصيغتها الدولية كتنظيم عابر للحدود، تمكن عبر أكثر من ثمانية عقود من أن يحفر لنفسه موطأ قدم فى أكثر من ٦٠ دولة حول العالم، خصوصا بعد أن تطورت صيغة قسم الاتصال بالعالم الإسلامى التى ظهرت فى وعى حسن البنا فى منتصف الثلاثينات..

 

وقد كان الرجل منذ البداية يخطط لمشروع أممى يستعيد صيغة الخلافة التى أعتبرها هو ورفاقة فريضة إسلامية يأثم من لا يعمل على إحيائها، وقد تحالف الرجل فى البداية مع الإنجليز قبل أن ينقل تحالفه إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن تيقن أنها ورثت النفوذ الدولى لبريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية، التى دشنت نظاما دوليا جديدا حاول البنا وجماعته أن يختبئوا فيه لتحقيق طموحاتهم، عبر استراتيجية الاختباء فى معسكر الأعداء فحاول التنظيم منذ الخمسينيات ومع عداء ناصر للولايات المتحدة كحليف للكيان الصهيونى أن يمد جسورا للتعاون مع خصمه، وبدت لعبة التوظيف المتبادل بين الطرفين التى لم تغير فرضية تعززت بعد الثورة الإيرانية، تيقن الولايات المتحدة أنها لا ينبغى أن تزهد فى علاقات قوية ومستقرة مع أى منظمة شعبية مرشحة للصعود السياسى، خصوصا فى البلدان المهمة لمصالحها وعلى ذلك فقد استقرت السياسة الأمريكية على أن تحتفظ بعلاقات قوية مع الإخوان المسلمين، داخل أروقة المؤسسات الأمريكية سواء وزارة الخارجية أو أجهزة الأمن القومى، التى تعاونت مع الإخوان فى العديد من المحطات وليس آخرها بطبيعة الحال أفغانستان والحرب على الاتحاد السوفيتى، ولعل تعاون إخوان العراق مع برايمر كان أحد مظاهر قوة العلاقات بين الطرفين، وربما لازال الجزء الأكبر غير المعروف فى علاقات الطرفين أكبر مما يتوقعه الجميع، لذا يبدو أنه قرار أمريكى باعتبار الجماعة تنظيما إرهابيا ليس سهلا على الإطلاق.

عمليا كان من المفروض أن يصدر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قرارا تنفيذيا وفقا لصلاحيته باعتبار الجماعة تنظيما إرهابيا يوم الإثنين الماضى ٦فبراير الجارى، لكن فجأة تعطل صدور هذا القرار فما الذى عطل صدوره ؟

الإجابة هى أن هنالك العديد من المسائل التى لم تحسم لكى ينجح القرار، خصوصا أن الرئيس سبق وأصدر أمرا تنفيذيا بمنع استقبال مهاجرين أو زوار من سبع دول إسلامية، وتم تعليق هذه القرارات بيد القضاء الأمريكى الذى وصفه ترامب بأنه قضاء مسيس، ومن ثم ربما خشى فريق ترامب صدور القرار وتعرضه لموقف مشابه، فيسوق الإخوان ذلك باعتباره انتصارا سياسيا قد يصب فى اتجاه خصومه الذين انحاز لهم الإخوان الذين راهنوا منذ البداية على المرشحة الديمقراطية كلينتون، والتى بدورها كانت راهنت عليهم فى أدوار يلعبونها لحساب التوجهات الأمريكية.

أهم المسائل التى لم تحسم بعد تعريف من هم الإخوان المسلمون ؟

هل هم إخوان مصر فقط ؟ هل أشخاص بعينها متهمون فى قضايا ؟ هل جناح فى الجماعة أم الجماعة بكل أجنحتها ؟

أم إخوان العالم كله فى أكثر من ستين دولة ؟ وفى حال كانوا كل الإخوان فلسنا أمام تنظيم مركزى واحد له فروع تشاركه نفس التصور والسلوك، فمنذ وقت مبكر وجدنا تباينا كبيرا فى سلوك فروع التنظيم.

التنظيم فى السودان تحالف مع نظام البشير العسكرى وأصبح الترابى شريكا للبشير، قبل أن يطيح به البشير قبل وفاته بفترة لكن بقى الإخوان مستوعبين فى هيكل السلطة، حتى أن المراقب العام للإخوان فى السودان يشغل منصب رئيس لجنة بالبرلمان السودانى، ويبدو التنظيم فى السودان غارقا فى همومه الوطنية إلى حد كبير.

فى سوريا انخرط التنظيم فى حرب مع حافظ الأسد قبل أن يخرج معظم أعضاؤه من سوريا، وحتى بعد عودتهم التهمتهم الحرب الأهلية وإن بقوا فاعلين فيها، لكن لم يتبق لهم رمق يدفعهم للتفاعل مع يواجهه التنظيم فى أماكن أخرى، بعضهم نشط فى تحالف المعارضة السورية القريب من الإدارة الأمريكية، وبعضهم نشط فى ميليشيات أقرب إلى السعودية الحليف الأهم للأمريكان أيضا.

فى العراق كان إخوان محسن عبدالحميد وطارق الهاشمى شركاء لسلطة برايمر منذ البداية وداعمين لسلطة الاحتلال الأمريكى بشكل واضح

فى فلسطين المحتلة قرر فرع الإخوان المسلمين هناك خصوصا بعد الانتفاضة الأولى التحول إلى حركة المقاومة الإسلامية حماس، وانكفأ التنظيم بشكل واضح فى مواجهة تحديات المقاومة والتحرير ويبقى الحديث عن دعم حركات إرهابية مثل أنصار بيت المقدس لونا من ألوان المكايدة الإعلامية، التى لم تتفاعل معها مؤسساتنا السيادية المصرية بجدية وربما كان اجتماع المخابرات المصرية الأخير الشهر الماضى مع قيادات من حماس أبلغ رد على ذلك.

فى تونس تحولت حركة الاتجاه الإسلامى ذات الجذور الإخوانية إلى حركة النهضة قبل أن تتحول العام الماضى إلى حزب سياسى لا شأن له بالدعوة تماما، وكونه أصبح شريكا فى حكم تونس فلم يعد جزءا من تنظيم دولى للجماعة، وهو ما كان لونا من ألوان الاستجابة لجملة التطورات التى ضربت الجماعة فى مصر.

فى تركيا الشريك الأهم لأمريكا أمر مشابه.

فى المغرب فصل حركات التوحيد والإصلاح بين الجناح السياسى والدعوى لتنشق الحركة إلى حزب العدالة والتنمية الذى أصبح شريكا فى الحكم، وحركة التوحيد والإصلاح التى انشغلت بالدعوة وفقط، وبدا أن هناك لونا من ألوان التفاهم بين النظام الملكى فى المغرب والجماعة وهو ما تكرر على نحو آخر فى الأردن، التى تحتضن جماعة الإخوان بقسميها سواء الجمعية الدعوية أو حزب الجبهة الإسلامية الذى يحتفظ بعض أعضائه بعضوية مجلس النواب، كما أنه هو والحزب المغربى مضت مقاربتهما منذ البداية فى السعى لإصلاح النظام السياسى وليس إسقاطه أواستبداله كما طالب الإخوان فى أماكن أخرى.

لو التفتنا قليلا للشرق وتحديدا فى الخليج العربى فسنجد أن الإخوان فى اليمن شريك للتحالف السعودى الإماراتى فى الحرب على الحوثيين وعلى عبدالله صالح، كما أن إخوان البحرين والكويت ينهضون بدورهم فى مواجهة الطائفة الشيعية فى البلدين كعامل من عوامل التوازن الثقافى والسياسى، وهو دور جعل الجماعة شريكة فى نظام الحكم فى البلدين بشكل أو بآخر.

ربما لهذا الدور المتباين والتوجهات المختلفة لفروع التنظيم يبدو تحديد لفظ الإخوان أمرا صعبا ،بالنظر الى ما سيترتب على حظر الجماعة من تعقيدات لعلاقات الولايات المتحدة الأمريكية حول العالم خصوصا مع شركائها

إضافة الى عامل أخر متعلق بمصدر ضخم للمعلومات تم الإستثمار فيه لعقود من جماعة تتصل بأكثر من ١٦ جهاز مخابرات دولى ،تصب تقاريرها فى جعبة الولايات المتحدة الأمريكية فى النهاية

ربما تلك السياقات المتعددة تجعل ترامب أمام خيارين ،الأول أن يصدر قراره التنفيذى ليقتصر على إخوان مصر وتسمية بعض الشخصيات المرتبطة بالتنظيم، والذين يتم تحديدهم بالتعاون مع أجهزة الأمن المصرية ،أو ينتظر صدور تشريع من الكونجرس سيمر عبر عدد من اللجان التى تدرس كافة الهواجس التى أثرناها فى ثنايا المقال، بالشكل الذى يضمن المصالح الأمريكية وهو ما قد يمتد أجله لعام على الأقل.