د. منى أبو الغار: أدوية السرطان تدمّر فرص الإنجاب
حوار: شنودة سعد
ما بين الحديث عن الأزمات، التى يعانى منها الأزواج، سواء تلك المتعلقة بـ»تأخر الحمل»، أو التعرض لأمراض تحول دون تحقيق الحلم، وأحدث الأساليب العلمية التى توصلت إليها الأبحاث فى الآونة الأخيرة، دار الحوار مع د. منى أبو الغار، أستاذ أمراض النسا والتوليد، وابنة د. محمد أبو الغار، مؤسس المركز المصرى لأطفال الأنابيب.
د. منى.. قدمت - خلال الحوار معها- شرحا وافيا لكافة الأسباب، التى يترتب عليها إصابة الزوج أو الزوجة بالعقم، كما تطرقت فى حديثها إلى لجوء البعض لإجراء عمليات «الحقن المجهرى» و»أطفال الأنابيب»، وحول هذا الأمر وأمور أخرى كان الحوار التالى:
بداية.. لنتحدث عن مشكلة العقم بشكل عام.. وهل هناك أسباب معروفة للإصابة به؟
العقم.. مشكلة طبية تحدث عندما يكون هناك زوجان متزوجين لمدة ١٢ شهرا بدون وجود حمل، وهذا النوع يطلق عليه مصطلح «العقم الأولى».
أما فيما يتعلق بالأسباب، فهناك جزء يكون سببه الزوج، وجزء آخر يكون من جانب الزوجة، وجزء ثالث تكون فيه الأسباب مشتركة بين الطرفين، ونسبة العقم عند المتزوجين تصل لنحو ١٠٪، بمعنى أنه هناك ١٠٪ من المتزوجين عند الحمل تواجههم بعض الصعوبات، بعضها يتم حله من خلال إجراءات بسيطة، أو علاج بسيط، والبعض الآخر يحتاج إلى علاجات ومتابعات بشكل أكبر حتى يحدث الحمل.
وبشكل عام ٣٠٪ من الأسباب لها علاقة بالمرأة، ويمكن تقسيم هذه المشكلات إلى مشكلات فى التبويض أو مشكلات فى الرحم أو فى قناة فالوب، ولو تحدثنا عن الأخيرة، فالمعروف عمليًا أن الحمل الطبيعى يحدث عندما يتقابل الحيوان المنوى مع البويضة فى قناة فالوب، لذلك يجب أن تكون القناة بصحتها، بمعنى أن تكون «سالكة»، ولا توجد بها أية التصاقات فى الحوض حتى يحدث الالتقاء.
وفيما يتعلق بمشكلات الرحم، فهناك أشياء من الممكن أن تعيق التصاق الأجنة مثل وجود ورم ليفى، خاصة إذا كان مكانه داخل تجويف الرحم، إلى جانب أن يكون رحم البطانة غير طبيعى بمعنى أنه غير جاهز لاستقبال الأجنة.
كذلك مشكلة التبويض وأشهر الأسباب تكون التكيسات على المبيض وتكون فيها الدورة غير منتظمة والتبويض الطبيعى يكون غير منتظم هو الآخر، وعادة تكون السيدة، التى تعانى من الأعراض تلك عندها زيادة فى الوزن، وهذه المجموعة من الممكن أن تستجيب بشكل أسرع لعلاج بسيط عن طريق المنشطات.
وهناك مجموعة يمكن القول بأنها صعبة بعض الشيء فى مسألة العلاج، وهى المجموعة، التى تعانى من مشكلة فى الأنابيب، لأن الأنبوبة عضو حساس جدا، ووجود أى التصاق بها يدمرها، لكن إذا ما كانت الالتصاقات فى الأنبوبة خفيفة والأهداب موجودة داخل القناة، فإن الحالة تخضع لعلاج بمنظار بطن، لكن إحصائيًا نسب النجاح فى هذه العمليات، خاصة لو كانت الالتصاقات شديدة تكون ضعيفة.
هذا فيما يتعلق بالأسباب المتعلقة بالزوجة.. ما الأسباب الخاصة بالرجل؟
بالنسبة للزوج.. بالطبع من أشهر الأسباب أن يكون هناك ضعف فى الحيوانات المنوية، والضعف يأخذ عدة أشكال، فمن الممكن أن يكون عددها قليلا، أو أن تكون حركتها ضعيفة، أو أنه بها تشوهات عالية.
وهل هناك علاج لهذه الحالات؟
هناك حالات يمكن علاجها إذا كان عدد الحيوانات المنوية قليل ولا توجد تشوهات والحركة تكون جيدة، أما إذا كانت الحركة ضعيفة، فهذا النوع من الحالات التى يصعب علاجه.
هل هناك أسباب تؤثر على كفاءة وجودة السائل المنوى؟
الأشياء، التى تؤثر على السائل المنوى وكفاءته، مثل التلوث والتدخين وبعض الأمراض مثل السكر والدوالى فى الخصية.
هناك بعض الحالات لا يوجد حيوانات منوية داخل السائل المنوى وهما مجموعتان المجموعة الأولى هى أن الخصية بتعمل بكفاءة وتنتج حيوانات منوية، ولكن لا تستطيع الخروج بسبب انسداد فى القنوات المسئولة عن الإخراج، وهذا من الممكن أن يكون ناتجا عن «عيب خلقى» أو نتيجة عملية أو التهاب شديد تسبب فى انسداد تلك القنوات، وهذه النوعية تحتاج حقنا مجهريًا، ونسبة النجاح فيها جيدة لأن الخصية تعمل بشكل جيد.
أما المجموعة الثانية فتعتبر الأصعب، وهى التى لا يتم فيها إنتاج للحيوانات المنوية بشكل طبيعى، لأن الخصية لا تنتج حيوانات منوية وأحيانًا لا يوجد لهذه الحالات علاج.
هل هناك حالات من العقم لا يمكن علاجها؟
بالتأكيد.. بالنسبة للزوج إذا كانت الخصية لا تنتج أى حيوانات منوية نهائيًا فهذا النوع لا يكون له أى علاج، وبالنسبة للسيدات إذا لم يكن لديها رحم بمعنى أن هناك سيدات يولدن دون رحم، أو يكون هناك رحم، ولكن صغير لا يعمل، أو أن التبويض به مشكلة ومتوقف عن العمل.
بشكل عام لكى يحدث حمل لابد من توافر ثلاثة أشياء مهمة حيوان منوى متحرك بشكل طبيعى، ومبيض ينتج بويضات، ورحم يستقبل الجنين.
فى إحدى إجاباتك السابقة ذكرتى «الحقن المجهرى».. هل يمكن أن تحدثينا عنه.. وما هى نسبة نجاحه حال اللجوء إليه؟
كل هذا يسمى تحت مسمى الإخصاب المعملى والإخصاب المساعد بمعنى مساعدة الحيوان المنوى فى إخصاب البويضة خارج الجسم وإعادته لرحم السيدة فى هيئة أجنة مخصبة، وهذا النوع من العمليات شهد زيادة فى الآونة الأخيرة لأنه أصبح متوفرًا، فىى حين أنه منذ عدة سنوات، كان عدد المراكز قليلا جدا، وتقنية العلاج كانت معقدة، ونسب النجاح كانت ضعيفة والأدوية لم تكن متوافرة.
والآن فى مصر أصبح لدينا أكثر من ٦٠ مركز أطفال أنابيب، ونسب النجاح ارتفعت جدا، وفى المجمل نسبة نجاح أطفال الأنابيب والحقن المجهرى مرتبطة بسن الزوجة، وهذه نقطة مهمة يجب التركيز عليها، فكلما كان سن الزوجة صغيرة ارتفعت نسب النجاح، وبارتفاع عمر الزوجة تتراجع نسب نجاح الحقن المجهرى.
هل هناك فارق بين الحقن المجهرى و»طفل الأنابيب»؟
الفرق هو ما يحدث فى المعمل ففى الحالتين يتم التخصيب خارج الجسم وإعادة أجنة مخصبة داخل الرحم.
وأطفال الأنابيب كانت فى البداية بالنسبة للسيدات اللاتى كان لديهم مشكلة فى الأنابيب وعدم القدرة على علاجها إرجاعها، فيتم شفط البويضة خارج الجسم، ويتم تخصيب البويضة فى طبق معملى فى حضانة معملية مع الحيوانات المنوية ذات الكفاءة العالية ويتم الإخصاب وكأنه فى الجسم بالضبط، ولكن فى الخارج
وبعدها بيوم يظهر تحت الميكروسكوب إذا كان هناك إخصاب أم لا يوجد.
وفى الحقن المجهرى يتم اختيار حيوان منوى واحد متحرك بميكروسكوب معين ويخترق جدار البويضة، وهذا يحدث إذا كان هناك مشكلة لدى الزوج فى الحيوانات المنوية، سواء ضعفا فى العدد أو الحركة تكون ضعيفة، وفى حالات كثيرة يكون هناك حقن مجهرى للسيدات، إذا كان عدد البويضات، التى أفرزتها السيدة قليل أو أن العقم يكون غير معروف السبب فنلجأ إلى الحقن المجهرى حتى يكون هناك معدل إخصاب أعلى.
هل هناك أسباب معروفة لفشل بعض عمليات فى الحقن المجهرى؟
دائما لا نتوصل إلى السبب، ومن المعروف أن نسبة النجاح لا تصل فى أى مركز إلى ١٠٠٪ سواء كان حقنا مجهريا أو أطفال أنابيب، وهذا أمر معروف للجميع، ولكن من الممكن أن تكون هناك مشكلات فى الرحم تحتاج إلى فحوصات أدق، أو هناك مشاكل فى جودة البويضة أو أن قدرة الحيوان المنوى على تخصيب البويضة ضعيفة للغاية.
ما آخر التطورات التى شهدها علاج العقم فيما يتعلق بالسيدات؟
التقنيات المرتبطة بالحقن المجهرى أصبحت متطورة للغاية، وهناك نقلة كبيرة فى مجال الأدوية، التى تساعد على التنشيط ومتابعات أطفال الأنابيب أصبحت أسهل بكثير، والتحاليل متوافرة ولا تحتاج لوقت طويل حتى تظهر نتائجها، ولكن من المهم أن نوضح للأزواج، والذين يبحثون عن الحمل أن نسبة النجاح فى أى عملية لا تصل إلى ١٠٠٪ .
هناك من يشير إلى أن بعض المراكز ترفع سعر عمليات الحقن المجهرى.. ما حقيقة هذا الأمر؟
بدون شك.. تكلفة عملية الحقن المجهرى فى مصر أقل بكثير من الدول العربية والأجنبية، رغم أن كل الخامات المستخدمة فى العملية يتم استيرادها من الخارج وتستخدم مرة واحدة وعلى درجة عالية من التقنية فمن هنا تحدد سعر العملية.
وفى النهاية أريد أن أقول بأن الطب مهنة إنسانية والمكسب الحقيقى هو شفاء مريض، ونحن دائما لا نحاول أن نكلف المريض عبئا ثقيلا عليه فلا نطلب أى شىء لا يعود بالنفع علينا، ودائمًا نطلب كل ما هو يستلزم فقط حتى لا نكلف المريض مصروفات إضافية.
هل إمكانية حمل المرأة بعد الحقن المجهرى مرتبط بعدد مرات معينة؟
من الممكن أن يحدث الحمل فى المرة الأولى، أو الثانية أو الثالثة، وكما سبق أن أشرت، هذا الأمر مرتبط بعمر السيدة، فكلما كانت صغيرة فى السن كلما كانت البويضات أكثر، وكلما كان عدد مرات الحقن المجهرى أقل كانت فرصتها أفضل، وكلما زادت المرات قلت الفرص.
هل معدلات تأخر الإنجاب فى مصر فى زيادة أم أنها تشهد تراجعا؟
فى المجمل يزداد نتيجة تأخر سن الزواج لدى السيدة، وهناك عوامل بيئية وعوامل وراثية أحيانًا تكون السبب فى تأخر الإنجاب.
لماذا تشهد عمليات الحقن المجهرى حمل «توائم» فى أغلب الأحيان؟
هذا الأمر فى الحقيقة مشكلة، وأصلها أنه عند زرع الأجنة يتم زرع اثنين أو ثلاثة أجنة على حسب جودتهم، وعلى حسب سن الزوجة، وعلميا نحن ننقل أقل عدد من الأجنة حتى لا نرفع احتمالية التوائم وأكثر من التوائم مشكلة لأن الحمل يكون صعب جدا ونسبة المشكلات مرتفعة جدا، إضافة إلى أنه يمثل عبئا ماليا على الزوجين.
هل يمكن أن يصاب الإنسان بالعقم نتيجة تناوله دواء معينًا للشفاء من مرض ما؟
بالفعل.. هناك بعض الأدوية لها تأثير سلبى وعلى سبيل المثال أدوية السرطان (كيماوى أو إشعاع) هى فى الحقيقة تعمل على تدمير خلايا المبيض والخصية، وهناك حالات بها تدمير بدون علاج، وهناك حالات تعانى من تأثير وقتى وبعد الانتهاء يمكن علاجها.
وبجانب أدوية السرطان، أيضًا لأدوية العلاج من فيروس «سى» وبعض أدوية المناعة تأثير .
من وجهة نظرك.. هل الدراسات والأبحاث المصرية تواكب الدراسات والأبحاث الدولية فيما يتعلق بتقنيات مواجهة العقم؟
إذا تحدثت عن المركز المصرى لأطفال الأنابيب، يتضح أن المركز به كافة التقنيات الموجودة فى دول العالم بما فيها فحص الأجنة قبل النقل، والمركز مهتم جدا بالبحث العلمى ونشر أكثر من ١٠٠ بحث علمى فى عدة مجلات مختلفة، ولدينا أطباء على أعلى مستوى من الكفاءة.