رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


أورام الثدى الأكثر شيوعًا بين السيدات ثم المبايض والرحم الأمـــومة.. حلم ضيعه السرطان!

16-2-2017 | 10:53


تحقيق: إيمان النجار

السرطان.. كارثة وشبح يلاحقان نساء مصر.. الأرقام تشير - بما لا يدع مجالا للشك- إلى أن الأمر تعدى مرحلة الأزمة التى تقتل أحلام الكثير من أمهات المستقبل.. إلى «كابوس» يطارد غالبية السيدات اللائى يُصبن به فى أى من مراحل عمرهن. يطارد حلمهن الأبدى (الأمومة).

خطر السرطان يضرب فى أكثر من اتجاه.. سرطان الرحم يضرب المرأة فى مقتل، ويحجب عنها نهائيًا أمل الإنجاب، وهناك سرطان الثدى الذى يصيب المرأة بالعقم بسبب تدمير جلسات الكيماوى والإشعاع لخلايا المبيض.

«المصوّر» تفتح الملف الخطير الذى يؤرق مضاجع النساء فى البيوت. نفتح الملف والدراسات العملية، تمشى على قدم وساق، تحاول فتح طاقة أمل.. تحاول فتح جبهة لمواجهة «غول السرطان» بـــــ»سيف العلم»، هناك تجارب - بالفعل- تشير إلى أن حائط الأمل موجود. لكن الواقع يعارك الأمل، فالنتائج العلمية، حتّى الآن، لم تأت جميعها فى صالح المريض.

المصور فى الملف التالى تحاول البحث عن الحقيقة، تقدم الأمر وفقا لرؤية المتخصصين، سواء فيما يتعلق بـــ»الإصابة بالسرطان»، أو العمل على إعادة حلم الإنجاب إلى دائرة الخدمة، ففى تحقيق تحت عنوان «الأمومة حلم ضيّعه السرطان»، تقدم قراءة واقعية لكافة أنواع المرض الشرس، ليس هذا فحسب، لكنها تكشف الدور الذى يمكن أن تلعبه الأدوية المستخدمة فى مواجهة المرض بإصابة المرأة بـ»العقم».

وتحت عنوان « ٨ ٪ من الحاصلات على علاج للسرطان يمكنهن الإنجاب»، يجيب د. أسامة عزمى، رئيس شعبة البحوث الطبية بالمركز القومى للبحوث عن السؤال الصعب، وعلى نفس الخط حاورت «المصور» د. منى أبو الغار، التى أكدت أن احتمالية إنجاب المرأة بعد تلقيها علاج السرطان واردة، طالما لم يحدث تدمير فى خلايا المبيض.

ولأن السينما مرآة الواقع، فلم تكن شاشات العرض بعيدة عن الكارثة، فلا تزال الذاكرة تحتفظ بتفاصيل ومشاهد فيلم «لا تسألنى من أنا»، الذى قدمت فيه الفنانة مديحة يسرى دور السيدة الثرية التى تعانى من سرطان الرحم، الذى يحرمها من تحقيق حلم الأمومة، ولتتغلب على الأمر تستغل فقر خادمتها، عائشة، التى أدت دورها الفنانة القديرة شادية، وتأخذ منها ابنتها «زينب».. والأمر ذاته يعالجه فيلم «بنتين من مصر» الذى يتعرض للأمر ذاته.. فإلى الملف.

«المرأة فى العشرينات وبداية الثلاثينات تكون فرص حدوث العقم»، «العلاج الكيماوى لمختلف أنواع الأورام قد يؤدى لضعف فُرص الإنجاب»، «الأدوية الكيماوية فكرة عملها أنها تؤثر على الخلايا النشطة ومنها المبايض».. عبارات قاسية أكد عليها أطباء الأورام فى مصر.. هذه العبارات تُشير بنسبة كبيرة إلى أن حلم الأمومة قد يضيع حال إصابة المرأة بالسرطان.

لكن الإبقاء على حلم الإنجاب حسب قول المتخصصين موجود فى بعض الحالات، إما بالاحتفاظ بالبويضات - فى حال عدم إصابتها – لحين إنهاء فترة العلاج والشفاء التام ثم إعادة استخدامها بالإخصاب أو الاحتفاظ بجزء من المبيض ثم زراعته.

فى الثلاثينيات من عمرها، تشعر بألم فى البطن فجأة، تذهب لإجراء الأشعة اللازمة لتجد نفسها أمام مأساة ستغير حياتها، حيث يُخبرها مختص الأشعة أنه ورم فى المبيض.. وعلى أبواب عيادات أطباء الأورام والنساء والتوليد ينتهى حلم الفتاة أو السيدة بانتزاع حلم الأمومة باستئصال الرحم والمبيضين.

حالة من بين حالات كثيرة تواجه أطباء الأورام والنساء والتوليد، هن ضحايا لهذه المرض المخيف، الحالة المذكورة رغم كونها الأكثر ألما وقسوة فى فقدان حلم الأمومة، لأنها تفقده منذ أول خطوة فى علاج السرطان وهو العلاج الجراحى «بالاستئصال للرحم والمبايض»، إلا أن حالات أخرى تفقد هذا الحلم بالبطئ كنتيجة للعلاجات الأخرى «كيماوى أو إشعاعي»، فهى إما تقلل فرص الإنجاب فى بعض الحالات أو تقضى عليها فى حالات أخرى.

الدكتور حسين خالد عميد معهد الأورام السابق، وزير التعليم العالى الأسبق، قال بالنسبة لحدوث السرطانات أو العلاجات الخاصة بالأورام وعلاقته بقدرة المرأة على الإنجاب له شقان، الأول: أن هناك أورامًا عندما تحدث للسيدة ممكن تؤثر على قدرتها على الإنجاب، وهذا بسبب إما نقص المناعة بصفة عامة أثناء الإصابة وهذا يؤثر على الجسم ككل.. والثانى يتعلق أن بعض أنواع السرطانات لها علاقة بالتوازن الهرمونى الأنثوى فى الجسم، فمثلا سرطان المبايض أو الرحم التى لها علاقة بالجهاز التناسلى للمرأة والثدي، هنا ممكن المرض نفسه يؤثر على القدرة الإنجابية وهذه تكون نسبتها قليلة، إلا لو حدثت أمور تتعلق بالعلاج، فالعلاج الكيماوى بصفة عامة لأى نوع من أنواع الأورام السرطانية يؤثر بنسبة قد تزيد أو تقل حسب استعداد المرأة على إفراز البويضات من المبايض، وبالتالى ممكن يؤدى إلى عقم كامل أو عقم مؤقت يعود بعد فترة، لكن النسبة تختلف من نوع العلاج لآخر ومن مريضة لأخرى، ولابد هنا للسيدات الاستعداد لتقبل أن هناك احتمالًا مع بدء العلاج الكيماوى بصفة عامة أن يؤثر على القدرة الإنجابية.

مضيفًا: بعض أنواع أورام الجهاز التناسلى مثل المبيض أو الرحم، يتم استئصال المبيض أو المبيضين أو الرحم، وهنا تفقد قدرتها التامة على الإنجاب وهذا يكون له علاقة بالعلاج الجراحي، وبالنسبة للعلاج الإشعاعى فى بعض الحالات قد يؤثر سلبًا على القدرة على الإنجاب، وبالأخص إذا تأثر الجهاز التناسلى للمرأة، سواء لأن المرض فى أحد أعضائه، أو فى عضو آخر من أعضاء الجسم قريب من الجهاز التناسلي.

وقال «خالد» من الأمور الحديثة العلاج الهرموني، فمثلا فى حالة سرطان الثدى خاصة فى سن صغيرة، ونريد الحفاظ على قدرة المرأة على الإنجاب، نوقف عمل المبيض بالجراحة أو العلاج إيقافًا تامًا، يتم وقف عمل المبايض إيقافًا مؤقتًا ببعض العلاجات بصورة مؤقتة لمدة ٣ او ٤ سنوات لحين إتمام العلاج والشفاء، وعندما نوقف هذه العقاقير ممكن تعود للمرأة قُدرتها على الإنجاب».

أما بالنسبة لباقى أنواع السرطان الذى يصيب أجهزة الجسم، قال «خالد» عندما تكون السيدة أو الفتاة مصابة مثلا بسرطان رئة، أو الجهاز البولي، أو الغدد الليمفاوية، أو سرطان الأنسجة الرخوة، أو سرطان العظام، مثل هذه الأنواع ليس لها تأثير مباشر على القدرة الإنجابية، إلا من خلال العلاج الذى تعتمد عليه سواء كيماويًا أو إشعاعيًا.

مضيفا: أما بالنسبة لأنواع السرطان التى تصيب الجهاز التناسلى مثل الرحم أو المبيض لو تم استئصال العضو نفسه بالجراحة أو تعرضت لعلاج كيماوى بصورة أو بأخرى، ممكن يوقف عمل المبايض، وتكون نسبة حدوث العقم أكبر من باقى أنواع السرطانات الأخرى، وبالنسبة لسرطان الثدى ليس من السرطانات التى تزيد من نسبة احتمال حدوث العقم، إلا إذا اضطررنا لوقف عمل المبايض، فى هذه الحالة يتسبب علاج سرطان الثدى هنا فى زيادة نسبة حدوث للعقم، لكن لو لم نضطر لوقف عمل المبايض يكون سرطان الثدى مثل باقى السرطانات.

لافتا إلى أن سن الإصابة بالسرطان له علاقة، فالمرأة فى سن صغير فى العشرينات وبداية الثلاثينات تكون فرص حدوث العقم أقل منها حالة تقدم العمر، مثلا لو كانت قريبة من سن انقطاع الدورة تكون فرص حدوث العقم أكبر.

وقال الدكتور حسين خالد: بالنسبة للرجال فى مصر يتم الاحتفاظ بالحيوانات المنوية بالتبريد، حتى بعد شفاء المريض يتم استخدام الحيوانات المنوية فى حالة التلقيح الصناعى مع الزوجة من خلال الحقن المجهري، نفس الكلام يحدث بالنسبة للسيدات حيث الاحتفاظ بجزء من المبيض بالبويضات، بحيث عندما تريد الإنجاب يتم استخدامها مع الحيوانات المنوية لزوجها ويتم التلقيح الصناعى ووضعها فى الرحم.

أما الدكتور حاتم أبو القاسم أستاذ جراحة الأورام، مدير المعهد القومى للأورام فقال، يُعد سرطان الثدى الأكثر شيوعًا بين السيدات بمعدل ١٥ حالة تصاب به لكل مائة ألف سيدة، يليه سرطان المبايض والرحم، ثم أورام الدم، وباقى أنواع الأورام بنسب متفاوتة، وتكون النسبة فى هذه الأنواع أقل منها فى الرجال وتحدث الإصابة بمختلف أنواع السرطان عمومًا فى مصر بنسبة أصغر من المعدل العالمى بعشر سنوات، بمعنى أن متوسط سن الإصابة فى الخارج يبدأ من الأربعينات والخمسينات ولدينا انخفض السن ليبدأ من الثلاثينات».

واستطرد الدكتور «أبو القاسم» بقوله: «الأكثر صعوبة أو ألما فيما يتعلق بموضوع السرطان والإنجاب هو لو حدثت الإصابة فى سن مبكرة وفى الرحم والمبايض، لأنه فى هذه الحالة يكون العلاج هو التدخل الجراحى باستئصال الرحم، وهذا معناه عدم وجود فرصة للإنجاب، ومن ناحية أخرى أن العلاج الكيماوى لمختلف أنواع الأورام قد يؤدى إلى عقم أو ضعف فرص الإنجاب، وفى السنوات الأخيرة تم التوصل لتطعيم لسرطان الرحم ويعطى نتائج جيدة.. ونتوقع أن يقلل من معدلات الإصابة بسرطان الرحم».