د. هبة سعد الدين,
كل الاختيارات متاحة والتوقعات لايمكن حصرها أو تصورها لمعرفة ما الذى حدث فى جمصة ، فقد تخيل الجميع أن يعرف ؛ ولو باختصار أو اشارة دون تفاصيل ، لكن مسلسل "الصفارة" تركنا خمس عشرة حلقة باشارات تزيد من جهلنا لماحدث رغم أننا نرى تأثيره والرغبة فى عدم تذكره والاحساس بالعار أمامه ليستمر التساؤل عنه!!! ثم جاء الوعد أن نعرف فى الجزء الثانى، وهانحن أمام الاعلان عن هذا الجزء الذى جاء ليمنحنا الأمل أن نعرف ماحدث فى جمصه!!
هكذا تحول "الافيه" إلى تساؤل مهم ليصبح جزءا ثانى ، أما مقدمة المسلسل ؛التى عادة ما يتم تجاوزها مع عرض المسلسلات ؛ تحولت إلى تريند حفظها الكثيرون وأعادوا غناءها بابتسامات وضحكات، ولم لا وهى تختصر حال المسلسل والانسان وتحمل الشعار "يا حلالو ياحلولى" ؟؟؟
لقد نجح أحمد أمين أن يصنع حالة من "الصفارة" لنلهث وراء اختياراته التى تأخذنا حينا نحو المال وأخرى للسلطة وثالثة للهزل ورابعة للتضحية ومرات للا شىء ونعود كل مرة مدركين أنه لم يكن الحل!!! فقد كان فى اللحظة التى نتخيله "وجدها" يستخدم الصفارة ؛ لدرجة أنه عندما تركها دخل متاهه البحث عنها !!! ، ثم وجد نفسه يبحث عنها بين الاف الصفارات المزيفة!!! لم تكن اختيارات أو ثلاث دقائق يمكنها اصلاح الحاضر ؛ بل أزمة الانسان التى اختزلها فى ايقاع سريع جعلنا ننسى أن الفكرة ليست جديدة ، لأنه انتقل بنا فى عوالم سريعا ومنحنا شخصيات تتحول مع كل اختيار ، وفى لحظة الانتصار الوهمى ، يعود للواقع فهو لايزال لايعلم ماحدث فى جمصه !!
لم تكن صفارة أحمد أمين والمخرج علاء اسماعيل بجديدة ؛ سواء الانتقال بالزمن أوالتوقف للحظة والعودة لاختيار آخر ؛ ولكنها كانت انسانية بجنسية مصرية ، تحمل ايقاعا افتقدناه فى دراما الثلاثين حلقة .
لتجاوزت "الصفارة" حالة اللا ايقاع وتصنع توقيتها الخاص بين اختيارات متعددة تاتى بعدها "الخوازيق" التى تطرح بصورة معلنة القانون الفيزيائي الشهير لكل فعل رد فعل، فلا يوجد شيك على بياض فى الاختيار!!!
تلك البساطة فى فكرة أعيد تدويرها لتصبح "جديدة" ، بايقاع يتنوع بحسب الاختيار وموقعه وتأثيره ، فلايتساوى واحد بآخر!! لتتغير الشخصيات وتتجلى مواهبهم وتشكل الصفارة نقطة انطلاق وتحول لكل منهم ومساحة لظهور فريق الصفارة : طه دسوقى وآيه سماحه وحاتم صلاح وغيرهم ويحيط بهم بريق محمود البزاوى وانعام سالوسة.
أحمد أمين يدرك ملعبه الذى يجيده ومشروعه الانسانى بعيداً عن اللعب فى كل "مضمون" ؛ فقد صنع مضمونه الخاص ليراهن على نجاحه بثقه ، فقد منحته "الصفارة" بعض مايريد ويكفيه ويكفينا أننا سنعرف ماحدث فى جمصة!!!!