«التجمع».. منبر اليسار فقد الهوية ويواجه التخوين
انقطعت الحياة الحزبية لسنوات طويلة في مصر منذ 1953، وعادت في عهد السادات عام 1967 حينما كلف بحل الاتحاد الاشتراكي وتحويله إلى منابر فكرية حزبية، فانقسم إلى أربع كتل رئيسية، يمين يتزعمه مصطفى كامل مراد، ووسط يتزعمه السادات ورفيقه ممدوح سالم، ويسار تزعمه خالد محيي الدين، فأسس حينها حزب التجمع، ليكون أول حزب يساري مصري ضم مجموعة كبيرة من الاشتراكيين والشيوعيين والناصريين والقوميين وقلة قليلة من الليبراليين، ليصبح بعد ذلك "التجمع" الممثل الأكبر لتيار اليسار حينها، مستندًا إلى مبادئه العالمية التي تتمحور حول الطبقات الفقيرة والتساوي في الأجور.
منذ نشأة الحزب وهو مشارك أساسي في العملية الانتخابية، بداية من برلمان 1977، 1990، 1995، وكان متوسط مقاعده التي يحصل عليها في كل عام من 4 إلى 6 مقاعد، إلا أنه بعد انتخابات 2005 بدأ في التراجع بين خسارة الانتخابات أو الفوز بمقعدَين فقط، حتى انتخابات 2016 التي فاز فيها أحد أعضائه بالانتخاب، ورئيسه عُين في المجلس من قِبل رئيس الجمهورية، وشارك الحزب في ثورتَي 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013، كما انضم الحزب إلى تحالف القوى الثورية في 2012، لمواجهة "الإخوان" ومنعها من الاستمرار في الحكم، وانضم إلى قائمة صحوة مصر الانتخابية وعدد من التحالفات الأخرى التي أسسها تيار اليسار، على رأسها ائتلاف الأحزاب اليسارية.
في الفترة الأخيرة نفرت قوى اليسار من التفافها حول "التجمع" وبدأ الهجوم على الحزب من قِبل اليساريين أنفسهم، معتبرينه انحرف عن مبادئ اليسار التي أسس عليها، وأخذ اتجاهًا ليبراليًّا مؤيدًا للسلطة، واصفين إياه بـ"فاقد الهوية"، ولعل هذا من أهم الأسباب التي تسببت في إفشال أية محاولة لتحالف القوى اليسارية مع بعضها البعض في كيان واحد حاليًّا، لكن النائب سيد عبد العال رئيس حزب التجمع كان ليه رأي آخر في مسار الهوية الحزبية لـ"التجمع"، إذ يقول: "نحن مع الحكم القائم ضد الإرهاب ونطبق نصيحة صديقك مَن صدَقك لا مَن صدّقك، ونقول لرئيس الجمهورية والنظام الحاكم أحسنت في كذا وأخطأت في كذا، والدليل بيانات رسمية عديدة صدرت عن الحزب مؤخرًا أدانت الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة، لأن مبادئنا اليسارية التي يدعى البعض بأننا فقدناها، ضد أي إجراء يؤدي إلى انهيار الطبقة الوسطى وتضييق الخناق على المواطنين".
وعن مواقف حزب التجمع من الحكومات والأنظمة السابقة يقول عبد العال: "نحن عارضنا حسني مبارك في عز حكمه، وهاجمنا الإخوان وعارضناهم، حتى اعتدوا على أعضائنا بالضرب والإهانة، ودخلنا في تحالف مع الجبهة الوطنية للتغيير ضد الإخوان، حتى حلّها رئيسها الدكتور سيد البدوي".
بينما يستعد الحزب الآن لإجراء مؤتمره العام وانتخاب هيئته المركزية ورئيس جديد له خلال الأشهر القليلة القادمة، حيث قال عبد العال إن أمانات المحافظات تعقد اجتماعات تنظيمية مع الأمانة المركزية حاليًّا لحصر عدد أعضاء الحزب على مستوى الجمهورية، ووضع قاعدة بيانات جديدة يمكن من خلالها تفعيل اشتراكات الأعضاء التي من شأنها الإنفاق على المؤتمر العام، وذلك لانتخاب قيادات جديدة للحزب وممثلين في المكتب السياسي، لافتًا إلى أن قرار ترشحه لرئاسة الحزب لفترة أخرى من عدمه لم يحسم بعد، تاركًا الأمر لرغبة الأعضاء.