أسرار وحكايات من حياة الشيخ محمد رفعت.. كيف فقد بصره بسبب الحسد
كان ويظل الشيخ محمد رفعت واحدا من أعلام قراءة القرآن الكريم في مصر والعالم الإسلامي، فرغم رحيله قبل أكثر من 70 عاما تبقى ذكراه خالدة في وجدان المصريين.
حياة الشيخ محمد رفعت
عاش الشيخ محمد رفعت حياة مليئة بالصعاب، ففقد بصره في سن صغيرة، فولد في أسرة ميسورة الحال في المغربلين الدرب الأحمر وكان الرابع في أشقائه، وعانى من فقدان البصر في سن صغيرة بسبب الحسد فكان عمره عامين، حيث أخبرت إحدى السيدات والده أن نجله محمد سيكون شخصا ملائكيا وهذا ما كتب على عينيه، وفي اليوم نفسه ليلا أصيب بألم شديد في العينين وخضع بعدها لجراحة لكن الجراحة فشلت وضعف بصره حتى أصيب بالعمى.
ووهبه والده للقرآن الكريم، فاصطحبه للكتاب في درب الجماميز وبدأ تعلم القرآن الكريم حتى أتم ختمه وحفظه في عمر 10 سنوات، لكن والده كان قد توفي قبل إتمامه حفظ القرآن الكريم بعد أشهر، فأصبح محمد رفعت في عمر 10 سنوات هو عائل الأسرة فبدأ يتلو القرآن الكريم في السرادقات وتتلمذ على يد الشيخ محمد البغدادي والشيخ السملوطي، والذي نصحه بتعلم المقامات الموسيقية للتمكن من التلاوة بشكل صحيح، فتعلم عزف العود والمقامات الموسيقية لمدة عامين حتى أجادهم.
التحاق الشيخ محمد رفعت بالإذاعة
ولد الشيخ محمد رفعت بحي المغربلين بالقاهرة، في 9 مايو من عام 1882م، وفَقَدَ بصره في الثانية من عمره، وتوفي أبوه في سن التاسعة، وبدأ إحياء ليالي القرآن الكريم وهو في سن الرابعة عشرة.
ذاع صيت الشيخ رغم حداثة سِنِّه حتى إنه وقع الاختيار عليه ليكون قارئًا للسورة بمسجد فاضل باشا بحي السيدة زينب بالقاهرة وهو في الخامسة عشرة من عمره، وهناك بلغ من الشهرة ما بلغ، واتسعت شهرته حتى سمع به القاصي والداني، الأمر الذي أسهم في اختياره لافتتاح الإذاعة المصرية عام 1934م، وقد افتتحها بقول الحق سبحانه: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}. [الفتح: 1]
وعندما طلبت منه الإذاعات أن يسجل لها بعض التلاوات مقابل المال توقَّف في قبوله؛ خوفًا من حرمة أخذ المال كأجر على تلاوة القرآن؛ ولكنه استفتى حينها شيخَ الأزهر الإمام المراغي، وأفتاه بالجواز.
وقد لقب الشيخ رفعت بـ«قيثارة السماء»، وهو لقب أطلقه عليه المحبون والمستمعون لوصف صوته العجيب، الروحاني، الملائكي.
ويعتبر فضيلة الشيخ محمد رفعت رائد مدرسة التلاوة في العصر الحديث؛ حيث تأثر كثيرٌ من القراء بأدائه القوي، وصوته العذب الشَّجي، وسار كثيرون بعده على درب مدرسته العظيمة في تلاوة القرآن الكريم.
وبعد حياة عاشها الشيخ في جوار القرآن وخدمته رحل عن عالمنا في 9 مايو من عام 1950م، الموافق 22 رجب 1369هـ، ودفن جوار مسجد السيدة نفيسة كما كان يرجو.
قالوا عن محمد رفعت
وقال عنه الشيخ محمد متولي الشعراوي: «إن أردنا أحكام التلاوة فالحصريّ، وإن أردنا حلاوة الصوت فعبد الباسط عبد الصمد، وإن أردنا الخشوع فهو المنشاوي، وإن أردنا النفَس الطويل مع العذوبة فمصطفى إسماعيل، وإن أردنا هؤلاء جميعًا فهو الشيخ محمد رفعت».
ووصفه القارئ الشيخ أبو العينين شعيشع بـ: «الصوت الباكي، كان يقرأ القرآن وهو يبكي، ودموعه على خديه».
وقال القارئ الشيخ محمد الصيفي: «رفعت لم يكن كبقية الأصوات تجري عليه أحكام الناس ... لقد كان هِبة من السماء».
وقال عنه شيخ الأزهر الأسبق الإمام محمد مصطفى المراغي: «هو منحة من الأقدار حين تهادن وتجود، بل وتكريم منها للإنسانية».