تلك آثارنا (11).. مجموعة الملك منكاورع وتابوته
د. محمد أبو الفتوح,
كانت أهم أعمال الملك "من كاو رع"، خامس فراعنة الأسرة الرابعة، والذي يعني اسمه بالمصرية القديمة (فلتبقى قوته مثل رع)، مجموعته الهرمية على هضبة الجيزة، والتي تتضمن الهرم الأصغر من أهرامات الجيزة الثلاثة، ومعبد الوادي والمعبد الجنائزي، وثلاث أهرامات صغيرة. ويطلق على المجموعة الهرمية للملك "منكاورع" اسم "نِتر- إن - منكاورع" وتعني بالعربية "منكاورع المقدَّس".
ويقع هرم "من كاو رع" بين هرمي جده خوفو وأبيه خفرع، بارتفاع 66 متراً. ويبدو الهرم صغيراً في مساحته وقصيراً في ارتفاع مقارنة بالهرمين الآحرين، وكان ذلك بسبب صغر المساحة المتبقية على هضبة الجيزة بعد بناء الهرم الأول والثاني.
تم تكسية الجزء السفلي من الهرم بحجر جرانيتى وردي، بارتفاع 15 متراً. هذا الحجر تمَّ اقتطاعه من محاجره في أسوان، على بعد 800 كم تقريباً من هضبة الجيزة، ثم شحنه ونقله على مراكب عبر النيل إلى الجيزة، ومن ثم تهذيبه وتكسية الجزء السفلي من الهرم به. وهو نوع أثقل وأكثر صلادة من الحجر الجيري الأبيض الذي تم تكسية الجزء العلوي من الهرم به، والذي تم جلبه من محاجر طره، على الضفة الشرقية من النيل بالقرب من الجيزة.
ويبدو أن منكاورع كان ينوي تكسية الهرم كله بالجرانيت لكن القدر لم يمهله فأتمَّ ابنه الملك شبسسكاف، الذي حكم بعده، تشييد الهرم وتكسيته بالحجر الجيري، كما أتم الملحقات الجنائزيه للهرم، فشيّد أساسات معبد الوادي، والطريق الصاعد، والمعبد الجنائزي بالحجر الجيري بجوار الهرم وجعله بمثابة نصب تذكاري لأبيه منكاورع
خصصت غرفة بالهرم لوضع الأشياء التي يحتاجها الملك في حياته الأخرى، أما مدخله فهو في الجهة الشمالية وعلى ارتفاع 4 متر تقريباً، ويؤدى الممر الهابط بطول 32 متر تقريباً إلى غرفة الدفن المكسوة بالجرانيت.
ولقد عثر الأثري والمستكشف البريطاني "فايس" في عام 1837م، في غرفة الدفن على تابوت من البازلت يبلغ وزنه 3 طن، بينما يبلغ طوله 2.5 متر تقريباً، وعرضه 91 سم، وارتفاعه 89 سم ، وكان خالياً من النقوش والكتابات الهيروغليفية، لكنه كان مزيناً بنقش شبيه بواجهة قصر أو مبنى ملكي، ولم يعثر فيه على مومياء الملك منكاورع.
لكن عثروا على بقايا من ألواح خشبية تحمل اسم منكاورع ، كانت لتابوت خشبي، وهي موجودة حاليًا في المتحف البريطاني، كما عثروا على هيكل عظمي كان ملفوفاً بقماش من نسيج خشن اعتقدوا في البداية إنها لمومياء الملك.
وقد تمَّ نقل هذا التابوت على سفينة تجارية شراعية إنجليزية عام 1838م، يطلق عليها "بياتريس" متجهة إلى ليفربول في انجلترا، إلا أن السفينة تعرضت لعاصفة شديدة قبالة السواحل الاسبانية فغرقت، يقول البعض أن هذا حدث بالقرب من ساحل مدينة قرطاجنة، بينما يقول البعض الآخر إنها غرقت قبالة جبل طارق على الجانب الغربي من الساحل الإسباني، وآخرون يقولون في خليج بسكاي شمال إسبانيا، وهكذا سقط التابوت في قاع البحر المتوسط ولم يعثر عليه حتى اليوم.
ولكن غطاء التابوت، الذي لم يكن معه في السفينة اللى غرقت، تم نقله بعد ذلك بنجاح إلى بريطانيا وهو موجود الآن في المتحف البريطاني في لندن.
ولقد أثبتت الدراسات التي تمت على التابوت البازلتي والمومياء، أن التابوت كان بديلاً للتابوت الأصلي الذي يُعتقد إنه اختفى لأسباب مجهولة، وأن التاوبت البازلتي هذا صُنع في مرحلة متأخره وليس في عهد منكاورع، وتحديداً في العصر المتأخر في عهد الأسرة السادسة والعشرين، كما أثبت التأريخ بالكربون 14 لعظام المؤمياء، التي عثر عليها ملفوفة في قماش خشن، أنها تعود إلى فترة متأخرة وتحديداً في العصر القبطي خلال القرون الميلادية الأولى.
وضمن المجموعة الهرمية للملك منكاورع توجد ثلاثة أهرامات صغيرة. من المرجح أن تكون هذه الأهرامات خاصة بملكات خفرع. ربما دفنت زوجته الملكة "خع مر نبتى" وأم الملك "شبسسكاف" في إحدى هذه الأهرامات.