الأسرة الحاكمة تضع «تميم» أمام خيارين .. ودبلوماسيون: تحركات للإطاحة
كتبت- أماني محمد
بدى للجميع أن الوضع يتصاعد بشكل كبير ضد النظام الحاكم في الدوحة وأن هناك غليان داخل الأسرة الحاكمة في قطر بسبب السياسة التي تنتهجها الدولة الداعمة للإرهاب خلال الفترة الأخيرة، وجاءت ردود الأفعال سريعة ومتعاقبة، فما أن أصدر الشيخ عبد الله آل ثاني، نجل حاكم قطر الأسبق، بيانًا يرفض فيه سياسة تميم بن حمد العدائية ضد الدول الشقيقة ودعوته لتصحيح الأوضاح، إلا وتبعه تأييد ومساندة من الشيخ سلطان بن سحيم آل ثاني، شقيق أمير قطر الأسبق.
وبحسب دبلوماسيون ومهتمون بالشأن العربي، فأن البيان خطير للغاية وسيترتب عليه أوضاع جديدة ربما تصل للإطاحة بتميم ونظامة في حال عدم تراجعه عن السياسة التآمرية ضد الدول الشقيقة، مؤكدين أن هناك ترتيب للأوراق داخل البيت القطري.
جاء بيانا الشيخ سلطان بن سحيم آل ثاني، والشيخ عبد الله بن علي آل ثاني الأخيران، ليضيقا الخناق أكثر على نظام الدوحة، التي دخلت بالبلاد نفقا مظلما وتنتظر مصيرًا ربما يمون أكثر بشاعة.
البيان الأول
فالشيخ عبد الله آل ثاني، نجل حاكم قطر الأسبق، عبر عن عدم رضاؤه بالوضح الحالي وما آلت إليه الأوضاع المتوترة بين الدوحة والدول العربية، وقال في بيان مقتضبًا الأحد الماضي:" أتألم كثيرا وأنا أرى الوضع يمضي إلى الأسوأ بلغ حد التحريض المباشر على استقرار الخليج العربي، والتدخل في شؤون الآخرين ويدفع بنا إلى مصير لا نريد الوصول إليه".
ودعا "آل ثاني" في بيانه، الحكماء والعقلاء من أبناء الأسرة الكرام وأعيان الشعب القطري إلى اجتماع أخوي عائلي ووطني نتباحث فيه حول ما يخص الأزمة وما نستطيع عمله لنعيد الأمور إلى نصابها ولتقوية اللُحمة الخليجية".
ونوه بأنه التقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، مرتين وجد فيمها حرصا شديدا على سلامة قطر وأهلها، مختتما " أن واجبهم ومسئوليتهم عدم الصمت والسكون في هذه الأزمة".
البيان الثاني
وسرعان ما صدر البيان الثاني من الشيخ سلطان بن سحيم آل ثاني، شقيق حاكم قطر الأسبق، أمس الاثنين، وأعلن فيه دعمه لدعوة الشيخ عبد الله بن علي آل ثاني لاجتماع وطني لتصحيح الأوضاع في قطر.
وقال في بيانه:" تعلمون جميعاً أن الوضع اليوم صعب، ولم يسبق لأهلنا في الخليج العربي وأشقائنا العرب أن نبذونا هذا النبذ، وأغلقوا دوننا كل باب، بسبب أخطاء فادحة في حقهم وممارسات ضد وجودهم، استغلها البعض باسمنا ومن خلال أرضنا وأدواتنا وهم أعداء وخصوم لنا، بسبب سياسات الحكومة وتوجهاتها التي سمحت للدخلاء والحاقدين بالتغلغل في قطر وبث سمومهم في كل اتجاه حتى أوصلونا إلى حافة الكارثة.
وأقسم قائلًا:" والله إنه يحزنني أن يكون الذكر في هذه الأزمة كلها للتنظيمات الإرهابية واحتضانها وانتشار الجماعات المخربة بيننا والتدخل في شؤون الآخرين وتخريب استقرارهم وأمنهم، وكأن دوحتنا مجرد حاضنة لكل المفسدين والضالين ومنبر يخدمهم وثروات تعمل من أجل مصالحهم".
وأعلن الشيخ سلطان بن سحيم آل ثاني، دعمه كل دعوة للاجتماع، آملا من جميع أفراد الأسرة الحاكمة والوجهاء والأعيان التفاعل معها حتى نكون يدا واحدة وعينا يقظة ترعى قطر من غدر الخائنين وتحصنها من كيد الحاقدين، وكلي ثقة بحكمة الملك سلمان وقادة الدول ومحبتهم المتأصلة لنا، ووقوفهم إلى جانبنا، لعل الله يجعل منا صلة سلام تعيد الأمور إلى نصابها وتصحح كل خطا وتطرد كل الكوابيس التي أشغلت أهلنا وأحالت حياتهم خوفا مستديما وترقبا مريرا".
تطورات خطيرة
وهو ما اعتبره دبلوماسيون، مؤشر مهم جدًا للغاية وسيكون له تبعاته وينذر بتحركات قد تصل إلى عزل تميم حال استمر في سياساته واتخذ إجراءات قمعية ورفض التجاوب.
السفير طلعت حامد، الأمين المساعد السابق للبرلمان العربي، وصف البيانين بأنه تطور بالغ الأهمية جاء من الأسرة الحاكمة في هذا التوقيت ويدل على فشل القيادة القطرية التي استعانت بالقوى الخارجية لتدين الدول الأربعة، مضيفا أن الأزمة حاليا داخل البيت القطري يترتب عليه اتخاذ إجراءات هامة.
وقال لـ« الهلال اليوم» إن الوضع القطري الآن على المحك والبيانين يوضحان شعور الأسرة الحاكمة بالخوف والاجتماع الذي سيعقد هو ما سيقرر الخطوات القادمة حسبما تتفق الأسرة خلاله.
حصار تميم
وعن سيناريوهات ما بعد الاجتماع، قال إن تميم إما أن يرضخ للبيان ويشارك في الاجتماع ويعمل على حل الأزمة ويوقف تصدير الإرهاب وإيواءه وتمويل المناهضين للدول العربية، أما أن يتم اتخاذ إجراءات سيكون لها انعكاسات على الشعب القطري وهنا لن تصمت الأسرة الحاكمة.
وأوضح أن البيانين أشارا إلى العلاقات الوثيقة مع المملكة العربية السعودية ولقائه مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وعليه ستقرر ما تراه من خطوات هامة للضغط على تميم ووقف تصعيده ضد الدول الأربعة.
تعامل السلطة القطرية.
خلق معارضة داخل الدوحة
أما السفير أحمد القويسني، مساعد وزير الخارجية الأسبق، قال إن البيانين هو نتاج ضغط الدول الأربع في تحريك أجنحة الأسرة الحاكمة واستنهاض معارضة داخلية داخل قطر، مضيفا أن ما حدث سيكون مزعجا للأسرة الحاكمة وله تداعياته لكنه في الوقت نفسه ليس حدثا ضخما سيؤدي إلى تأثير في تغيير مجرى الأحداث رغم أنه يشير إلى غضب داخل الأسرة.
وأوضح لـ« الهلال اليوم» أن ما سيحدد تبعات البيانين هو تعامل السلطة في قطر مع الأحداث فيما بعد لأنها قد تتخذ إجراءات تتسم بالغباء وتطول القبائل مثلما حدث مع «آل مرة» أول أمس بسحب مزيد من الجنسيات من أبنائها وتشديد القبضة البوليسية داخل قطر وهي كلها تصرفات تزعج الأسرة الحاكمة.
وأضاف أن حاكم قطر أمامه تصرف من اثنين إما تشديد القبضة الأمنية أو الاستجابة للبيان وإعادة مراجعة السياسة الخارجية له، موضحا أن جناح "آل ثاني" لم يكن له حركة معارضة خلال الأزمة الأخيرة والأحداث وتصاعدها ساعدت على تحركها من جديد في ظل المخاطر التي تواجهها قطر.
سيناريوهات ما بعد البيان
أما عن تعامل تميم بن حمد مع الأزمة، يقول إن رده على ما يحدث ربما يكون بحملات قبض واعتقال أجنحة المعارضة داخل الأسرة الحاكمة التي صدر عنها البيان وهذا سيؤدي إلى مزيد من الدعم لتوجهها، أو لجوءه لإجراءات استثنائية وعقابات وسحب الجنسية القطرية من القبائل هذا سيدفعهم لعزله، أما في حالة تعامله بحكمة سيمر في هدوء.
واقترح أن تنتهج الدول الأربع العربية سياسة «الردع المرن» بإقصاء قطر من الحاضنة العربية والخليجية مما سيؤدي إلى مزيد من تحقيق المطالب التي عرضتها قبل فترة ورفضتها قطر، مؤكدا أن الداخل القطري أمر هام وسيؤدي تحركه إلى نتائج محورية.