غدا.. ذكرى رحيل صاحب «الاستشراق» وحامل الهم الفلسطيني
مناضل بدرجة مثقف.. وأكاديمي بروح شاعرة، توصيف ملائم لمفكر بقامة إدوارد سعيد، الكاتب الفلسطيني الذي عشق وطنه رغم الاغتراب بعيدا في بلاد العم سام حيث الحضارة والحداثة والتطور، وتكشف له من خلال ذلك العالم عن تحيز غربي مستمر تجاه الشعوب العربية، فأطلق كتابه الشهير"الاستشراق" الذي أحدث ضجة بالعالم كونه عربيا مزدوج الجنسية فهو فلسطيني الأصل أمريكي الجنسية بحكم الإقامة وينتمي إلي أسرة مسيحية.. لكنه ظل يناضل من أجل إنشاء دولة فلسطينية.
أبرز ما قيل في إدوارد سعيد ويختصر مسيرته الإنسانية والعملية، ما قاله الشاعر الفلسطيني محمود درويش في رثائه عام 2003 بقصيدته "طباق": "نيويورك.. إدوارد يصحو على كسَل الفجر.. يعزف لحناً لموتسارت.. يركض في ملعب التِنِس الجامعيِّ.. يُفكِّر في رحلة الفكر عبر الحدود.. يكتب تعليقَهُ المتوتِّر.. يلعن مستشرقاً.. على الريح يمشي.. وفي الريح يعرف مَنْ هُوَ".. هكذا بالفعل كان إدوارد سعيد الذي يمر غدًا 14 عاما على رحيله (1 نوفمبر 1935 القدس - 25 سبتمبر 2003).
وهو ذلـك الُمنظر الأدبي والأستاذ الجامعي للغة الإنجـليزية والأدب المقارن في جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن الشخصيات المؤسسة لدراسات ما بعد الكولونيالية، كما كان مدافعا عن حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني، وفي ذات الوقت، كان محبا للموسيقى والشعر بدرجة كبيرة، فقام بالمشاركة مع صديقه دانييل بارينبويم بتأسيس أوركيسترا الديوان الغربي الشرقي سنة 1999 كما كان إدوارد عازف بيانو بارعًا.
حصل على 20 شهادة فخرية من جامعات عالمية، من جامعة هارفرد على جائزة بودين، وحصل على جائزة ليونيل تريلين مرتين أولاهما كانت في النسخة الأولى من قبل الجمعية الأمريكية للأدب، بالإضافة لحصوله على جائزة ويليك وجائزة سبينوزا، وفي سنة 2001 حصل على جائزة لانان الأدبية، وحازت مذكراته «خارج المكان» سنة 1999 العديد من الجوائز مثل جائزة نيويورك لفئة غير الروايات، كما حاز سنة 2000 على جائزة كتب أنيسفيلد-ولف لفئة غير الروايات وغيرها.
كان إدوارد سعيد من الشخصيات المؤثرة في النقد الحضاري والأدب، وكان مفكرا يتميز بالحيادية، يدلل على ذلك نقده للأنظمة العربية في الوقت الذي كان يدافع فيه عن القضية الفلسطينية بكل قوة ويشجب الوجود الإسرائيلي في أرض فلسطين، وقد نال شهرة واسعة خصوصاً في كتابه “الاستشراق” المنشور سنة 1978.
قدم كتابه أفكاره المؤثرة عن دراسات الاستشراق الغربية المتخصصة في دراسة ثقافة الشرقيين.
وقد أسس أطروحته من خلال معرفته الوثيقة بالأدب الاستعماري مثل روايات جوزيف كونراد، ومن خلال نظريات ما بعد البنيوية مثل أعمال ميشيل فوكو وجاك دريدا وغيرهم.
ظل إدوارد سعيد عضوا فاعلا ونشطا في كثير من المجالات حتى آخر حياته حيث توفي بعد صراع طويل مع اللوكيميا سنة 2003.