جولة الرئيس السيسي الخارجية.. محطات في العلاقات بين مصر والدول الإفريقية
يبدأ الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم جولة خارجية تشمل زيارة كلٍ من أنجولا، وزامبيا، وموزمبيق، حيث تأتي جولة الرئيس في منطقة الجنوب الأفريقي في إطار حرص مصر على تكثيف التواصل والتنسيق مع أشقائها الأفارقة، وكذا مواصلة تعزيز علاقاتها مع دول القارة في مختلف المجالات، لاسيما عن طريق تدعيم التعاون المتبادل على الأصعدة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، إلى جانب الأولوية المتقدمة التي تحظى بها القضايا الأفريقية في السياسة الخارجية المصرية.
وأوضح المتحدث الرسمي أنه من المنتظر أن يعقد الرئيس خلال الجولة الأفريقية سلسلة من المباحثات الثنائية مع زعماء الدول الأفريقية الشقيقة، بهدف بحث آليات تعزيز أوجه التعاون الثنائي مع مصر، وكيفية التعامل مع مشاغل القارة الأفريقية، فضلاً عن مناقشة مستجدات القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وكذا سبل التعاون لبلورة أطر العمل الأفريقي المشترك بهدف دفع عملية التنمية وتعزيز الاندماج الاقتصادي في القارة.
وأضاف المتحدث باسم رئاسة الجمهورية أن الرئيس عبد الفتاح السيسي سيشارك، خلال زيارته إلى العاصمة الزامبية "لوساكا"، في أعمال القمة الثانية والعشرين للسوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي "كوميسا"، والتي ستشهد تسليم الرئاسة الدورية للتجمع من مصر إلى زامبيا.
العلاقات المصرية الإفريقية
لم تبدأ العلاقات المصرية الإفريقية من اليوم فقط ولكن علي مدار التاريخ كانت مصر جزء من افريقيا وتنتمي لمشاكلها وأفراحها وليس كمشاركه فقط وانما حملت مصر علي عاتقها مسئولية افريقيا ودائماً ما كانت تلجأ دول كثر إلي الحضن الأكبر مصر فالعلاقات ممتدة ولا تزال وفي السطور القادمة نحاول تسليط الضوء علي ملامح العلاقات بين مصر وبعض الدول الإفريقية.
العلاقات بين مصر وأنجولا ليست وليدة اللحظة
تعود العلاقات بين أنجولا ومصر إلى الستينيات من القرن الماضي، عندما كان القوميون الأنجوليون يشاركون في الكفاح من أجل الاستقلال، وتعززت في عام 1976 مع افتتاح السفارة الأنجولية في مصر.
تتميز العلاقات السياسية التاريخية بين البلدين بالثبات و الاستقرار، حيث لم تشهد أية توترات في أي مرحلة من مراحلها المختلفة منذ استقلال أنجولا، و يرجع تاريخ هذه العلاقات لعام 1965 حيث تم فتح أول مكتب إقليمي لحزب الحركة الشعبية لتحرير أنجولا ( MPLA ) بالقاهرة برئاسة السيد باولو جورج وزير الخارجية الأسبق و ذلك لدعم حركات التحرر الأنجولية ضد الإستعمار البرتغالي.
عبر الرئيس الأنجولي دوس سانتوش في أكثر من مناسبة عن شكره العميق لما قدمته مصر لدعم بلاده خلال فترة الاستعمار البرتغالي، و كذلك خلال فترة الحرب الأهلية الأنجولية التى استمرت لأكثر من 27 عاماً.
مصر وزامبيا علاقات سياسية جيدة واتفاق ثنائي في أغلب القضايا الإفريقية
تتمتع زامبيا ومصر بعلاقات سياسية جيدة وتتفق مواقف البلدين فى غالبية القضايا، ومن أهمها قضية إصلاح وتوسيع مجلس الأمن، حيث ترى البلدان ضرورة التمسك بالموقف الأفريقى الجماعى الذى يحقق مصالح القارة ، كما تدعم زامبيا عادةً الترشيحات المصرية للمناصب الدولية، مثل دعم الترشيح المصرى لعضوية مجلس محافظى الوكالة الدولية للطاقة الذرية IAEA ، وعضوية المجلس التنفيذى للمنظمة الدولية للطيران المدنى ICAO ..
أبرز وقائع العلاقات بين القاهرة ولوساكا
- فى 20/3/2023 استقبل السفير محمد العرابي رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية، "شيمبو إف مبولا" السكرتير الدائم بوزارة الخارجية والتعاون الدولي بزامبيا لبحث سبل دفع التعاون المشترك بين البلدين في مختلف المجالات.
بحث الجانبان التعاون القائم بين البلدين لاسيما بمجال الزراعة، والتواجد المصري الكبير بجمهورية زامبيا عبر الشركات المصرية العاملة في الطاقة والاتصالات، وكذلك بمجال الصحة والمتمثل في المستشفى القبطي في لوساكا والتي يعمل بها عدد من الأطباء المصريين.
- فى 14/7/2022 شاركت مصر في أعمال الدورة الحادية والأربعين للمجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي بالعاصمة الزامبية لوساكا، ترأس الوفد المصري السفيرة سها جندي مساعد وزير الخارجية مدير إدارة المنظمات والتجمعات الإفريقية، بمشاركة السفير محمد جاد مندوب مصر الدائم لدى الاتحاد الإفريقي والسفير معتز أنور سفير مصر لدى زامبيا، ناقش المجلس التنفيذي العديد من الموضوعات ذات الأولوية بالنسبة لمصر وللأجندة الافريقية بشكل عام، وعلى رأسها، المراجعة العشرية الأولى للاستراتيجية الإفريقية للتنمية المستدامة ٢٠٦٣، وإصلاح هيكل مجلس السلم والأمن الإفريقي، ومناقشة تقرير منتصف المدة لموضوع عام ٢٠٢٢ "الأمن الغذائي" وما تحقق للقارة الإفريقية من نجاحات وما تواجهه من تحديات في ظل المعطيات والأزمات العالمية، والتطور المحرز على صعيد تفعيل مركز الأمراض والأوبئة الإفريقي وإنشاء صندوق الأوبئة التابع للمركز، كما تم أيضاً مناقشة تقرير استضافة وكالة الدواء الإفريقية، تخللت اجتماعات المجلس التنفيذي اجراء الانتخابات لعدد من اللجان الهامة وآليات الاتحاد الإفريقي، حيث فازت المرشحة المصرية المستشارة "الزهراء أحمد كمال خالد" بعضوية مجلس الاتحاد الإفريقي الاستشاري لمكافحة الفساد عن إقليم شمال إفريقيا.
مصر أول دولة تعترف بجمهورية موزمبيق المستقلة
كانت مصر من أولي الدول التي اعترفت بجمهورية موزمبيق المستقلة في عام 1975 وافتتحت سفارتها في مابوتو في سبتمبر من نفس العام كسادس سفارة تفتح في العاصمة الجديدة وأول سفارة عربية.
ابرز وقائع العلاقات بين القاهرة ومابوتو
فى 3/11/2021 استقبل رئيس موزمبيق فيليب نيوسي السفير حاتم الألفي، سفير مصر في مابوتو، بمناسبة قرب انتهاء مهمته، حيث أعرب الرئيس الموزمبيقي عن اعتزازه وتقديره للعلاقات التاريخية التي تجمع البلدين وطلب نقل تحياته إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي. كما أثنى على ما شهدته علاقات البلدين من تطور ملحوظ خلال السنوات الماضية خاصةً بعد الزيارة التي قام بها إلى القاهرة عام 2019، معرباً عن التقدير للدعم الذي تتلقاه بلاده من الجانب المصري في عدد من القطاعات التنموية.
و فى 4/11/2021 التقى السفير حاتم الألفي، سفير مصر في مابوتو، المستشار Adelino Muchanga رئيس المحكمة العليا الموزمبيقية ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، بحثا الجانبان التطور الذي شهدته العلاقات بين مصر وموزمبيق في المجال القضائي، وما تعكسه الزيارات رفيعة المستوى من اهتمام بتعزيز التعاون في هذا المجال، والتي كان آخرها مشاركة رئيس المحكمة العليا الموزمبيقية في اجتماع رؤساء المحاكم العليا والدستورية الأفريقية في القاهرة في شهر يونيو الماضي، أعرب رئيس المحكمة العليا الموزمبيقية عن بالغ تقديره لمستوى العلاقات القضائية بين البلديّن، مشيرًا إلى أنه بحث أثناء زياراته الأخيرة إلى مصر سبل تطوير تلك العلاقات والاستفادة من الخبرة المصرية خاصة في مجالات مكافحة الإرهاب ومواجهة الفساد وتدريب الكوادر القضائية.
وفي 22/1/2022 قدم السفير وليد عادل المليجى أوراق اعتماده سفيراً لمصر لدى موزمبيق إلى الرئيس "فيليب نيوسى" رئيس موزمبيق، وذلك بمقر الرئاسة بالعاصمة مابوتو، تم تناول مجمل العلاقات الثنائية المتميزة بين البلديّن وسبل تدعيمها، وذلك بحضور وزيرة الخارجية والمستشار الدبلوماسى للرئيس الموزمبيقي. وقد أعرب رئيس موزمبيق عن اعتزاز بلاده بعلاقات الأخوة والصداقة مع مصر ورئيسها، مشيداً بالجهود المثمرة للسيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، وخاصة خلال رئاسته للاتحاد الأفريقي عام ٢٠١٩. كما أعرب الرئيس عن تطلع موزمبيق للمزيد من التعاون مع مصر والاستفادة مما لديها من امكانيات وخبرات، متمنيًا للسفير المصري التوفيق في مهمته.
المساعدات المصرية الإفريقية
في الثالث من مايو 2018 بناء على توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، وفى إطار تضامُن مصر حكومةً وشعبًا مع الأشقاء الأفارقة في كل من موزمبيق ومالاوي وزيمبابوي في أعقاب وقوع إعصار "إيداى"، قامت مصر بإرسال مساعدات إنسانية للأشقاء في الدول الثلاث لمواجهة الآثار السلبية التي ترتّبت على الإعصار، تتمثّل المساعدات الإنسانية المقدمة في خيام الإيواء ،مساعدات غذائية ومساعدات دوائية لدعم الدول الثلاث الشقيقة.
تقدم مصر سنويًا مجموعة من الدورات التدريبية والمنح الدراسية والفنية لموزمبيق في مختلف المجالات الفنية والمدنية والعسكرية، إضافة إلى دعوة الهيئات والمؤسسات الموزمبيقية للمشاركة في المعارض والمؤتمرات الدولية التي تعقد بمصر.
يوجد في موزمبيق 6 مبعوثين من موفدي الأزهر، و3 مبعوثين من موفدي وزارة الأوقاف والمؤسسات والمجالس الإسلامية التي تعمل بها بعثة الأزهر والأوقاف.
علاقات قادة إفريقيا مع الرئيس السيسي
إذاً لم يكن مستغرباً مع كل هذه العلاقات تجاوب قادة إفريقيا مع رؤية الرئيس السيسي وصياغة خريطة مستقبل القارة بخطط واقعية طموحة ترتقي لطموحات شعوب دول القارة في عملية إعادة تمركز ممنهجة تربط صفحات التاريخ وخرائط الجغرافيا بخريطة مستقبل طموح وواعد بدأ الرئيس المصري التحرك باتجاهها منذ اليوم الأول لوصوله للسلطة.. وتكاملت واقعية تحرك الرئيس السيسي مع رمزية التحرك في كون أول وثانى دولتين يزورهما السيسي بعد توليه رئاسة مصر هما الجزائر وغينيا الاستوائية.
جهود القيادة السياسية ومن ورائها كتيبة الدبلوماسية المصرية وأجهزة ومؤسسات الدولة نجحت في إقامة علاقات متوازنة تقوم على الاحترام المتبادل وتحقيق المصالح المشتركة وعدم التدخل في الشئون الداخلية مع كافة الدول حول العالم شرقا وغربا وشمالا وجنوبا مع إعطاء أولوية للانتماء الإقليمي، إفريقيا وعربيا، تكللت بنجاح كبير استعادت من خلاله مصر مكانتها الدولية والإقليمية بفضل سياسة حكيمة وضعها صانع القرار المصري من اليوم الأول وأعلن عنها في خطاب التنصيب في عام 2014.