أكد مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن هانس جروندبرج، اليوم، أن ثمة ثلاثة عناصر أساسية لإنهاء الصراع في اليمن والتوصل لسلام دائم وعادل، أولها، أن تتوقف الأطراف فورا عن الاستفزازات العسكرية وتستعد لوقف دائم لإطلاق النار يشمل جميع أنحاء البلاد، وأن توافق عليه، وثانيها، أن تعمل الأطراف على خفض التصعيد الاقتصادي وأن تلبي الاحتياجات الاقتصادية قصيرة وطويلة الأجل، وثالثها، أن تحقق الأطراف تقدما على صعيد الموافقة على تمهيد الطريق لاستئناف عملية سياسية يمنية برعاية الأمم المتحدة.
وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، أكد المسؤول الأممي، أن اليمنيين لديهم تاريخ غني في الحوار والابتكار والتوصل لحلول وسط على المستويين الوطني والمحلي، إن خطوات مهمة وإيجابية اُتخِذت منذ أكثر من عام لتقليل العنف في اليمن وتحسين حياة اليمنيين.
وعقد مجلس الأمن الدولي، ليلة أمس بتوقيت نيويورك، جلستين بشأن الوضع في اليمن. في الجلسة الأولى اتخذ المجلس، بالإجماع، القرار رقم 2691 (2023) والذي جدد بموجبه تفويض بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحُديدة (أونمها) في اليمن لمدة عام واحد.
وفي الجلسة الثانية استمع المجلس إلى إحاطات بشأن الأوضاع السياسية والإنسانية في اليمن قدمها كل من مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن، “هانس جروندبرج”، ومساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ، “جويس مسويا”، ومنسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، “ديفيد جريسلي”.
قال المبعوث الأممي جروندبرج عبر دائرة اتصال مغلقة بالفيديو، إنه رغم انتهاء مدة الهدنة، فإن اليمن وشعبه “يستشعران منافع أطول فترة من الهدوء النسبي منذ بدء الصراع”، مستشهدا بالتقرير الأممي الأخير عن الأطفال والنزاعات المسلحة الذي أفاد بأن الهدنة قللت الانتهاكات الجسيمة بحق الأطفال بنسبة 40 في المائة. وأثنى على هذا التحسن لكنه أكد أن هناك حاجة للمزيد.
وأشار جروندبرج إلى أنه “إذا أردنا إنهاء هذه الحرب بشكل نهائي، فينبغي لهذه المحادثات أن تحقق إنفراجة جادة”. كما أثنى على الجهود المستمرة للأطراف الإقليمية في دعم تلك المحادثات بما فيها السعودية وسلطنة عمان، علاوة على الدور الذي تلعبه الحكومة الأردنية في استضافة المفاوضات بشأن إطلاق سراح مزيد من المحتجزين.
وحذر جروندبرج من أن الوضع على الأرض “يظل هشا وصعبا”، مشيرا إلى وقوع بعض الاشتباكات على الخطوط الأمامية. وقال إن شرارات العنف المستمرة هذه والتهديد العلني بالعودة إلى القتال على نطاق واسع، تزيد المخاوف والتوترات، داعيا جميع الأطراف لوقف “الأعمال العسكرية والاستفزازية والخطاب الذي يزيد من احتمال وقوع مزيد من التصعيد”.
وأضاف المسؤول الأممي أن هناك صراعا آخر على صعيد السيطرة على الموانئ التي تدر الدخل وطرق التجارة والقطاع المصرفي والعملة والموارد الطبيعية، والذي لا يمكن فصله عن الصراع العسكري والسياسي.
وشدد جروندبرج على أن حرية الحركة في اليمن تشكل تحديا هائلا حيث أجبر إغلاق الطرق المتصل بالصراع آلاف اليمنيين على سلك طرق غير آمنة كل يوم، ورفع من تكلفة نقل البضائع بنسبة 100 في المائة.
وأشار أيضا إلى أن القيود على حرية حركة النساء والفتيات صارت أكبر أثناء الصراع، مضيفا أنه تم التوسع بشكل لافت خلال السنة الماضية في اشتراط تنقل النساء والفتيات برفقة قريب لهم من الرجال، وخصوصا في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
بدورها، أكدت مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ، “جويس مسويا” خلال إحاطتها أمام مجلس الأمن عبر الفيديو، على أن الاحتياجات الإنسانية في اليمن تظل كبيرة في المستقبل المنظور.
وأفادت بأن المنظمات الإنسانية تسعى هذا العام للوصول إلى 17.3 مليون شخص من بين 21.6 مليون يحتاجون إلى مساعدة، مشيرة إلى أن المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء من بين الفئات الأكثر ضعفا ضمن هؤلاء، وأن أعدادهم في زيادة.
واستشهدت بأرقام المنظمة الدولية للهجرة والتي تفيد بأن أعداد المهاجرين الذين وصلوا لليمن في النصف الأول من عام 2023 بلغت 77 ألف شخص، مضيفة أنه وفقا لهذا المعدل، فإنه من المتوقع أن يتضاعف عدد الوافدين مقارنة بالعام السابق.
وقالت المسؤولة الأممية إن التقديرات تشير إلى أن ما يصل إلى 300 ألف مهاجر وطالب لجوء وللاجئ سيحتاجون لمساعدة إنسانية هذا العام، وأوضحت أن أحد المحركات الأساسية لتلك الزيادة الهائلة في الاحتياجات الإنسانية في اليمن، هو الوضع الاقتصادي المتدهور، مشيرة إلى أن تحقيق الاستقرار الاقتصادي يمكن أن يقلل من عدد الناس المحتاجين.
ودعت مسويا إلى ضرورة السماح بنقل البضائع بين جميع أرجاء البلاد، دون عائق، وبذل المزيد من أجل توفير مصادر دخل وتحسين قدرة الناس الشرائية وضمان توفير الخدمات الأساسية.
ونبهت مسويا إلى أن خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2023 لم يتم تمويلها إلا بنسبة 29 في المائة حتى الآن، محذرة من العواقب الوخيمة لهذا الأمر والذي قد يؤدي إلى إجبار الوكالات الأممية على تقليص بعض أنشطتها. وقالت إن أنشطة علاج سوء التغذية التي يوفرها برنامج الغذاء العالمي تغطي 40 في المائة فقط من المطلوب، وإن غياب مساهمات جديدة بحلول سبتمبر يعني أن البرنامج سيُجبر على قطع المساعدات الإنسانية لنحو خمسة ملايين شخص.
كما أشارت مسويا إلى أن أمن العاملين في الأمم المتحدة يظل مبعثا للقلق، داعية إلى إطلاق سراح العاملين في الأمم المتحدة المحتجزين في اليمن وتوفير الحماية لعمال الإغاثة.
من جهته، أكد منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، “ديفيد جريسلي”- عبر الفيديو- أن عملية نقل النفط المزمع القيام بها مازالت تنطوي على مخاطر متبقية، وشكلت الأمم المتحدة وشركاؤها فريقا نشطا لإدارة الكوارث يتخذ من ميناء الحديدة مقرا له، كما جمعت الخبرات والمعدات اللازمة للتحرك في حال وقوع أي حادث.
وأشار “ديفيد جريسلي” إلى أن اللجنة الفنية للناقلة صافر والموجودة في الحديدة، مستمرة في تسهيل العملية، وأن السلطات في صنعاء أصدرت إذنا بنقل النفط من “صافر” إلى النقالة البديلة التي تحمل اسم “نوتيكا”.
وأفاد “ديفيد جريسلي” بأن السفينة تستعد للإبحار من جيبوتي بحيث تبدأ عملية نقل النفط مطلع الأسبوع القادم، والتي ستستغرق أسبوعين. وقال إن إتمام عملية نقل النفط بين السفينتين “ستكون لحظة يتنفس فيها العالم الصعداء”.
أوضح المسؤول الأممي أن ميزانية العملية تقدر بنحو 143 مليون دولار، جمعت منها الأمم المتحدة 118 مليونا من المانحين، مشيرا إلى أنه تبقى هناك حاجة لـ 25 مليون دولار إضافية.
وكان يُخشى أن يؤدي تسرب النفط من صافر إلى تعريض ملايين البشر للتلوث الهوائي، والتسبب في آثار مدمرة على المجتمعات الساحلية، بالإضافة إلى تدمير الشعاب المرجانية وأشجار المنغروف الساحلية وغيرها من الكائنات البحرية في البحر الأحمر.