صفحة جديدة نحو المصالحة..
بقلم – سناء السعيد
اليوم نتساءل هل باتت الفرصة متاحة عن حق لإنجاز المصالحة بين حركتى فتح وحماس فى ظل الوساطة التى قامت بها مصر مؤخرا ومع رعايتها للمحادثات بين ممثلى الحركتين؟، الأيام القادمة ستكشف الحقيقة فيما إذا كانت حماس صادقة فى نواياها، بحيث تلتزم بما تم الاتفاق عليه فى القاهرة ليتم على إثر هذا صياغة مواقف جديدة على طريق التقارب بين الحركتين كى تعيد اللحمة للقضية الفلسطينية، بعد إنهاء تام للانقسام بين الحركتين،
بل سنرى فيما إذا صدقت نوايا حماس وتخلت بالفعل عن الإخوان الفئة الباغية وتخلت بالتالى عن محاولات العبث بالأمن القومى المصرى، لا سيما وقد كانت لها اليد الطولى فى تحريك بؤر الإرهاب فى سيناء ضد جيش مصر العظيم عبر جماعة أنصار بيت المقدس، التى ما لبثت أن أعلنت ولاءها لداعش الإرهابى فى نوفمبر ٢٠١٤، ليصبح اسمها “ولاية سيناء”.
بداية الطريق تتمحور فى أن تشرع حماس بجدية فى تبديد الغيوم التى رانت على علاقتها بمصر الدولة التى رعت القضية الفلسطينية وكانت ومازالت تشكل مظلة تحميها من كافة الأخطار المحدقة بها، ولهذا يتعين على حماس اليوم التوجه بنوايا صادقة لتحقيق المصالحة الحقيقية فى الساحة الفلسطينية بعد المغامرة الحمساوية التى استمرت على مدى السنوات العشر الماضية وكانت بدايتها انقلاب حماس على اتفاق مكة لتصل الأمور إلى ترسيخ الانقسام بين الحركتين، المأمول اليوم أن تبدأ حماس صفحة جديدة مع المسار التصالحى لبناء علاقات جديدة مع القاهرة والتوقف عن التدخل فى الشأن المصرى والتعهد بعدم المساس بأمن مصر، وألا تتحول الحركة إلى ملاذ آمن للمجموعات الإرهابية فى سيناء، بمعنى آخر أن تتخلى حماس عما ارتكبته من موبقات وأخطاء قاتلة عندما التحمت بالإخوان الجماعة التى تمارس الإرهاب على أرض مصر.
اليوم عادت مصر لتمسك بكل مفاصل القضية الفلسطينية، وجاء سعيها كخطوة للانطلاق منها نحو مسيرة التسوية السياسية مع إسرائيل التى ظلت تتنصل منها تحت ذريعة الانقسام الفلسطيني، لقد رحبت الحكومة الفلسطينية بما أعلنته حماس من استجابتها للمبادرة المصرية ووصفت القرار بأنه خطوة فى الاتجاه الصحيح، وبادر المتحدث الرسمى فأعلن أن الحكومة ملتزمة بما تمليه المصلحة الوطنية العليا بإنهاء الانقسام الأسود، واستعادة الوحدة الوطنية ووحدة الصف من أجل ضمان مواجهة التحديات الخطيرة التى تجابه الشعب الفلسطينى وقضيته الوطنية.
يحمد لمصر مبادرتها وما أسفرت عنه مباحثات القاهرة من إنتاج الاتفاق الحالى لإصلاح الاعتوار الحادث بعد أن وصل قطاع غزة إلى وضع مأساوى تنعدم معه سبل الحياة، ولا شك أنه بفضل الجهود التى بذلتها مصر تم التوصل إلى الانعطافة الحالية فى موقف كل من فتح وحماس، لا سيما أن لمصر مصلحة حقيقية فى أن يكون الشعب الفلسطينى واحدا متوحدا، ويظل الأمل اليوم معقودا على أن تصدق النوايا ويقدم الفلسطينيون لشعبهم حلا جذريا عبر حكومة وفاق جاهزة للعمل، وفى ظلها ستعاد الحياة من جديد إلى غزة بعودة الكهرباء، وعودة إرسال المواد الطبية بعد أن تصل حكومة الوفاق إلى القطاع للعمل بشكل كامل، وهنا سيكون الضمان لعدم العودة إلى الوراء بحيث تصبح كل الإجراءات قيد المراجعة، وأن يكون معبر رفح جزءا من مسئولية الحكومة.
يظل إعلان الثقة هنا هو الأساس فى التأكيد على المصالحة الحقيقية ووحدة الشعب الفلسطينى بعد أن تأكد أن القضية الفلسطينية لا تقوم لها قائمة دون تكامل الأدوار بين فتح وحماس؛ إذ إن القضية لا تحتاج إلى حماس أو فتح بمفردها، وإنما لابد من أن يكون الطرفان معا من أجل صياغة روشتة العمل الجديدة لإعلاء شأن القضية الفلسطينية من خلال وحدة الموقف بينهما، وهو ما يتحقق اليوم فى ظل فترة تاريخية وفرتها مصر تؤسس لعقد الحركتين لقاءات ثنائية فى القاهرة يتبعها لقاء شامل يجمع الفصائل للاتفاق على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية والتى بدورها ستشرف على إجراء الانتخابات العامة لتحضر بذلك لمرحلة عمل سياسى فلسطينى جديد...