رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الهجرة النبوية في عيون الشعراء

19-7-2023 | 19:11


صورة مُعبرة

عبدالرحمن عبيد

استقبل العالم العربي والإسلامي اليوم، العام 1445 من الهجرة النبوية الشريفة، وتعد ذكرى الهجرة موضعـًا عزيزًا في قلب ووجدان الأمة العربية والإسلامية؛ ويتم أحياؤها طوال العام وليس فقط في ذلك اليوم المميز، بعدَّة طُرق ووسائل، منها على سبيل المثال لا الحصر: "خُطب الجمعة، القصص المصورة للأطفال، أو عن طريق الرُّسوم المتحركة التي كانت تُقَدَمُ للأطفال"، وللسينما والمسلسلات التلفزيونية كذلك نصيب

وأبرز ما يُميز تلك المناسبة: أبيات قيلت في ذلك الشأن، وعموم الناس يعرفونها بل ويحفظونها، وهي:

 

طَلَعَ البَدْرُ عليْنا           مِنْ ثَنِيَّاتِ الوَدَاعْ

وَجَبَ الشُكْرُ عَلَيْنَا         مَا دَعَا لله داعْ

أيُّها المَبْعُوثُ فِيْنَا         جِئْتَ بالأَمْرِ المُطَاعْ

جِئْتَ شَرَّفْتَ المَدِيْنَةْ     مَرْحبـًا يَا خَيْرَ دَاعْ

 

وبالرغم من شيوع هذه الأبيات على ألسُن العامة من الناس والخاصة، فإنه لم يثبتْ بالدليل القطعي الثبوت قطعي الدلالة، أنَّ هذه الأبيات قد قِيلتْ عند دُخول النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" للمدينة، ومما يُذكر في هذا الشأن ما قاله  الحافظ بن حجر العسقلاني في كتابه فتح البَاري: " وَقَدْ رُوِّينَا بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ فِي الْحَلَبِيَّاتِ قَوْلَ النِّسْوَةِ لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ طَلَعَ الْبَدْرُ عَلَيْنَا مِنْ ثَنِيَّاتِ الْوَدَاعِ فَقِيلَ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ قُدُومِهِ فِي الْهِجْرَةِ وَقِيلَ عِنْدَ قُدُومِهِ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ".

 

لم يخلُ الشعر العربي من قصائد تذكر الهجرة النبوية، فتراث القصيدة العربية يعجُ بالشعراء الذين عُرِفوا بقصائدهم في مدح النبي محمد (ص) عامةً، مثل: "كعب بن أبي زُهير، والإمام البُصيري"، ويعرف الشاعران السالف ذكرهما، بقصيدة البُردة، فلكلٍّ منهما بُردته الخاصة، فبُردة كعب مطلعها: "بانت سُعاد فقلبي اليومَ متبولُ"، بينما بُردة البُصيري التي يميزها عامة المصريين بـ" مولاي صلِ وسَلمْ دائمـًا أبدا.. على حبيبكَ خَيْرِ الخلْقِ كُلِّهمِ"، فمطلعها: "أمِنْ تذكُّرِ جيرانٍ بذي سَلَمِ.. مَزَجْتَ دَمْعـًا جَرى مِنْ مُقْلَةٍ بِدَّمِ"

وفي هذا الصدد وبمُناسبة ذكرى الهجرة النبوية الشريفة، تقدم (الهلال) ثلاث مقطوعاتٍ شعرية، لثلاثةٍ من كِبار الشُّعراء المصريين، وهم: "محمود سامي البارودي، وأحمد شوقي، وحافظ إبراهيم".

 محمود سامي البارودي - رَبُّ السيف والقَلمِ-

 

وَلَم يَزَل سَيِّدُ الكَونَينِ مُنتَصِبـًا                          لِدَعوَةِ الدِّين لَم يَفتر وَلَم يَجِمِ

يَستَقبِلُ النّاسَ في بَدوٍ وَفي حَضَرٍ                   وَيَنشُرُ الدِّينَ في سَهلٍ وَفي عَلَمِ

حَتّى اِستَجابَت لَهُ الأَنصارُ وَاِعتَصَمُوا               بِحَبلِهِ عَن تَراضٍ خَيرَ مُعتَصمِ

فَاِستَكمَلَت بِهِمُ الدُنيا نَضارَتَها                        وَأَصبَحَ الدينُ في جَمعٍ بِهِم تَمَمِ

قَومٌ أَقَرُّوا عِمادَ الحَقِّ وَطَاِصلَمُوا                    بِيَأسِهِم كُلَّ جَبّارٍ وَمُصطَلِمِ

فَكَم بِهِم أَشرَقَت أَستارُ داجِيَةٍ                         وَكَم بِهِم خَمَدَت أَنفاسُ مُختَصِ

 

 حافظ إبراهيم - شَاعِرُ النْيِل-

 

أَطَلَّ عَلى الأَكوانِ وَالخَلقُ تَنظُرُ                        هِلالٌ رَآهُ المُسلِمونَ فَكَبَّروا

تَجَلّى لَهُم في صورَةٍ زادَ حُسنُها                        عَلى الدَهرِ حُسناً أَنَّها تَتَكَرَّرُ

وَبَشَّرَهُم مِن وَجهِهِ وَجَبينِهِ                                وَغُرَّتِهِ وَالناظِرينَ مُبَشِّرُ

وَأَذكَرَهُم يَوماً أَغَرَّ مُحَجَّلاً                            بِهِ تُوِّجَ التاريخُ وَالسَعدُ مُسفِرُ

وَهاجَرَ فيهِ خَيرُ داعٍ إِلى الهُدى                        يَحُفُّ بِهِ مِن قُوَّةِ اللَهِ عَسكَرُ

يُماشيهِ جِبريلٌ وَتَسعى وَراءَهُ                          مَلائِكَةٌ تَرعى خُطاهُ وَتَخفِرُ

بِيُسراهُ بُرهانٌ مِنَ اللَهِ ساطِعٌ                          هُدىً وَبِيُمناهُ الكِتابُ المُطَهَّرُ

فَكانَ عَلى أَبوابِ مَكَّةَ رَكبُهُ                            وَفي يَثرِبٍ أَنوارُهُ تَتَفَجَّرُ

مَضى العامُ مَيمونَ الشُهورِ مُبارَكاً                    تُعَدَّدُ آثارٌ لَهُ وَتُسَطَّرُ

مَضى غَيرَ مَذمومٍ فَإِن يَذكُروا لَهُ                  هَناتٍ فَطَبعُ الدَهرِ يَصفو وَيَكدُرُ

 

أحمد شوقي - أميرُ الشُّعَرَاء-

 

سَل عُصبَةَ الشِركِ حَولَ الغارِ سائِمَةً                 لَولا مُطارَدَةُ المُختارِ لَم تُسَمَ

هَل أَبصَروا الأَثَرَ الوَضّاءَ أَم سَمِعوا               هَمسَ التَسابيحِ وَالقُرآنِ مِن أُمَمِ

وَهَل تَمَثَّلَ نَسجُ العَنكَبوتِ لَهُم                 كَالغابِ وَالحائِماتُ وَالزُغبُ كَالرُخَمِ

فَأَدبَروا وَوُجوهُ الأَرضِ تَلعَنُهُم                      كَباطِلٍ مِن جَلالِ الحَقِّ مُنهَزِمِ

لَولا يَدُ اللَهِ بِالجارَينَ ما سَلِما                        وَعَينُهُ حَولَ رُكنِ الدينِ لَم يَقُمِ

تَوارَيا بِجَناحِ اللَهِ وَاِستَتَرا                             وَمَن يَضُمُّ جَناحُ اللَهِ لا يُضَمِ

يا أَحمَدَ الخَيرِ لي جاهٌ بِتَسمِيَتي                   وَكَيفَ لا يَتَسامى بِالرَسولِ سَمي

المادِحونَ وَأَربابُ الهَوى تَبَعٌ                      لِصاحِبِ البُردَةِ الفَيحاءِ ذي القَدَمِ

مَديحُهُ فيكَ حُبٌّ خالِصٌ وَهَوىً                   وَصادِقُ الحُبِّ يُملي صادِقَ الكَلَمِ

اللَهُ يَشهَدُ أَنّي لا أُعارِضُهُ                   مَن ذا يُعارِضُ صَوبَ العارِضِ العَرِمِ