رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


أمين «البحوث الإسلامية»: النصوص الشرعية ليست قوالب جامدة وإنما حملت توجيها واضحًا

25-7-2023 | 19:10


الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية نظير عياد

شارك الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور نظير عياد في فعاليات الندوة الثقافية التي عقدتها مكتبة الإسكندرية بعنوان: (الثقافة وبناء الإنسان..روح التسامح)؛ ضمن فعاليات البرنامج الثقافي لمعرض مكتبة الإسكندرية للكتاب في دورته ال18، وذلك بحضور د. أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية، د. محمد المحرصاوي رئيس جامعة الأزهر السابق، ود. محمد المهدي أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، والقمص أثناسيوس جورج.

وقال الأمين العام خلال كلمته، إن الترتيب المنطقي للثقافة وبناء الإنسان لابد أن يؤدي إلى إثمار روح التسامح، كما يأتي هذا اللقاء في قلعة من قلاع العلم ومعهد من معاهده العلمية مكتبة الإسكندرية والتي تُعنى عبر تاريخها الطويل بالعمل على إزكاء الوعي الإنساني وزيادة الثقافة من خلال الطرح الجرئ للقضايا المتعددة التي ترتبط بالواقع الإنساني وإشكالياته، حيث جاء العنوان جامعًا لعدة مقدمات منطقية تؤدي إلى نتيجة مهمة نبحث عنها وندعوا من خلال اللقاءات والمؤتمرات والبحوث إليها وهي قضية بناء الإنسان وتثقيفه، مضيفًا أن مقولة العقل السليم في الجسم السليم لا يتأتى إلا من خلال عدة أمور تنسجم فيما بينها لإيجاد إنسان سوي في السلوك والتعامل والهدف والمقصد.

أضاف عياد أن المطالع لنصوص الشرائع السماوية يجد أنها اتفقت فيما بينها على أمور يُنظر إليها في الشريعة الإسلامية على أنها مقاصد كلية أو ضرورات كلية بمعنى أنها يتوقف عليها الحياة، فإذا فقدت كلها أو بعضها أدى ذلك إلى هلاك البلاد والعباد، وهذه الكليات هي الدين والعقل والنفس والنسل والمال، مشيرًا إلى أننا إذا نظرنا إلى نصوص الكتب المقدسة نجد أنها اعتمدت على هذه الكليات، وبالتالي لا غرابة أيضًا أن نجد أنها حرصت على تزكية الإنسان وإعداده إعدادًا جيدًا للتعامل مع هذه الكليات التي يحقق المحافظة عليها التسامح الأمثل من خلال مجموعة من المحاور في بناء إنسان كامل الوجهة مكتمل السلوك سوي الفعل متزن العقل، وهي البناء العَقَدِي، والبناء الفكري، والبناء الروحي، والبناء البَدَني، والبناء العلمي والمعرفي، والبناء الأخلاقي.

أوضح الأمين العام أن المتأمل في نصوص التوراة والإنجيل والقرآن الكريم يقف على  حقيقة مؤداها أن قاسمًا مشتركًا في البناء العقدي جمع بين هذه الأصول؛ حيث اتفقت في أصول عقدية وما دون ذلك من مسائل تتعلق بالتشريعات أو السلوكيات فمرد ذلك إلى طبيعة الحال والزمان والحدث والواقع والإنسان، مضيفًا أن النقطة الثانية البناء العلمي والمعرفي، فالعلم هو أداة التنوير والسبيل الصحيح للفكر المستنير، ولهذا لا غرابة أن الله تعالى عندما يتحدث عن أولى ما يجب على الإنسان وهي المعرفة بالله تعالى ذاتًا وصفاتًا أوقف ذلك على جملة من بينهم العلماء، فقال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، ثم البناء البدني  وهو في غاية الأهمية حيث أكدت الأبحاث العلمية أن الأمراض العضوية تنسحب سلبًا على تفكير الإنسان وسلوكه، مما يؤدي إلى خلل في الوجهة وعدم اتزان في التفكير وظهور سلوكيات غريبة وأفعال شاذة ينتج عنها غياب التسامح.

أشار عياد إلى أن البناء الروحي والبناء الأخلاقي اتفقت عليهما الشرائع السماوية في الأصول؛ حيث اتفقت في أصول العقائد وأصول الشرائع وأصول الأخلاق، والأدلة على ذلك كثيرة منها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، واتفق العلماء فيما بينهم على أن الأعمال التعبدية يلزم عنها هدوء في النفس وسكينة في الفؤاد واستقرار في الوجهة، وهو ما يدفع إلى التعاون الأمثل بين الإنسان وأخيه الإنسان، ويكفينا أن نلقي نظرة سريعة إلى الواقع العملي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وما تلاه من عهود وكيف أن الوقائع أكدت على أن النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك أصحابه كانوا يقومون بالتجاوز عن فعل الآخر والتماس العذر له، مؤكدًا على أن النصوص الشرعية ليست قوالب جامدة وإنما أراد الله عز وجل أن تكون واقعًا مترجمًا في دنيا الناس بين الإنسان وأخيه؛ حيث حملت توجيها واضحًا لما ينبغي أن تكون عليه المجتمعات الإنسانية، وإذا وجد  في واقع الناس ما يعكر مراد هذه النصوص فمرده إلى أخطاء في الوجهة أو بحث لمنفعة شخصية أو قراءة انتقائية لبعض النصوص الدينية أو غير ذلك من الأهواء الشخصية.