رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


أين هي السينما لأؤلف لها؟!.. آراء توفيق الحكيم الصادمة في السينما (حوار نادر)

26-7-2023 | 17:06


توفيق الحكيم ومحمد عبدالوهاب

بيمن خليل

كان للأديب الكبير توفيق الحكيم، رائد المسرح المصري، والذي تحل اليوم الذكرى الـ 36 على وفاته، بعض الآراء، التي اعتبرها البعض آراء صادمة، ومن ضمن آرائه كانت عن السينما وصناعتها في منتصف القرن العشرين.

فقد أدلى توفيق الحكيم بتصريحات عدة حول صناعة السينما، وأنها تتأخر عن كافة الفنون الأخرى في مصر، وكان ينتقد السينما بشكل واضح وصارم، مما أثار ذلك الأمر غضب البعض.

فأرسلت مجلة الكواكب حينها مندوبًا عنها شهد له الجميع بالإنتاج السينمائي الرفيع ليستفسر من «الحكيم» عن ما قاله في السينما ووسائل إصلاحها، من خلال إجراء حوارًا خاصًا، وكان المندوب الموفد من مجلة الكواكب هو الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب، وجمعهما هذا اللقاء في 19 أكتوبر 1954م.

خيال الظل

زار محمد عبد الوهاب توفيق الحكيم في مكتبه بـ دار الكتب، وبعد انتهاء واجب الترحيب، وجه عبد الوهاب سؤاله الأول: «لماذا أنت بعيد عن التأليف للسينما؟.. ونحن في مصر أحوج ما نكون إلى ثمرات الفكر المرتب العميق؟».

 

فأجاب توفيق الحكيم على سؤال عبدالوهاب، باستنكار شديد: وأين هي السينما لأؤلف لها؟! هل يوجد في مصر سينما؟! (إنها خيال ظل) هل تظن يا أستاذ عبدالوهاب أن ما يعرض على الشاشة المصرية الآن قريب الشبه من الفن السينمائي؟ّ إننا نعبث بهذا الفن الرفيع.. نعبث بالصناعة الثانية في مصر لقد دخلها هواة يملكون القليل من المال والكثير من «البجاحة» وعملوا خلطة بين المال القليل والجرأة المكروهة المتزايدة من هذه «الخلطة» الفيلم المصري؟

أين أيام «غرام وانتقام» و«رصاصة في القلب».. هل ظهر فيلمان مثلهما من بين الثمانين فيلما التي تنتج سنويا في مصر؟! لقد كان رائد المنتج قديمًا الاتقان ما أمكن وعدم البخل في النفقات.. أما اليوم فلا شيء من هذا... أنني على استعداد أيها «المندوب النشيط» لتكريس فني وعقلي وتفكيري للتأليف للسينما.. إذا ما أصلح المنتجون إنتاجهم وفهموا رسالة السينما على وجهها الصحيح.

أين التخصص؟

وسأل عبدالوهاب، وما هو العلاج للنهوض بالسينما من كبوتها؟

فأجاب توفيق الحكيم: يجب أن يفرض نظام «التخصص» فلا يندمج المنتج والمخرج والممثل الأول ومؤلف القصة ومؤلف الحوار في شخص واحد، إن في أمريكا مؤلفا واحدا للقصة، وإدارة قائمة بذاتها للحوار بها عشرات من «الفطاحل المتخصصين»، ويوجد هناك أيضًا فرع لكتابة «النكتة» التي تتخلل الحوار.. وذلك إلى جوار المخرج القدير فالتخصص واجب.

ثم لا يجب أن يكون الإنتاج «كلفتة» و«سلق بيض»، بمعنى أن ينتهي المخرج من إنتاج الفيلم في خمسة عشر يوما، كما يحدث اليوم، بحجة أن ايجار الاستديو «يكلف المنتج غاليا».

ويجب أن يدرس الممثل دوره جيدًا ولعدة شهور، وأن يعيش في جو القصة ويعرف كل دقائق الرواية.. دوره ودور غيره أيضًا.. لا أن يدخل البلاتوه دون أن يعرف في أي رواية سيمثل وأي دور سيقوم به وأي كلام سيقوله، ويكتفي بأن يعرف شيئًا واحد هو أن المنتج الفلاني وقع معه عقدا بكذا جنيه ليلقيه في البلاتوه الفلاني كذا وكذا.. ويجب أخيرًا أن يكون المخرج رجلا يفهم دقائق فنه، لا أن يكون قد دخل مهنة الإخراج من باب الفهلوة أو من باب عدم وجود وظائف أخرى.

 

على الحكومة أن تتدخل

وهنا قال «المندوب النشيط» محمد عبدالوهاب: وأنا أرى أيضًا أن تتدخل الحكومة لحماية صناعة السينما في مصر، أنها تتدخل لحماية الكستور المحلي والأكواب والجوارب و... ولا تتدخل لحماية صناعة السينما في مصر.. وتعتبر استيراد الأفلام الخام وآلات السينما من الكماليات مثلها مثل «الروج» والشرابات النايلون، يجب أن تتدخل الحكومة بفرض ضريبة على الأفلام الأجنبية وأن يكون للأفلام المصرية الأولوية في دور العرض.

كذلك يجب أن تلغي الحكومة أو في القليل تخفض من القيود المالية بين مصر والدول العربية وأن تساعد على فتح أسواق ثابتة للفيلم المصري في هذه البلاد باطلاق حرية تداول النقد فيما يتعلق بتجارة الأفلام المصرية في البلاد العربية.. لأن المنفس الوحيد للفيلم المصري هو في هذه الأسواق العربية، وكذلك يجب على الحكومة فتح هذه الأسواق بإجراء تسهيلات وعروض سخية في هذه البلاد.. هذا هو واجب الحكومة لكي تنتعش الأفلام المصرية.

 

افتحوا له الأسواق

وتابع محمد عبدالوهاب حديثه: وثق يا أستاذ توفيق أنه إذا شعر المنتج المصري أن فيلمه يجد سوقًا رائجة في البلاد العربية وأنه سيدر عليه دخلا محترما فهو لن يتردد في الإنفاق عن سعة في سبيل إنتاج فيلم كامل تفخر به الصناعة وتفخر به البلاد.

لقد أنفقت سبعين ألفا من الجنيهات على فيلمي «رصاصة في القلب» وإنني إلى اليوم أتلقى دخلا محترما منه.. لأنه متقن ‘لى حد كبير على الرغم من مرور سبع سنوات على ظهوره على الشاشة.. وهذا يحفزني إلى الدعوة إلى الاتقان وعدم الخوف و«الكششان»  من الاتقان لأن ما سينفق سيجئ مضاعفًا.

وهنا قال توفيق الحكيم: (طيب لما انتا كده.. جاي تاخد مني حديث ليه.. ما هو أنت فاهم المسألة كويس).