مسيرات إيران في طريقها إلى أمريكا اللاتينية.. وتوتر بواشنطن
أبدت دول جديدة في أمريكا اللاتينية رغبتها في شراء طائرات مسيرة من إيران، من بينها بوليفيا التي أظهرت اهتماما بهذه المسيرات.. فيما حذّرت الولايات المتحدة من أن الدخول في اتفاقات دفاعية مع طهران قد يؤدي إلى "زعزعة الاستقرار" في المنطقة.
وبرزت إيران - خلال السنوات الأخيرة - لاعبا رئيسيا في سوق صناعة المُسيرات، وسط تقارير عن تزويدها دولاً إفريقية بهذه الطائرات، وأخيراً روسيا، بالإضافة إلى تزويد فنزويلا منذ عام 2007 بالمسيرات.
وتستعد بوليفيا لتصبح ثاني دولة في أمريكا اللاتينية تستخدم المسيرات الإيرانية، بعد فنزويلا، وذلك على خلفية توقيع وزيري الدفاع البوليفي إدموندو نوبيو أجيلار والإيراني محمد رضا آشتياني، على مذكرة تفاهم للتعاون الدفاعي والأمني بين البلدين، في 20 يوليو الماضي، وفق شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية.
وأعرب وزير الدفاع الإيراني - عقب التوقيع - عن رغبة بلاده في تعزيز حضورها في أمريكا اللاتينية، إذ قال إن "أمريكا الجنوبية هي منطقة بالغة الحساسية وتحظى بأهمية خاصة في سياسة إيران الخارجية والدفاعية"، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية "تسنيم".
وقال: "نظراً إلى احتياجات بوليفيا في مجالات الدفاع عن الحدود ومكافحة تهريب المخدرات، حاولنا التفاعل مع هذا البلد في مجال المعدات الدفاعية، ويمكن أن يكون هذا التعاون نموذجاً لدول أخرى في أمريكا الجنوبية".
وأثار الاتفاق الدفاعي، قلق الأرجنتين، التي تتشارك حدوداً مع بوليفيا تمتد على مسافة 773 كيلوميتر، وتتهم إيران بالوقوف وراء الهجوم على مركز يهودي في بوينوس آيرس عام 1994، أسفر عن سقوط 85 شخصاً.
وبحسب وكالة "أسوشيتد برس"، فإن وزارة الخارجية الأرجنتينية بعثت مذكرة إلى السفارة البوليفية في بوينس آيرس في 25 يوليو الماضي، تطلب فيها معلومات “بشأن نطاق المناقشات والاتفاقات المحتملة التي تم التوصل إليها" بين إيران وبوليفيا.
جاء ذلك بعدما حذرت منظمة "DAIA" التي تدافع عن الطائفة اليهودية في الأرجنتين، من أن الاتفاق يشكل "مخاطر على أمن الأرجنتين والمنطقة".
وأكد وزير الدفاع البوليفي إدموندو نوبيو - بعد يوم من طلب الأرجنتين لمعلومات عن الاتفاقية الأخيرة - أن بلاده ترغب في الحصول على مسيرات إيرانية لحماية حدودها ومكافحة تهريب المخدرات.
وقال نوبيو - بحسب ما نقلت "أسوشيتد برس" في حديث للصحافة - إن بوليفيا "مهتمة بالحصول على تكنولوجيا الطائرات المسيرة الإيرانية لحماية حدودها ومكافحة تهريب المخدرات".
ورفض وزير الدفاع البوليفي مخاوف الأرجنتين من الاتفاق الدفاعي بين بوليفيا وإيران، قائلاً إنها "مبالغ فيها"، مضيفاً أن مصدر تلك المخاوف من "مشرّع في الأرجنتين من أصول إسرائيلية".
من جهته، حذّر خورخي فوري، وزير الخارجية الأرجنتيني السابق من "انتشار عملاء الاستخبارات الإيرانيين في بوليفيا"، بذريعة المساعدة على محاربة تهريب المخدرات، مرجحاً أن يشكل ذلك تهديداً للأرجنتين.
وقال فوري - في تغريدة على تويتر، الذي أصبح أسمه إكس - إنه "يجب أن يظل الأرجنتينيون يقظين ويراقبون وجود عملاء إيرانيين في بوليفيا، بحجة التعاون في قضايا تهريب المخدرات، من المرجح أن ينخرطوا في أنشطة استخباراتية قد تؤثر على الأرجنتين".
وحاولت إيران - حسبما أورد موقع (الشرق) الإخباري، التابع لشركة الشرق للخدمات الإخبارية المحدودة، والمملوكة لـ"المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق" - بعث رسالة طمأنة إلى الدول المتوجسة من اتفاقها الدفاعي مع بوليفيا، مشددة على أن الاتفاق غير موجه ضد أي بلد في المنطقة.
وقال المتحدث بإسم وزارة الخارجية الإيراني ناصر كنعاني - في إفادة صحفية - إن "المسؤولين البوليفيين أبلغوا جيرانهم بالاتفاقات مع إيران".
وأضاف أنه "تم وضع الاتفاقية مع بوليفيا بناءً على طلب ذلك البلد للمساعدة في مكافحة تهريب المخدرات"، مشدداً على أن "الاتفاق المشترك لم ولن يشكل أي خطر على البلدان الأخرى في المنطقة".
واعتبر أن "إيران تعمل بالتعاون مع دول أميركا اللاتينية على أساس المعايير القانونية وضمان مصالحها الوطنية"، مشيراً إلى أنه "لا ينبغي لأي دولة أن تنزعج من تعاون البلدين في مكافحة المخدرات"، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا".
وفي المقابل، اعتبرت الولايات المتحدة أن الدخول في اتفاق دفاعي مع إيران قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة، مشيرةً إلى أنها تراقب مساعي إيران لتوسيع حضورها في أمريكا اللاتينية.
وعلق منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي الأمريكي في البيت الأبيض جون كيربي على رغبة بوليفيا في الحصول على مسيرات إيرانية، بالقول إن الولايات المتحدة "قلقة إزاء صادرات أي تكنولوجيا إيرانية مزعزعة للاستقرار".
وأضاف كيربي - في مقابلة مع إذاعة "Voice of America " - أن واشنطن "فرضت العديد من العقوبات على إيران، بعضها مرتبط بدعمها المباشر لروسيا وبصادرات تكنولوجيا الطائرات المسيرة إلى موسكو".
وتابع: "نحض كل الدول، أينما كانت، على التفكير ملياً قبل الدخول في أي اتفاقات دفاعية مع دول مثل إيران".
وفي السياق، أكد نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية فيدانت باتل، السبت الماضي، أن الولايات المتحدة "تراقب عن كثب أي مساع من جانب إيران لتوسيع وجودها في هذه المنطقة".
وأضاف باتيل - في إفادة صحفية - أن واشنطن "تتعامل بجدية مع اهتمامات الدول الأخرى في إقامة شراكات عسكرية أعمق مع إيران، أو الحصول على طائرات بدون طيار إيرانية الصنع"، من دون أن يذكر بوليفيا.
وبحسب أنيكا جانزفيلد - وهي محللة إيران في مشروع التهديدات الحرجة في معهد "أميريكان إنتربرايز" - فإن إيران تسعى لتعزيز موطئ قدم لها في أميركا اللاتينية، لا سيما من خلال تعزيز التفاعلات الاقتصادية وربما السعي إلى صفقات أسلحة".
وتراوحت العلاقات بين إيران ودول أمريكا اللاتينية - منذ بداياتها في القرن الماضي - بين تطور وتوتر، وكان ذلك مدفوعاً بسياسات وتحالفات عالمية وأخرى إقليمية.
ومنذ بداية القرن الحالي شهدت تلك العلاقات تحولات جديدة، متأثرة برغبة طهران في توسيع نفوذها وتحقيق تعاونٍ أكبر مع بعض الدول اللاتينية، بينما تتابع الولايات المتحدة هذا التوسع بحذر.
وبرزت المساعي الإيرانية في توسيع نفوذها في المنطقة بشكل لافت في يونيو الماضي، حين أجرى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي جولة إلى أمريكا اللاتينية شملت فنزويلا ونيكاراجوا وكوبا، وأسفرت عن توقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية.