في حوار نادر لها مع مجلة الكواكب.. هند رستم تهاجم سينما الثمانينيات
جاءت الثمانينيات مظلمة على الفنانة القديرة هند رستم، والتي رحلت عن عالمنا في مثل هذا اليوم عام 2011، بعد أن اختفت عن الأنظار، وبدى حضورها على الساحة الفنية ضئيلًا وهامشيًا، ما دفع الصُحف والجرائد والمجلات، لعمل لقاءات صحفيةٍ معها، تجيب بها "مارلين مونرو الشرق" على الأسئلة التي تحيك في صدر معجبيها.
واستجابةً للوضع الراهن آنذاك، أجرت الكواكب معها حوارً نُشِرَ في عددها 1328 الصادر في 11-3-1980، تضمن عدَّة محاور: "شخصية وفنية واجتماعية"، أجابت عنها الفنانة الراحلة بكل وضوحٍ وصراحة في القول.
وإلى نص الحوار:
هناك أزمة في النص السينمائي
_ ما هو سرُ ابتعادكِ عن السينما في الفترة الأخيرة واحتجابكِ عنها؟
: "إن السينما المصرية لازم تكون أحسن من كده بكثير من ناحية الإمكانيات ومن ناحية الأستوديوهات.
كما أن دُور العرض في مصر مزعجة إذ يجد المُشاهد نفسه جالسًا في الظلام فوق كرسي مزعج وغير مريح.. وكنت أتمنى أن تكون سينما عام 80 مرحلة جديدة في تاريخ السينما المصرية وانطلاقة فنية ولا بُدَّ أن تقفَ الحكومة موقف المساعدة من قطاع.. السينمائيين والمنتجين ويتمثل ذلك في قطاع هيئة السينما إذ لا بُد من الدراسة العِلمية والتخطيط الدقيق، فهما أساس كل عمل فني ناجح، وأرى أن هُناك أيضًا أزمة في النص السينمائي.. لا يوجد في مصر مخرجون على مستوى عالمي وكذلك النجوم.. إنما الإمكانيات هي التي تقف عقبةً في وجه تطورنا السينمائي كما أن عملية خنق الأفلام في العُلب عملية مُزعجة بالنسبة للفنان.. كما يؤلمُني حقًا -مدينة السينما- وعندما يتبادر إلى ذهنِ المُشاهد كلمةُ مدينة السينما- يظُن أنها مدينة متكاملة.. يجد فيها المنتج والمخرج والممثل كل شيء تحت يده.. على غرار المدن السينمائية في الخارج..
ثم توضح رأيها في مدينة السينما قائلةً: لكنها في الحقيقة عبارة عن مكاتب ومبنى، والفنان في هذه الحالة مُقيد.. ولابُدَّ من ثورة حقيقية تحتاجها ستديوهاتنا.. وكنت أتخيل السينما في مصر-حقيقة- تكون وجه مصر الحضاري والثقافي، والفنان لابُد أن يكون مرتاحًا نفسيًا، وتكون الخلفيات التي يعمل فيها مُريحة حتى يمكنه أن يعطي أكثر، ولابد من وضع قانون يحترم بمقتضاه الفنان عمله وينظم العَلاقة بينه وبين المخرج والمنتج؛ لأنني أُخاطب كل العقليات وكل المستويات فلابُد بالتالي من أن أخدم هذا العمل".
فخورةٌ بها إلى أبعدِ الحدود
_هل استطعت تحقيق كل أمانيكِ وأحلامكِ؟
: "في الحقيقةِ لم أُحققْ كلَّ أحلامي في السينما وكل يومٍ يتعلم الفنان شيئًا جديدًا، والحمد لله لقد حققتُ أشياء كثيرةً منها – ابنتي التي استطعتُ أن أربيها تربية سليمة في حياتها وبالتالي فأنا فخورة بها إلى أبعد الحدود".
أشعر بالرضا والقناعة
_ كل الدلائل تُشير إلى استقراركِ وسعادتكِ الأُسريَّة، ما سرُ هذه العادة؟
: "بالنسبة لحياتي مع زوجي الدكتور محمد فياض، فهو زوج وطبيب ناجح ويكفيني معاملته الإنسانية الرقيقة لي ولابنتي.. فهو بروح الأب وحنانه يحنو علينا وهو بالنسبة لي – الأب والصديق والحبيب تعلمت منه الهدوء واحترام الناس، وكانت هناك فترة من حياتي كنت فيها عصبية ولكنه استطاع التخفيف من حدَّة هذه العصبية، وتعلمت من طباعه الكثير فهو منظم في حياته الخاصة وأشعر بأنني أضحي كثيرًا من أجل عمله.. الذي يأخذ كل ووقته، ولكنني سعيدة وأشعر بالرضا والقناعة".
التلفزيون في حاجةٍ إلى تغير
_التلفزيون أقرب إلى قلوب المشاهدين، لماذا لا نرى لكِ أعمالًا على شاشة التلفزيون؟
: "أشعر أن التلفزيون عندنا لا يُقدر الفنان من الناحية المادية بينما التلفزيون في دول أخرى يُعطى الفنان حقه، والتليفزيون في حاجة إلى تغيير بالرغم من أني لا أُنكر أنه قدَّمَ كثيرًا من الأعمال الفنية العظيمة، كما أنني أحب أن أنبه أيضًا إلى أن برامج الأطفال يجب أن تكون على مستوى علمي مدروس وذات مغزى تربوي في نفس الوقت، ويهمني المادة التي تُقدم للطفل.. فيجب أن نعلمه قيمة من القيم، ونزرع فيه الفضيلة والأخلاق الحميدة، كما آمل أن يهتم التلفزيون بالبرامج الدينية التي تزرع القيم داخل وجدان الإنسان المصري، والناس في حاجة إلى هزة من الناحية الدينية حتى تنتشر أشعة النور ونور الفضائل، والبرامج الدينية إحدى الوسائل التي تحمل الكلمة الشريفة إلى الشاهد".
الإنتاج ليه ناس قدرين عليه؟!
_لماذا لم تُفكري في الإنتاج السينمائي؟
: "فكرة الإنتاج السينمائي بالنسبة لي مُستبعدة، وأنا لا أحب التجارة و في اعتقادي أن الأدوار التي تأتي إلى الممثل تزيده من الناحية الفنية مهما كان الدور، «الإنتاج ليه ناس قادرين عليه»".
كوني مجاملة
_هند رستم الناقدة ماذا تقول لهند رستم الفنانة؟
: "أهمس إليها بقولي.. لازم تكوني قريبة من الناس مش كلهم وحشين بل بالعكس معظمهم ممتازين، وأقول لها حدي شوية من صراحتك، وكوني مجاملة.. وكوني في نفس الوقت حريصة شوية من كده، وحدي من ثقتكِ الزائدة باللي حواليكي".
حب على جبين السينما المصرية
_أخر أخباركِ الفنية؟
: لقد رفضتُ العمل في أكثر من خمسة أفلام عرضها عليَّ المخرج حسن الإمام، رغم تقديري له فهو أستاذي ومُعلمي، وإنما كان أخرها "ابن مين في المجتمع" الذي تغير اسمه إلى "حياتي عذاب" وأتمنى أن أقدم أدوارًا جديدة إلى السينما حتى أستطيع أن أتأكد بأنه: حبٌ على جبينِ السينما المصرية".